النائب العام المستشار عبد المجيد محمود هو نائب الشعب لا نائب المجلس
العسكرى ولا نائب عام المشير حسين طنطاوى، ولأنه كذلك فيجب أن يستدعى
للتحقيق حول قتل متظاهرى التحرير وشارع محمد محمود بين يومى السبت
والثلاثاء السيدين اللواءين عضوى المجلس العسكرى اللذين جلس كل منهما فى
مبنى وزارة الداخلية منذ ليلة الأحد يدير كلاهما الوضع الأمنى فى ميدان
التحرير!
نعم ترك اللواء منصور العيسوى، وزير الداخلية، مكتبه يوم السبت وتقدم
باستقالته صباح الأحد إلى مجلس الوزراء المنعقد يومها، ولم يتخذ أى قرار
فى الوزارة، ولم يتصل بأى من قيادات الشرطة، ولا تواصل مع أى من ضباطه فى
ميدان التحرير، وفى هذا التوقيت الذى لم يكن فيه وزير داخلية يدير وزارته
تم ارتكاب ثلاث مجازر فى التحرير:
الأولى: ضرب المتظاهرين بقنابل غاز حارق (وقيل إنه مسمم ومسرطن) بكميات
هيستيرية مريضة تشى أن الذين أمروا بإلقائها يعانون من خلل فى إنسانيتهم
قبل أن يكون خللا فى سياستهم بل اختلالا فى ذكائهم، وقد تسبب هذا الغاز
فى اختناق المتظاهرين واستشهاد بعضهم اختناقا.
الثانية: إطلاق الرصاص على عيون وأجساد ورؤوس متظاهرين حتى لو كان
بعضهم يحمل حجارة فلا يمكن أن يكون هذا مبررا لإطلاق الرصاص إلا لو كان من
أطلق ومن أمره أن يطلق قاتلا أثيما ومجرما ضد الإنسانية.
الثالثة: سحل جثث شهداء على أرض الميدان وإلقاؤها فى الزبالة.
هذه جرائم ضد الإنسانية لم يرتكبها فقط ضابط يحمل وجه غلام علّق الناس
صوره على الجدران فضحا وكشفا ومطاردة، بل ارتكبها من أمر هذا الضابط
وأمثاله من غلمان الداخلية بارتكاب الجريمة ومن سكت عليهم ومن دافع عنهم،
ومن اتهم فى محطات التليفزيون بمنتهى الحماس المخلص شباب المتظاهرين
بأنهم ليسوا مصريين كأن سيادته خبير فى الفرز العرقى وحامل أختام جوازات
سفر المصريين!
من فعل هذا ليس وزير الداخلية وإن كان مسؤولا بحكم وظيفته وإن كان
متورطا بحكم أنه عرف ولم يبلغ أو أنه سكت على احتلال وزارته وإدارتها من
وراء ظهره، ويجب أن لا يكون منصور العيسوى معفيا أبدا من المثول أمام
النائب العام لسماع أقواله واتهامه لو أفصحت الأدلة، ولكن لا بد أن يكون
معه هذان اللواءان، فلا كبير على مصر ولا أحد فوق الشبهات ممن نشك أن يده
ملوثة بدماء أبنائنا فى التحرير. المتهم برىء حتى تثبت إدانته واللواء
برىء حتى تثبت إدانته لكن لا بد من التحقيق معه.
وأظن أن مهمة مقدسة موضوعة على كتف النائب العام، وهى استدعاء هؤلاء
جميعا إلى النيابة للتحقيق معهم، ولو قيل إن القانون العسكرى لا يسمح،
فلعل النائب العام يفعلها ويطلب رسميا من النيابة العسكرية التحقيق مع
هذين اللواءين وإبلاغه بنتائج التحقيق لضمها إلى القضية!!
وبالمرة لا بد (مرة عاشرة لا بد) من التحقيق داخل المجلس العسكرى مع
المسؤول عن هذه السطور الغريبة العجيبة التى تضمنتها رسالة المجلس على
«فيسبوك» أول من أمس، والتى دعت المواطنين إلى القبض على أى شخص يشتبهون
به!
هل هذا كلام عاقل؟
هل يمكن أن يدعو مجلس عسكرى بجلالة قدره مواطنين إلى القبض على مواطنين آخرين؟
ما هذا الارتباك الذى يصيب صانع القرار فى المجلس العسكرى؟ إلى هذه
الدرجة المجلس مشوش ومتوتر، حتى إنه يخرج بدعوة غير راشدة، كأنها تريد
صناعة فتنة وفوضى فى الشارع حين يجعلون المواطن مخبرا وخفيرا وضابطا
ومحققا يقبض على مواطنين أبرياء يشتبه بهم!!
لا يستطيع كثيرون تحمل فكرة أن حسن النية يكمن وراء هذه الدعوة، ولا
يستسيغ عاقل أن خطورة هذه الدعوة عدّت على أعضاء المجلس العسكرى الذين
يكتبون ويراجعون هذه الرسالة، حتى إن البعض يمكن أن يعتقد ويبقى عنده حق
أن المجلس ربما يريد إشاعة فوضى وفتنة بين المواطنين بالفعل وأنه ليس خطأ
فى الصياغة بجملة أخطاء الصياغة التى يعانى منها المجلس!
مَن فعلا هذا الشخص الذى كتب فى رسالة المجلس العسكرى هذا الكلام غير المسؤول؟ وهل هناك مسؤول فى المجلس العسكرى يسائله؟