تشير الدراسات الاجتماعية إلى أن أكثر ما يثير فخر الانسان هو أطفاله. معظم الآباء يحصرون حياتهم كلها في تحضير مستقبل أطفالهم باعتباره المشروع الأول في حياتهم. وكأي مشروع فإن جزءاً مهماً من النجاح هو المقارنة مع الآخرين، أو بكلمات أخرى التنافس مع الوسط المحيط.
لكن هل هذه الطريقة طبيعية وسليمة أم أنها جاهلة وغبية؟
للأسف الخيار الثاني هو الصحيح، التربية التنافسية هي تربية جاهلة ومدمرة للطفل ولمستقبله معاً. فائدتها الوحيدة هي إرضاء غرور بعض الآباء من خلال تحقيق ما لم يستطيعوا الوصول إليه عبر أطفالهم.
أخطر ما في التربية التنافسية أنها تعود الطفل على الابتعاد عن الآخرين أو التقرب منهم فقط للوصول إلى غاية معينة بهدف كسب منافسة محددة. فالطفل الذي يعيش تحت وطأة ضغط أهله لكي يحقق دوماً نجاحاً أكثر من رفاقه، أقاربه أو جيرانه يصبح طفلاً تعيساً مع مرور الوقت. فالتنافس يتطلب الحذر والحيطة من الآخرين كما أنه يمنع الشعور بالسعادة لنجاح الآخرين.
هذه النقطة الأخيرة هي أهم شيء في الموضوع. الطفل والانسان بشكل عام هو كائن اجتماعي لا يمكنه أن يعيش بمعزله. حتى أكثر الناس عزلة لا يمكنه أن يعيش بعيداً عن إخوته وجيرانه. عدم القدرة على السعادة لنجاح الآخرين بسبب التنافس الدائم معهم يقضي على كل فرصة بإقامة علاقات ودية في المجتمع.
تشير الدراسات المهنية إلى الأشخاص الذين يتمتعون بوضع معاشي ووظيفي جيد هم الأشخاص الذين لديهم معدل ذكاء اجتماعي عالي. هؤلاء الأشخاص يقودون في غالب الأحيان أشخاصاً يتمتعون بذكاء عقلي كبير وبذكاء اجتماعي محدود.
الأهم هو أن تحريض الأهل أطفالهم على التنافس مع كل شيء حولهم لا يمكن أن يزيد ذكائهم العقلي. فالامكانات العقلية للطفل تتعلق بأمور كثيرة بعضها وراثي. بالمقابل التربية التنافسية تحطم كل نوع من الذكاء الاجتماعي عند الطفل حتى الوراثي منه.
إن كان هناك من نصيحة يمكن اسداؤها لكل الآباء: علموا أطفالكم حب الآخرين واجعلوهم يتحلون بروح تعاونية رياضية أبعد ما تكون عن التنافسية. أما مستقبلهم فدعوه لهم، هم أقدر منكم على امتلاك سبل النجاح في حياتهم.