الصلاة عماد الدين،من أقامها فقد أقام الدين،ومن تركها فقد هدم الدين،وهي العبادة اليومية لكل مسلم يدخل بها على ربه كل يوم خمس مرات في صلة وثيقة،وارتباط عميق،وولاء كامل،مناجيا خالقه مقبلا عليه إقبال العبد الفقير على سيده الغني الكبير،مستمدا منه المعون والرحمة والهداية والعطاء،قائما وراكعا وساجدا بين يديه في لحن سماوي خالد. تتجاوب مع أصدائه جنبات الكون كله ليصبح للمسلم معبدا ومصلى يرجّع معه ذكر الله عز وجل {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (44) سورة الإسراء. {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} (41) سورة النــور 41.
هذه هي الصلاة التي أرادها الله عز وجل ووصفها رسول الله r،فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتعالى:إِنَّمَا تُقْبَلُ الصَّلاةُ مِمَّنْ تَوَاضَعَ بِهَا لِعَظَمَتِي،وَلَمْ يَسْتَطِلْ عَلَى خَلْقِي،وَلَمْ يَبِتْ مُصِرًّا عَلَى مَعْصِيَتِي،وَقَطَعَ نَهَارَهُ فِي ذِكْرِي،وَرَحِمَ الْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالأَرْمَلَةَ،وَرَحِمَ الْمُصَابَ،ذَاكَ نُورُهُ كَنُورِ الشَّمْسِ،أَكْلؤُهُ بِعِزَّتِي،وَأَسْتَحْفِظُهُ مَلائِكَتِي،أَجْعَلُ لَهُ فِي الظُّلْمَةِ نُورًا،وَفِي الْجَهَالَةِ حِلْمًا،وَمَثَلُهُ فِي خَلْقِي كَمَثَلِ الْفِرْدَوْسِ فِي الْجَنَّةِ ". رواه البزار[1].
وهي آخر وصية وصّى بها رسول الله rأمته وهو يفارق هذه الدنيا لاحقا بالرفيق الأعلى،فعَنْ أَنَسٍ قَالَ:كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ rحِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ:الصَّلاَةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ الصَّلاَةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللهِ rيُغَرْغِرُ بِهَا صَدْرُهُ،وَمَا يَكَادُ يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ[6].
وهي أول صفات المتقين:{ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} البقرة 2-3.
وهي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر،فعَنْ أَبِى سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ -r- يَقُولُ « إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاَةِ ».رواه مسلم[7].
وعن جَابِرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ: " بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ "[8] .
الإقبال على الصلاة برغبة ومحبة،وبهمة ونشاط،وبشوق لمناجاة الله عز وجل. قال تعالى:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} (152) سورة البقرة
تحسين الهيئة قبل الدخول في الصلاة،باختيار الملابس النظيفة والتعطر والتسوك.
قال تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (31) سورة الأعراف.
قضاء الحوائج الهامة والأعمال الضرورية قبل الصلاة،لتفريغ القلب مما سوى الله عز وجل.
الدخول في الصلاة بتوجه القلب إلى الله عز وجل،وسكون الأطراف والجوارح،ولزوم التواضع والخشوع بين يدي الله تعالى،والتذلل والهيبة والخضوع لعظمة الله عز وجل،قال تعالى:{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} المؤمنون.
تجنّب الالتفات والشرود،والضحك والعبث بالثوب أو باليدين أثناء الصلاة.
تحصيل ثمرات الصلاة من ذكر الله على الدوام،ومراقبته وخشيته في جميع الأحوال،والانتهاء عن الفحش في القول،والمنكر في العمل،قال تعالى:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (14) سورة طـه.