آداب الرؤيا
فضل الرؤيا الصالحة:
عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - r- يَقُولُ « لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الْمُبَشِّرَاتُ ».قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ « الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ ».أخرجه البخاري[1].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - r- قَالَ « الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ »[2] .
أقسام الرؤيا:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،أَنَّ النَّبِيَّ rقَالَ:إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ،لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ،وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا،أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا،وَالرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ.[3].
وعن مُحَمَّدَ بْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - r- « إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ،وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ.» قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَقُولُ هَذِهِ قَالَ وَكَانَ يُقَالُ الرُّؤْيَا ثَلاَثٌ حَدِيثُ النَّفْسِ،وَتَخْوِيفُ الشَّيْطَانِ،وَبُشْرَى مِنَ اللَّهِ،فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلاَ يَقُصُّهُ عَلَى أَحَدٍ،وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ.قَالَ وَكَانَ يُكْرَهُ الْغُلُّ فِى النَّوْمِ،وَكَانَ يُعْجِبُهُمُ الْقَيْدُ،وَيُقَالُ الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِى الدِّينِ.متفق عليه[4]
عدم الكذب في حكاية الرؤيا:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - r- قَالَ « مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ لَمْ يَرَهُ،كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ،وَلَنْ يَفْعَلَ،وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ،صُبَّ فِى أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً،عُذِّبِ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا،وَلَيْسَ بِنَافِخٍ »[5].
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - r- قَالَ « مِنْ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يُرِىَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ ».أخرجه البخاري[6]
عدم الإخبار بتلعب الشيطان به في المنام:
عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ -r- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ كَأَنَّ رَأْسِى قُطِعَ. قَالَ فَضَحِكَ النَّبِىُّ -r- وَقَالَ « إِذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بِأَحَدِكُمْ فِى مَنَامِهِ فَلاَ يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ ». أخرجه مسلم[7]
أنسب الأوقات في حكاية الرؤيا وتعبيرها:
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ -r- إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ « هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ الْبَارِحَةَ رُؤْيَا »[8].
وعن سَمُرَةَ بْنُ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - r- مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ « هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا ».قَالَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ،وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ « إِنَّهُ أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتِيَانِ،وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِى،وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِى انْطَلِقْ.وَإِنِّى انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا،وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ،وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ،وَإِذَا هُوَ يَهْوِى بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ،فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا،فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ،فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ،ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ،فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى.قَالَ قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقْ - قَالَ - فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ،وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ،وَإِذَا هُوَ يَأْتِى أَحَدَ شِقَّىْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ،وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ - قَالَ وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ فَيَشُقُّ - قَالَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ،فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ،فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ،ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى.قَالَ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقْ.فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ - قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ - قَالَ - فَاطَّلَعْنَا فِيهِ،فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ،وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ،فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاَءِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ.قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ - حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ،وَإِذَا فِى النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ،وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً،وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ،ثُمَّ يَأْتِى ذَلِكَ الَّذِى قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ،ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ،كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ.قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلاً مَرْآةً،وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ.فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ،وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَىِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولاً فِى السَّمَاءِ،وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا مَا هَؤُلاَءِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ.- قَالَ - فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلاَ أَحْسَنَ.- قَالَ - قَالاَ لِى ارْقَ فِيهَا.قَالَ فَارْتَقَيْنَا فِيهَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ،فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا،فَدَخَلْنَاهَا فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ،وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ - قَالَ - قَالاَ لَهُمُ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِى ذَلِكَ النَّهَرِ.قَالَ وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِى كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ فِى الْبَيَاضِ،فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ،ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ،فَصَارُوا فِى أَحْسَنِ صُورَةٍ - قَالَ - قَالاَ لِى هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ،وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ.قَالَ فَسَمَا بَصَرِى صُعُدًا،فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ - قَالَ - قَالاَ هَذَاكَ مَنْزِلُكَ.قَالَ قُلْتُ لَهُمَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا،ذَرَانِى فَأَدْخُلَهُ.قَالاَ أَمَّا الآنَ فَلاَ وَأَنْتَ دَاخِلُهُ.قَالَ قُلْتُ لَهُمَا فَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا،فَمَا هَذَا الَّذِى رَأَيْتُ قَالَ قَالاَ لِى أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ،أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ،فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ،وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ،وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ،وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ،فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ،وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِى مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِى.وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِى النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ،فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا،وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِى عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا،فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ،وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِى فِى الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ - r- وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ ».قَالَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - r- « وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ.وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطَرٌ مِنْهُمْ قَبِيحًا،فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا،تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ »[9] .
ابتعثاني:الابتعاث:افتعال من البعث،وهو الإنباه والإثارة من النوم.
يهوي:الهوي:الوقوع من العلو إلى السفل.
فيثلغ:الثلغ:الشدخ،وقيل:هو أن يضرب الشيء اللين بالشيء الصلب حتى ينشدخ.
فيتدهده:التدهده:التدحرج،ويروى:«يتدهدى» بياء،وهو مثله.
بكلوب:الكلوب:حديدة معوجة الرأس.
فيشرشر:يشرشر:يقطع ويشق.
لغط: اللغط:الضجة والجلبة.
ضوضوا:الضوضاة [ والضوضاء ]:أصوات الناس وغلبتهم،يقال منه:ضوضوا بلا همز.
فغر فاه:إذا فتحه. كريه المرآة فلان كريه المرآة،أي:قبيح المنظر،يقال:امرأة حسنة المرآة والمرأى،أي:حسنة المنظر،وفلان حسن في مرآة العين،أي:في المنظر،ووزنها في الأصل:مفعلة.
يحشها حش النار يحشها:إذا أوقدها.
معتمة أي:طويلة النبات،يقال:اعتم النبت:إذا طال.
نور النور بفتح النون:الزهر.
ظهري يقال:قعدت بين ظهري القوم وظهرا نيهم،أي:بينهم،وقد تقدم شرح ذلك مستقصى في حرف الهمزة.
دوحة الدوح:الشجر العظام.
المحض من كل شيء:الخالص منه،وهو اللبن الخالص،كأنه سمي بالصفة،ثم استعمل في الصفاء،فقيل:عربي محض،أي:خالص،ونحو ذلك.
جنة عدن عدن بالمكان:إذا أقام به وثبت،يعني:جنة إقامة
صعدا يقال:نما النبت صعدا:أي:ازداد طولا،يريد:ارتفع بصره إلى فوق.
الربابة السحابة،وجمعها:رباب،وتكون بيضاء وسوداء،والمراد بها في الحديث:البيضاء.[10]
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،عَنْ رَسُولِ اللهِ rقَالَ:أَصْدَقُ الرُّؤْيَا بِالأَسْحَارِ.[11]
ما يقول ويفعل إذا رأى في منامه ما يحب أو يكره:
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،قَالَ:لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِي،حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ:وَأَنَا كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي،حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِيَّ rيَقُولُ :الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ اللهِ،فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ،فَلاَ يُحَدِّثْ بِهِ إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ،وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ،فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا،وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ،وَلْيَتْفِلْ ثَلاَثًا،وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا،فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ.[12].
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - r- يَقُولُ « إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا،فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ،فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا،وَلْيُحَدِّثْ بِهَا،وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ،فَإِنَّمَا هِىَ مِنَ الشَّيْطَانِ،فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا،وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ،فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ » أخرجه البخاري[13].
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -r- قَالَ « إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ». قَالَ « وَأُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِى الدِّينِ ».فَلاَ أَدْرِى هُوَ فِى الْحَدِيثِ أَمْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ.[14]
الاستبشار برؤية النبي r في المنام:
عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - r- يَقُولُ « مَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَسَيَرَانِى فِى الْيَقَظَةِ،وَلاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِى ». متفق عليه[15]
وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -r- قَالَ « مَنْ رَآنِى فِى النَّوْمِ فَقَدْ رَآنِى إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِى لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَمَثَّلَ فِى صُورَتِى ». وَقَالَ « إِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يُخْبِرْ أَحَدًا بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِى الْمَنَامِ ». أخرجه مسلم [16]
قالَ القاضِي أَبُو بَكر بن العَرَبِيّ:رُؤيَة النَّبِيّ rبِصِفَتِهِ المَعلُومَة إِدراك عَلَى الحَقِيقَة،ورُؤيَته عَلَى غَير صِفَته إِدراك لِلمِثالِ،فَإِنَّ الصَّواب أَنَّ الأَنبِياء لا تُغَيِّرهُم الأَرض،ويَكُون إِدراك الذّات الكَرِيمَة حَقِيقَة وإِدراك الصِّفات إِدراك المَثَل.
قالَ وشَذَّ بَعض القَدَرِيَّة فَقالَ:الرُّؤيا لا حَقِيقَة لَها أَصلاً وشَذَّ بَعض الصّالِحِينَ فَزَعَمَ أَنَّها تَقَع بِعَينَي الرَّأس حَقِيقَة،وقالَ بَعض المُتَكَلِّمِينَ:هِيَ مُدرَكَة بِعَينَينِ فِي القَلب قالَ.
وقَوله:"فَسَيَرانِي " مَعناهُ فَسَيَرَى تَفسِير ما رَأَى لأَنَّهُ حَقّ وغَيب أُلقِيَ فِيهِ،وقِيلَ مَعناهُ فَسَيَرانِي فِي القِيامَة،ولا فائِدَة فِي هَذا التَّخصِيص.
وأَمّا قَولُه:"فَكَأَنَّما رَآنِي " فَهُو تَشبِيه ومَعناهُ أَنَّهُ لَو رَآهُ فِي اليَقَظَة لَطابَقَ ما رَآهُ فِي المَنام فَيَكُون الأَوَّل حَقًّا وحَقِيقَة والثّانِي حَقًّا وتَمثِيلاً،قالَ:وهَذا كُلّه إِذا رَآهُ عَلَى صُورَته المَعرُوفَة:فَإِن رَآهُ عَلَى خِلاف صِفَته فَهِيَ أَمثال،فَإِن رَآهُ مُقبِلاً عَلَيهِ مَثَلاً فَهُو خَير لِلرّائِي وفِيهِ وعَلَى العَكس فَبِالعَكسِ.
وقالَ النَّووِيّ قالَ عِياض:يَحتَمِل أَن يَكُون المُراد بِقَولِهِ فَقَد رَآنِي أَو فَقَد رَأَى الحَقّ أَنَّ مَن رَآهُ عَلَى صُورَته فِي حَياته كانَت رُؤياهُ حَقًّا،ومَن رَآهُ عَلَى غَير صُورَته كانَت رُؤيا تَأوِيل.
وتَعَقَّبَهُ فَقالَ:هَذا ضَعِيف بَل الصَّحِيح أَنَّهُ يَراهُ حَقِيقَة سَواء كانَت عَلَى صِفَته المَعرُوفَة أَو غَيرها انتَهَى.
ولَم يَظهَر لِي مِن كَلام القاضِي ما يُنافِي ذَلِكَ،بَل ظاهِر قَوله أَنَّهُ يَراهُ حَقِيقَة فِي الحالَينِ.لَكِن فِي الأُولَى تَكُون الرُّؤيا مِمّا لا يَحتاج إِلَى تَعبِير والثّانِيَة مِمّا يَحتاج إِلَى التَّعبِير.
قالَ القُرطُبِيّ:اُختُلِفَ فِي مَعنَى الحَدِيث فَقالَ قَوم هُو عَلَى ظاهِره فَمَن رَآهُ فِي النَّوم رَأَى حَقِيقَته كَمَن رَآهُ فِي اليَقَظَة سَواء،قالَ وهَذا قَول يُدرَك فَسادُهُ بِأَوائِل العُقُول،ويَلزَم عَلَيهِ أَن لا يَراهُ أَحَد إِلاَّ عَلَى صُورَته الَّتِي ماتَ عَلَيها وأَن لا يَراهُ رائِيانِ فِي آنٍ واحِد فِي مَكانَينِ وأَن يَحيا الآن ويَخرُج مِن قَبره ويَمشِي فِي الأَسواق ويُخاطِب النّاس ويُخاطِبُوهُ ويَلزَم مِن ذَلِكَ أَن يَخلُو قَبرُهُ مِن جَسَده فَلا يَبقَى مِن قَبره فِيهِ شَيء فَيُزار مُجَرَّد القَبر ويُسَلَّم عَلَى غائِب لأَنَّهُ جائِز أَن يُرَى فِي اللَّيل والنَّهار مَعَ اتِّصال الأَوقات عَلَى حَقِيقَته فِي غَير قَبره،وهَذِهِ جَهالات لا يَلتَزِم بِها مَن لَهُ أَدنَى مُسكَة مِن عَقل.
وقالَت طائِفَة:مَعناهُ أَنَّ مَن رَآهُ رَآهُ عَلَى صُورَته الَّتِي كانَ عَلَيها،ويَلزَم مِنهُ أَنَّ مَن رَآهُ عَلَى غَير صِفَته أَن تَكُون رُؤياهُ مِنَ الأَضغاث،ومِن المَعلُوم أَنَّهُ يُرَى فِي النَّوم عَلَى حالَة تُخالِف حالَته فِي الدُّنيا مِنَ الأَحوال اللاَّئِقَة بِهِ وتَقَع تِلكَ الرُّؤيا حَقًّا كَما لَو رُئِيَ مَلأَ دارًا بِجِسمِهِ مَثَلاً فَإِنَّهُ يَدُلّ عَلَى امتِلاء تِلكَ الدّار بِالخَيرِ،ولَو تَمَكَّنَ الشَّيطان مِنَ التَّمثِيل بِشَيءٍ مِمّا كانَ عَلَيهِ أَو يُنسَب إِلَيهِ لَعارَضَ عُمُومَ قَولِهِ:"فَإِنَّ الشَّيطان لا يَتَمَثَّل بِي " فالأَولَى أَن تُنَزَّه رُؤياهُ وكَذا رُؤيا شَيء مِنهُ أَو مِمّا يُنسَب إِلَيهِ عَن ذَلِكَ،فَهُو أَبلَغُ فِي الحُرمَة وأَليَقُ بِالعِصمَةِ كَما عُصِمَ مِنَ الشَّيطان فِي يَقَظَته.
قالَ:والصَّحِيح فِي تَأوِيل هَذا الحَدِيث أَنَّ مَقصُوده أَنَّ رُؤيَته فِي كُلّ حالَة لَيسَت باطِلَة ولا أَضغاثًا بَل هِيَ حَقّ فِي نَفسها ولَو رُئِيَ عَلَى غَير صُورَته فَتَصَوُّر تِلكَ الصُّورَة لَيسَ مِنَ الشَّيطان بَل هُو مِن قِبَل الله وقالَ وهَذا قَول القاضِي أَبِي بَكر بن الطَّيِّب وغَيره،ويُؤَيِّدهُ قَولُه:"فَقَد رَأَى الحَقّ" أَي رَأَى الحَقّ الَّذِي قَصَدَ إِعلام الرّائِي بِهِ فَإِن كانَت عَلَى ظاهِرها وإِلاَّ سَعَى فِي تَأوِيلها ولا يُهمِل أَمرها لأَنَّها إِمّا بُشرَى بِخَيرٍ أَو إِنذار مِن شَرّ إِمّا لِيُخِيفَ الرّائِي وإِمّا لِيَنزَجِر عَنهُ وإِمّا لِيُنَبِّه عَلَى حُكم يَقَع لَهُ فِي دِينه أَو دُنياهُ.
وقالَ ابن بَطّال قَولُه:"فَسَيَرانِي فِي اليَقَظَة " يُرِيد تَصدِيق تِلكَ الرُّؤيا فِي اليَقَظَة وصِحَّتها وخُرُوجها عَلَى الحَقّ،ولَيسَ المُراد أَنَّهُ يَراهُ فِي الآخِرَة لأَنَّهُ سَيَراهُ يَوم القِيامَة فِي اليَقَظَة فَتَراهُ جَمِيع أُمَّته مَن رَآهُ فِي النَّوم ومَن لَم يَرَهُ مِنهُم.
وقالَ ابن التِّين:المُراد مَن آمَنَ بِهِ فِي حَياته ولَم يَرَهُ لِكَونِهِ حِينَئِذٍ غائِبًا عَنهُ فَيَكُون بِهَذا مُبَشِّرًا لِكُلِّ مَن آمَنَ بِهِ ولَم يَرَهُ أَنَّهُ لا بُدّ أَن يَراهُ فِي اليَقَظَة قَبل مَوته قالَهُ القَزّاز،وقالَ المازِرِيّ:إِن كانَ المَحفُوظ " فَكَأَنَّما رَآنِي فِي اليَقَظَة" فَمَعناهُ ظاهِر وإِن كانَ المَحفُوظ " فَسَيَرانِي فِي اليَقَظَة " احتَمَلَ أَن يَكُون أَرادَ أَهل عَصره مِمَّن يُهاجِر إِلَيهِ فَإِنَّهُ إِذا رَآهُ فِي المَنام جُعِلَ عَلامَة عَلَى أَنَّهُ يَراهُ بَعد ذَلِكَ فِي اليَقَظَة وأَوحَى الله بِذَلِكَ إِلَيهِ r.
وقالَ القاضِي:وقِيلَ مَعناهُ سَيَرَى تَأوِيل تِلكَ الرُّؤيا فِي اليَقَظَة وصِحَّتها،وقِيلَ مَعنَى الرُّؤيا فِي اليَقَظَة أَنَّهُ سَيَراهُ فِي الآخِرَة وتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ فِي الآخِرَة يَراهُ جَمِيع أُمَّته مَن رَآهُ فِي المَنام ومَن لَم يَرَهُ يَعنِي فَلا يَبقَى لِخُصُوصِ رُؤيَته فِي المَنام مَزِيَّة،وأَجابَ القاضِي عِياض بِاحتِمالِ أَن تَكُون رُؤياهُ لَهُ فِي النَّوم عَلَى الصِّفَة الَّتِي عُرِفَ بِها ووُصِفَ عَلَيها مُوجِبَة لِتَكرِمَتِهِ فِي الآخِرَة وأَن يَراهُ رُؤيَة خاصَّة مِنَ القُرب مِنهُ والشَّفاعَة لَهُ بِعُلُوِّ الدَّرَجَة ونَحو ذَلِكَ مِنَ الخُصُوصِيّات،قالَ:ولا يَبعُد أَن يُعاقِب الله بَعض المُذنِبِينَ فِي القِيامَة بِمَنعِ رُؤيَة نَبِيّه rمُدَّة.
وحَمَلَهُ ابن أَبِي جَمرَة عَلَى مَحمَل آخَر فَذَكَرَ عَن ابن عَبّاس أَو غَيره أَنَّهُ رَأَى النَّبِيّ rفِي النَّوم فَبَقِيَ بَعد أَن استَيقَظَ مُتَفَكِّرًا فِي هَذا الحَدِيث فَدَخَلَ عَلَى بَعض أُمَّهات المُؤمِنِينَ ولَعَلَّها خالَته مَيمُونَة فَأَخرَجَت لَهُ المِرآة الَّتِي كانَت لِلنَّبِيِّ rفَنَظَرَ فِيها فَرَأَى صُورَة النَّبِيّ rولَم يَرَ صُورَة نَفسه.
ونُقِلَ عَن جَماعَة مِنَ الصّالِحِينَ أَنَّهُم رَأَوا النَّبِيّ rفِي المَنام ثُمَّ رَأَوهُ بَعد ذَلِكَ فِي اليَقَظَة وسَأَلُوهُ عَن أَشياء كانُوا مِنها مُتَخَوِّفِينَ فَأَرشَدَهُم إِلَى طَرِيق تَفرِيجها فَجاءَ الأَمر كَذَلِكَ.
قُلت:وهَذا مُشكِل جِدًّا ولَو حُمِلَ عَلَى ظاهِره لَكانَ هَؤُلاءِ صَحابَةً ولأَمكَنَ بَقاء الصُّحبَة إِلَى يَوم القِيامَة،ويُعَكِّر عَلَيهِ أَنَّ جَمعًا جَمًّا رَأَوهُ فِي المَنام ثُمَّ لَم يَذكُر واحِدٌ مِنهُم أَنَّهُ رَآهُ فِي اليَقَظَة وخَبَر الصّادِق لا يَتَخَلَّف،وقَد اشتَدَّ إِنكار القُرطُبِيّ عَلَى مَن قالَ مَن رَآهُ فِي المَنام فَقَد رَأَى حَقِيقَته ثُمَّ يَراها كَذَلِكَ فِي اليَقَظَة كَما تَقَدَّمَ قَرِيبًا،وقَد تَفَطَّنَ ابن أَبِي جَمرَة لِهَذا فَأَحالَ بِما قالَ عَلَى كَرامات الأَولِياء فَإِن يَكُن كَذَلِكَ تَعَيَّنَ العُدُول عَن العُمُوم فِي كُلّ راءٍ،ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ عامّ فِي أَهل التَّوفِيق وأَمّا غَيرهم فَعَلَى الاحتِمال،فَإِنَّ خَرقَ العادَةِ قَد يَقَع لِلزِّندِيقِ بِطَرِيقِ الإِملاء والإِغواء كَما يَقَع لِلصِّدِّيقِ بِطَرِيقِ الكَرامَة والإِكرام،وإِنَّما تَحصُل التَّفرِقَة بَينهما بِاتِّباعِ الكِتاب والسُّنَّة انتَهَى.
والحاصِل مِنَ الأَجوِبَة سِتَّة :
أَحَدها أَنَّهُ عَلَى التَّشبِيه والتَّمثِيل،ودَلَّ عَلَيهِ قَوله فِي الرِّوايَة الأُخرَى " فَكَأَنَّما رَآنِي فِي اليَقَظَة.
ثانِيها أَنَّ مَعناها سَيَرَى فِي اليَقَظَة تَأوِيلها بِطَرِيقِ الحَقِيقَة أَو التَّعبِير،
ثالِثها أَنَّهُ خاصّ بِأَهلِ عَصره مِمَّن آمَنَ بِهِ قَبل أَن يَراهُ
رابِعها أَنَّهُ يَراهُ فِي المِرآة الَّتِي كانَت لَهُ إِن أَمكَنَهُ ذَلِكَ،وهَذا مِن أَبعَدِ المَحامِل.
خامِسها أَنَّهُ يَراهُ يَوم القِيامَة بِمَزِيدِ خُصُوصِيَّة لا مُطلَق مَن يَراهُ حِينَئِذٍ مِمَّن لَم يَرَهُ فِي المَنام.
سادِسها أَنَّهُ يَراهُ فِي الدُّنيا حَقِيقَة ويُخاطِبهُ،وفِيهِ ما تَقَدَّمَ مِنَ الإِشكال.
وقالَ القُرطُبِيّ:قَد تَقَرَّرَ أَنَّ الَّذِي يُرَى فِي المَنام أَمثِلَةٌ لِلمَرئِيّاتِ لا أَنفُسُها،غَير أَنَّ تِلكَ الأَمثِلَة تارَة تَقَع مُطابِقَة وتارَة يَقَع مَعناها،فَمِن الأَوَّل رُؤياهُ rعائِشَة وفِيهِ " فَإِذا هِيَ أَنتِ " فَأَخبَرَ أَنَّهُ رَأَى فِي اليَقَظَة ما رَآهُ فِي نَومه بِعَينِهِ ومِن الثّانِي رُؤيا البَقَر الَّتِي تُنحَر والمَقصُود بِالثّانِي التَّنبِيه عَلَى مَعانِي تِلكَ الأُمُور.
ومِن فَوائِد رُؤيَته rتَسكِين شَوق الرّائِي لِكَونِهِ صادِقًا فِي مَحَبَّته لِيَعمَل عَلَى مُشاهَدَته،وإِلَى ذَلِكَ الإِشارَة بِقَولِهِ:"فَسَيَرانِي فِي اليَقَظَة" أَي مَن رَآنِي رُؤيَة مُعَظِّم لِحُرمَتِي ومُشتاق إِلَى مُشاهَدَتِي وصَلَ إِلَى رُؤيَة مَحبُوبه وظَفِرَ بِكُلِّ مَطلُوبه،قالَ:ويَجُوز أَن يَكُون مَقصُود تِلكَ الرُّؤيا مَعنَى صُورَته وهُو دِينه وشَرِيعَته،فَيُعَبِّر بِحَسَبِ ما يَراهُ الرّائِي مِن زِيادَة ونُقصان أَو إِساءَة وإِحسان.
قُلت:وهَذا جَواب سابِع والَّذِي قَبله لَم يَظهَر لِي فَإِن ظَهَرَ فَهُو ثامِن."[17]
_____________
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - صحيح البخارى- المكنز - (6990 )
[2] - صحيح البخارى- المكنز - (6983)
[3] - صحيح ابن حبان - (13 / 404)(6040) صحيح
[4] - صحيح البخارى- المكنز - (7017 ) وصحيح مسلم- المكنز -(6042 )
الغل : القيد فى العنق وهو يفسر فى الرؤيا بتحمل دين أو مظالم
[5] - صحيح البخارى- المكنز - (7042 ) -الآنك : الرصاص الخالص
[6] - صحيح البخارى- المكنز - (7043 ) -(أفرى الفرى ) أكذب الكذبات ، والفرية : الكذب ، والجمع : الفرى.
[7] - صحيح مسلم- المكنز - (6064 )
[8] - صحيح مسلم- المكنز - (6076 )
[9] - صحيح البخارى- المكنز - (7047 )
[10] - جامع الأصول في أحاديث الرسول - (2 / 535)
[11] - صحيح ابن حبان - (13 / 406)(6041) حسن
واعتبره ابن عدي مما تفرد به دراج أبي السمح عن أبي الهثيم عن أبى سعيد .
قلت : لكن صححه ابن حبان والحاكم والذهبي وسكت عليه الحافظ ابن حجر في الفتح و مجرد تفرد دراج به لا يضر إذا لم يخالف الثقات ، ولا نعلم حديثا يعارضه بل هناك نصوص قرآنية وحديثية تبين فضيلة الأسحار ...
[12] - صحيح البخارى- المكنز - (7044 )
[13] - صحيح البخارى- المكنز - (7045 )
[14] - صحيح مسلم- المكنز - (6042 )
الغل : القيد فى العنق وهو يفسر فى الرؤيا بتحمل دين أو مظالم
[15] - صحيح البخارى- المكنز -(6993 ) وصحيح مسلم- المكنز -(6057 )
[16] - صحيح مسلم- المكنز - (6060 )
[17] - فتح الباري شرح صحيح البخاري- ط دار المعرفة - (12 / 384)