مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : الجنايات
السؤال: فهذه رسالة من المستمع الحاج إدريس حماد سوداني مقيم بالعراق يقول هل هناك قاعدة شرعية يعتمد عليها في تحريم وتحليل أكل الحيوانات القرآن والسنة لم يوضحا كل الحيوانت فهناك حيوانات أليفة محرمة وبعضها حلال وكذلك الوحشية فإن كان هناك قاعدة أو صفات للمحرمة والحلال فأرجو شرحها حتى نكون على بصيرة وهل للشبه اعتبار في هذا أم لا؟
الجواب
الشيخ: الحقيقة أن هذا السؤال وقوله أن الكتاب والسُّنة لم يبينا ذلك هذا غلط منه وإنما الصواب أنه لم يتبين له ذلك من الكتاب والسُّنة أما الكتاب والسُّنة فإن الله بَيّن فيهما كل شيء فالقرآن كما قال الله عنه﴿تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾والسُّنة الإيمان بها وتنفيذ أحكامها من الإيمان بالقرآن فهي متممة ومكملة ومفصلة لما أُجمل ومفسره لما أُدهم وفي القرآن والسُّنة الشفاء والنور والهداية والاستقامة لمن تمسك بهما ولا يُوجد مسألة من المسائل التي تَحدث إلا وفي القرآن والسنة حلها في بيانها لكن منها ما هو مُبين على سبيل التعيين ومنها ما هو مُبين على سبيل القواعد والضوابط العامة ثم إن الناس يختلفون في هذا إختلافاً عظيماً يختلفون في العلم ويختلفون في الفهم كما يختلف أيضاً إدراكهم لما في القرآن والسُّنة بحسب ما معهم من الإيمان والتقوى فإنه كلما قلَّ الإيمان بالله عز وجل وقبول ما جاء به في القرآن والسُّنة وتقوى الله عز وجل في طاعته قلّ العلم بما في القرآن والسُّنة من الأحكام وإني أقول مِن على هذا المنبر إن القرآن والسُّنة فيهما العلم والهدى والنور وحل جميع المشاكل وأن نظامهما ومنهاجهما أكمل نظام وأنفعه وأصلحه للعباد وأنه يغلط غلطاً بيناً من يرجع إلى النظم والقوانين الوضعية البشرية التي تخُطئ كثيراً وإذا وفق في الصواب فإنها تكون صواباً لما وافق فيه الكتاب والسنة وأقول لهذا الأخ إن هناك ضوابط لما يحَرم فأقول الأصل في كل ما خلق الله تعالى في هذه الأرض أنه حلال لنا من حيوان وجماد لقوله تعالى:﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً﴾ فهذا عام خلقه لنا لمنافعنا أكلاً وشرباً ولباساً وانتفاعاً على الحدود التي حدها الله ورسوله هذه قاعدة عامة جامعة مأخوذة من الكتاب وكذلك من السُّنة حيث قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:"وما سكت عنه فهو عفو" وعلى هذا فلننظر الآن في المحرمات فمنها الموتى لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ﴾ ومنها الدم المسفوح لقوله تعالى:﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً﴾ومنها لحم الخنزير لقوله تعالى: ﴿أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ﴾وإنما حرمت هذه الثلاثة لأنها رِجس فإن قوله: ﴿فإنه﴾أي: هذا مُحرم الذي وجده الرسول عليه الصلاة والسلام رِجس وليس الضمير عائداً إلى لحم الخنزير فقط فما قاله بعض أهل العلم لأن الاستثناء: ﴿ إِلا أَنْ يَكُونَ﴾ أي ذلك المطعوم: ﴿ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير﴾ ﴿فإنه﴾أي: ذلك المطعوم من الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير رِجس ومنها الحُمر الأهلية ثبت ذلك في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه أمر أبا طلحة فماذا أن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس" ومنها "كل ذي ناب من السباع" يعني: كل ما له ناب من السباع يفترس به مثل الذئب وال******* ونحوها فإنه مُحرم ومنها "كل ذي مخلب من الطير" كالصقر والعقاب والبازي وما أشبه ذلك ومنها ما تَوَلد من المأكول وغيره كالبغال فإن البغل متولد من الحمار إذا نزى الفرس على أنثى الخيل والخيل مباحة والحمر محرمه فلما تولد من المأكول وغيره غُلِّب جانب التحريم فكان حراماً وهذه المسائل موجودة والحمد لله في السُّنة مفصلة وكذلك في كلام أهل العلم فالأمر بَيِّن وإذا أشكل عليك الأمر فأرجع إلى القاعدة الأساسية التي ذكرناها من قبل وهو أن الأصل الحل لقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ﴾وأما الشَّبَه فهذا لجأ إليه بعض أهل العلم وقال: إنه إذا لم نَعلم حكم هذا الحيوان هل هو محرم أم لا؟ فإننا نلحقه حكماً بما أشبهه ولكن ظاهر الأدلة يدل على أن المحرم معلوم بنوعه أو بالضوابط التي أشرنا إليها كما حرمه النبي عليه الصلاة والسلام:" كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير".