كثير من الموجودين بميدان التحرير قد لا يجدون فراشًا ينامون عليه، أو خيمة
يلجأون إليها، أو غطاء يقيهم شدة البرد ليلا أثناء اعتصامهم، وربما لا
يكون معهم المال الكافى لشراء متطلبات وضرورات إعاشتهم، ورغم ذلك يكتفون
بأقل القليل لمواصلة الاعتصام بالميدان، مصرين على تحقيق مطالبهم.
ويحتاج المتظاهرون إلى من يساعدهم فى توفير ضرورات الإعاشة، كالماء
والغطاء وإرشادهم للمستشفيات الميدانية، أو مد يد المساعدة إليهم عند
الحاجة، كما أن تنظيف الميدان من القمامة أمر ضرورى جدا، ومن هنا جاءت
تولدت فكرة لجان الإعاشة بالتحرير، وهى من الشباب المتطوعين،كل منهم يساعد
بما يستطيع عمله، سواء بالمال أو بالمجهود، أو بتنظيف الميدان، وتوزيع
وجبات أو بطاطين أو مشروبات على المتظاهرين.
الدكتور نصر جمعة – امتياز طب الأزهر أكد لـ"اليوم السابع" أنه جاء إلى
الميدان متطوعًا لكى يساعد فى معالجة وإسعاف المصابين بميدان التحرير بعد
الاشتباكات التى وقت بين الداخلية والمتظاهرين، وأضاف"جمعة" أنه ليس وحده
بالمستشفى الميدانى الموجود بمنتصف ميدان التحرير بل يساعده مجموعة من طلاب
الطب بمختلف الجامعات، وأشار إلى أن هناك العديد من منظمات المجتمع المدنى
تمدنًا بالأودية والمعدات اللازمة لعملنا هنا بالميدان والعصائر والألبان،
ويقول "كنا نحتاج إلى أدوية كثيرة أهمها المسكنات وقطرات للعين ومضادات
للحموضة ومحاليل، ولكن الحمد لله وجدنا من يمدنا بذلك، وكان هناك بعض الناس
الأغنياء يبحثون عن احتياجاتنا ويمدوننا بها وهنا أحنا بنعالج من 5:7
حالات كل دقيقة، ويتضاعف العدد عند شدة الاشتباكات"، وختم كلامه بقوله "نحن
لا نبتغى من وراء هذا العمل سوى رضى الله ومصلحة وطننا مصر".
ميشل بديع شاب فى السابعة والعشرين من عمره ويظهر عليه ملامح الفقر وعلى
الرغم من ذلك وجدناه يوزع ثمرات الجوافة على المعتصمين بالميدان الذى هو
أحوج ما يكون إليها وعندما سألنا عمن أعطى لك تلك الفاكهة قال" فيه راجل
غنى بسيارة جاء الميدان وقال لى خذ ما يكفيك ووزع الباقى على الناس، وأنا
هنا بوزع على الناس ومبسوط إنى بساعد فى حاجة للميدان" أحمد حسين موظف
بمطار القاهرة وجدناه داخل للميدان بسيارة ملاكى محملة بالبطاطين وكراتين
العصائر والألبان، وبعض الأدوية وعندما سألنا عن مصدرها رد قائلا "أنا موظف
بمطار القاهرة ومعى زملائى لا يستطيعون المجىء إلى التحرير، ولكن لديهم
الرغبة فى المشاركة والتعاون مع المعتصمين، ولذلك قمت بجمع تبرعات منهم
والجميع شارك فى ذلك واشتريت بالفلوس بطاطين وأكل وعصائر وأقوم بتوزيعها
على المستشفيات الميدانية لأنها أحوج بها، خاصة أن المستشفيات بها العديد
من المرضى المصابين حتى الآن فهم أولى بها "وختم كلامه قائلا "أنا اللى
جابنى هنا أنى شوفت أزاى المتظاهرين بيتعاملوا وهما ولاد ناس مش بلطجية زى
ما الناس فاكرة واللى مش مصدق ينزل الميدان ويشوف بعينه".
أما عبد الحميد سيد أحمد شاب فى الخامسة والعشرين من عمره وجدناه فى ظل
الزحام ممسكا بمقشة ومنهكا فى تنظيف الميدان وعندما سألناه سألنا من الذى
أعطاك "المقشة" قال"أنا بعمل كده عشان إحنا عايزين ننظف البلد ومن باب أولى
ننظف الميدان لأن ده البداية" وأضاف" أحنا مجموعة من الشباب المعتصمين
بالميدان منذ الأحد الماضى وتبرعنا بشراء مكانس وأدوات النظافة والأكياس
التى نجمع بها القمامة وإخراجها خارج الميدان لتأخذها سيارات النظافة كل
صباح من الميدان".
أحمد على شاب سلفى وجدناه يقف حائط سد بين المعتصمين وقوات الداخلية
وبسؤاله قال"أنا هنا ضمن اللجان التى تقف لمنع الاشتباكات بين الداخلية
والمعتصمين خاصة أنه لا فائدة من نزيف الدم من الجانبين لأننا كلنا مصريون
ونحن نحاول ألا نكبر الصغيرة حتى لا تحرق مصر جميعا، وأضاف أنا بابدل
الوردية مع زملائى الموجودين بالميدان منذ الاثنين الماضى، ولا نريد سوى
تحقيق مطالب الثورة تسليم السلطة لسلطة مدنية فى أقرب وقت"