منعنى من إكمال كتابة هذا المقال عدم قدرتى على التنفس جيدا بفضل سحب الغاز
التى تحاصر بيتى القريب من ميدان التحرير، تلك السحب اللعينة التى لا
تتوقف طيلة أيام عن الانبعاث من آلاف قنابل الغاز الخانق التى يستوردها
النظام العسكرى الحاكم بالملايين ويهدرها فى ثوانٍ لكى يقمع شعبه الذى يريد
الحرية، ثم يشكو من توقف عجلة الإنتاج وغياب الانتماء.
تقتضى
المسؤولية أن أظل مرابطا فى ساحة المعركة بما أملكه، وهو قلمى، دون أن
أعتذر ولو حتى، لأننى لا أحصل على أبسط حقوق الإنسان فى الحياة: حق التنفس،
لكننى أشعر أن كل ما يمكن أن أقوله الآن لا يساوى حرفا مما قالته والدة
البطل الشهيد بهاء السنوسى فى برنامج «آخر كلام» أول من أمس. هذه السيدة
أشرف وأشجع وأعقل وأحكم وأقوى وأصدق من كل ما يمكن أن يقوله الخبراء
والمحللون والكتاب والسياسيون، أترك هذه المساحة لبهائها ونورها وصدقها،
وأدعوك لمشاهدتها فى هذا الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=5WkQf_Y6FO8&feature=player_embedded
نصيحتى
لكل من يتصورون أنهم سيكسرون إرادة الشعب المصرى بالقمع، سواء كانوا فى
المجلس العسكرى أو غيره: لا تضعوا أنفسكم فى مواجهة شعب به أمهات شهداء مثل
هذه السيدة، فصبرهن وقوتهن وإيمانهن بالله وحبهن لمصر يمكن أن يسقط حلف
الناتو بأسره. لا تظنوا أن من يقفون فى ميادين التحرير الآن يمكن أن يرضوا
بأنصاف الحلول، فهم أناس لا تعرفون عنهم شيئا، ولن تجدى فى فهمهم تقارير
مخبريكم الكاذبة الملفقة، وقد كتبتم بدمائهم التى تلطخ أيديكم نهاية الحلول
التوفيقية التلفيقية. ليس عندى ذرة يقين فى أنكم تخافون على البلاد، فلو
كان ذلك صحيحا لما حدث ما حدث من مجازر طيلة الأيام الماضية، لكن إذا كنتم
تخافون على أنفسكم ومصالحكم حقا فأنقذوا مصر بانتخابات رئاسية مبكرة، ولا
تكابروا فنضيع جميعا والعياذ بالله، ولا تظنوا أن الله سيبارك فى الخطط
الترقيعية البطيئة العاجزة التى تظنون أنكم ستنقذون أنفسكم بها، فالله لا
يصلح عمل المفسدين.
حفظ الله مصر وشعبها من الغباء والعناد. ويا خفىَّ الألطاف نجنا مما نخاف.