اعتبر خبراء ومراقبون أن الاستقالات المتلاحقة من حزب «النور» السلفى نتج عن إحساس بعضهم بأن العمل السياسى لا يضيف إلى خدمة الدين، واعتقادهم أن العمل الحزبى الذى يغلب المصلحة الشخصية والحزبية يضر بدورهم الدعوى، متوقعين تزايد الاستقالات داخل الحزب. بينما اعتبر حزب «النور» أن تلك الاستقالات ضجة من البعض لمحاولة زرع الفتنة وتحقيق الشهرة على أكتاف الآخرين.
وشهد حزب النور خلال الأيام القليلة الماضية جملة استقالات أبرزها هشام أبوالنصر، أمين الحزب بالجيزة، والذى أكد عودته إلى العمل الدعوى، وسبقه النائب والمحامى نزار غراب، وعدد من الشباب آخرهم رحاب صبرى، أحد المنسقين الإعلاميين بالحزب.
وقال الدكتور عمار على حسن، الخبير فى ملف الحركات الإسلامية، إن حزب «النور» ورد حديثا على العمل السياسى وهو يظن أن الأمر سهلا فى تحقيق ما يريد ويصل إلى السلطة فى قفزة واحدة، مؤكدا أن أعضاءه فوجئوا بأن الأمور تتحول بعيدا عما يسمى بـ«الدليل الشرعى» الذى يرجعون إليه فى كل كبيرة وصغيرة، ولم يدركوا من البداية أن السياسة تختلف لأنها قائمة على المصلحة والحلول الوسط».
وأرجع حسن بعض هذه الاستقالات إلى تهميش البعض وعدم حصولهم على مناصب مرموقة بالحزب، فضلا عن الاعتراض على طريقة أداء الحزب داخل البرلمان وخارجه، مؤكدا أن معظم أعضاء الحزب يعملون فى مجال الدعوة وأدركوا أن العمل السياسى ليس له دور فى تعظيم عملهم الدعوى.
وأضاف عمار «المستقيلون أدركوا أنهم لن يخرجوا من العمل السياسى بشكل نظيف بعد الدفاع عن مصلحة الحزب»، متوقعا مزيدا من الاستقالات خلال الفترة المقبلة، بل ذهب إلى إمكانية حدوث انشقاقات داخل الحزب، وتكوين أحزاب جديدة من تلك المجموعات، مشيرا إلى أن تلك هى طبيعة الحركات والتنظيمات العقائدية.
ومن جانبه، قال الدكتور كمال حبيب الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، إن بنية حزب «النور» ضعيفة فهى قائمة على أساس العاطفة، موضحا أن الحزب أنشأ من خلال مجموعات سلفية لديها أفكار متباينة إلا أنهم تكتلوا بدافع عاطفى كجزء من تحقيق المشروع الإسلامى دون وجود لوائح تضبط تلك العلاقات داخل الحزب. وأرجع حبيب سبب هذه الاستقالات لانخراط الحزب فى الشأن السياسى وعدم الالتفاف للدفاع عن تطبيق الشريعة الإسلامية وعدم اتخاذ موقف لتأييد حازم صلاح أبوإسماعيل خلال الانتخابات الرئاسية، وأيضا توقع مزيدا من الاستقالات خلال الفترة المقبلة من الحزب.
وقالت مصادر بالحزب، طلبت عدم الكشف عن هويتها، إن عددا من أعضاء الحزب أبدوا اعتراضهم على سياساته خلال الفترة الأخيرة، وأرادوا أن تصل رؤيتهم وآراءهم للقيادات، بتقديم هذه الاستقالات. وأضافت المصادر أن أهم الاعتراضات كانت انشغال «النور» بالعمل السياسى والحزبى على حساب الدفاع عن تطبيق شرع الله، واحتدمت الأزمة برفض الحزب تأييد أبو إسماعيل خلال سباق الانتخابات الرئاسية باعتباره المرشح الوحيد الذى أعلن صراحة منذ وقت مبكر تطبيق الشريعة الإسلامية، وهو ما دفع أمانة الجيزة لإعلان تأييدها لأبوإسماعيل بشكل شخصى قبل إعلان الحزب موقفا رسميا من دعم أحد المرشحين، واعتبر البعض أن هذا الإعلان محاولة للضغط على الحزب وتهديدا بالانفصال عنه.
وتعجبت المصادر ذاتها من رفض قيادات الحزب دعم أبوإسماعيل على الرغم من معرفتهم بأن عددا كبيرا من شباب السلفيين والنور ضمن حملة أبوإسماعيل.
واعتبر محمد نور المتحدث باسم حزب النور، أن الضجة التى صاحبت تقديم عدد من أعضاء الحزب استقالاتهم محاولة لزرع الفتنة فى الحزب، قائلا: «من العيب أن يحاول بعض المجهولين تحقيق شهرة على أكتاف الآخرين، فهم لا يمثلون إلا أنفسهم».
وشدد نور على «أن الحزب لا يستجيب لضغوط الأفراد ويمارس العمل السياسى بشكل صحيح، وهؤلاء ليس لديهم معرفة بصنع القرار أو العمل الحزبى والجماعى».
وقال رحاب صبرى أحد المستقيلين لـ«الشروق» إنه تقدم باستقالته احتجاجا على التصريحات الاستفزازية والسلبية التى أطلقها نادر بكار، المتحدث باسم الحزب بشأن قضية جنسية والدة حازم أبوإسماعيل، موضحا أنه كان لابد أن تخرج هذه التصريحات بشكل منضبط.