على عكس المتوقع أعادت الانتخابات التشريعية الجزائرية تموضع جبهة التحرير
الوطنى التى ينتمى إليها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وانتهى بذلك حلم
الجزائريين فى أن يصل إلى محطتهم قطار الربيع العربى، فالوضع بعد
الانتخابات التى أجريت الخميس الماضى شبيها للوضع قبلها، فالجبهة حافظت على
سيطرتها وحصلت على 220 مقعدا فى البرلمان من أصل 462 مقعدا، فيما اكتفى
الإسلاميون بـ 59 مقعدا فقط، رغم أن كثيرين توقعوا قبل أجراء الانتخابات
فوزا كاسحا لإسلامى الجزائر على غرار ما حققه نظرائهم فى مصر وتونس
والمغرب.
النتائج التى انتهت إليها الانتخابات تؤكد أن الجزائر لازالت تمثل
الاستثناء على القاعدة العربية، فالجزائر رغم أنها تلقت بسعادة نتائج ما
انتهت أليه الثورات العربية، إلا أنهم ساروا عكس الاتجاه، ففيما كان
الكثيرون ينتظرون تغييرا حقيقا نابعا من داخل صناديق الانتخاب، جاءت
النتيجة عكسية، وظهر الجزائريون فى مظهر مخالف للصورة التى أخذها العالم
الخارجى عنهم، فهم تأثروا بالربيع العربى، لكن تأثيرهم هذا لم يتحول لواقع
مادى ملموس.
فى مقابل هذه الصورة التى حاول البعض رسمها لاستسلام الجزائريين لواقع
الانتخابات، هناك من يرى أنه رغم اعتراف الكثيرين فى داخل الجزائر وخارجها
بنزاهة هذه الانتخابات، إلا أن نتائجها قد تكون بداية لإرهاصات ثورة شعبية،
شبيها بما حدث فى مصر، مع العلم أن الانتخابات البرلمانية المصرية التى
أجريت قبل ثورة 25 يناير شابهها تزوير فاضح، لكن يرى هؤلاء أن الربط بين
الحالتين المصرية والجزائرية قد يكون صوابا، خاصة أن المعارضة بدأت تتحرك
فى اتجاه تأليب الشارع الجزائرى على النظام الحاكم، ويقود هذه المعارضة
التيار الإسلامى الذى يحاول حاليا التوحد فى جبهة واحدة يستطيع من خلالها
إسقاط نظام بوتفليقة.
إرهاصات الثورة الجزائرية يقرأها المراقبون من تصريحات المعارضة الجزائرية
المتواترة خلال اليومين الماضيين، ومنها ما قاله رئيس حزب العدالة والتنمية
الإسلامى المتشدد عبد الله جاب الله أمس الأول بأنه سيسعى لاعتماد الخيار
التونسى من أجل التغيير فى الجزائر، بعد فشل الإسلاميين فى الانتخابات،
ورغم أن جاب الله لم يدعو صراحة إلى الثورة الشعبية، إلا أن تهديده قد يكون
مؤشرا على حراك جزائرى متوقع، خاصة أنه أردف تهديده هذا بقوله "نحن لا
نعترف بهذه النتائج لأنها تشكل عدوانا على إرادة الأمة وتؤسس لحالة من اللا
أمن واللا استقرار".
منتدى شباب وبنات دمياط