وسط استعدادات المصلين للخروج فى مسيرات للتضامن مع المعتصمين فى ميدان
التحرير، تباينت آراء خطباء الجمعة بشأن الأزمة التى تمر بها البلاد، فيما
شهدت العباسية موقع تجمع مؤيدى المجلس العسكرى، اعتراضاً من المتواجدين
هناك على صلاة الغائب على أرواح شهداء التحرير، واعتبروا أنهم لا يستحقون
ذلك.
ووجه خطيب الجمعة بمسجد "مصطفى محمود" رسالةً للثوار دعاهم فيها للهدوء،
كما وجه الشكر للمجلس العسكرى على تحديد 30 يونيو المقبل كموعد لتسليم
السلطة لرئيس مدنى منتخب.
واعتبر خطيب الجمعة بمسجد "محمود" أن المجلس العسكرى ساهم فى حقن دماء
المصريين خلال الأحداث التى بدأت 19 نوفمبر، وقال "من لم يشكر الناس لم
يشكر الله".
ودعا الخطيب الثوار فى الميادين إلى القبول بأنصاف الحلول، منتقداً اعتداء
بعض الأشخاص فى الميدان على ضابط أمن دولة سابق دخل "التحرير" خلال اليومين
الماضيين، واستشهد الخطيب بمقولة الشيخ متولى الشعراوى "الثائر الحق هو من
يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبنى الأمجاد".
واتهم الإسرائيليين بإثارة الفتنة بين المصريين، وتابع "لا أقصد بذلك أنهم
فقط الجهة المسئولة عما يحدث"، وطالب المواطنين بالإقبال على صناديق
انتخابات مجلس الشعب التى تبدأ الاثنين المقبل، كما دعا الحكومة المقبلة
لاتخاذ إجراءات أكثر إيجابية تجاه المصابين فى الأحداث الأخيرة وأسر
الشهداء.
وفى العباسية، مقر تجمع مؤيدى بقاء المجلس العسكرى، اعترض المصلون فى مسجد
النور على أداء صلاة الغائب على أرواح شهداء التحرير، واعتبروا أنهم من
بدأوا بالاعتداء على قوات الشرطة.
وسيطرت حالة من الارتباك على "النور" عقب انتهاء صلاة الجمعة عندما اعترض
المصلون على إقدام الشيخ حافظ سلامة، زعيم المقاومة الشعبية بالسويس، على
إقامة صلاة الغائب على شهداء ميدان التحرير الذين استشهدوا منذ أيام على يد
قوات الأمن المركزى، وقال المصلون الذين اعترضوا على الصلاة إن هؤلاء
ليسوا شهداء وإنما هم الذين اعتدوا على الشرطة، وقال حافظ للمصلين "نحن فى
مسجد وبلاش تهريج"، وبدأ صلاة الغائب على شهداء ميدان التحرير.
وقال سلامة، إن المجلس العسكرى هو المسؤل عن وقوع شهداء فى التحرير، مطالبا
بالقصاص وفتح التحقيق الفورى فى الأحداث، وشهدت ساحة جامع النور بالعباسية
عشرات اللافتات التى يحملها المتظاهرون المكتوب عليها "الشعب يريد إخلاء
التحرير"، ولافتات أخرى تؤيد المجلس العسكرى.
وفى مسجد الفتح برمسيس قال خطيب الجمعة، إن مصر تتعرض لفتن داخلية وخارجية،
وقال، إن أى تيار فى مصر يستطيع الآن أن يحشد لمظاهرات مليونية فى ميدان
التحرير، وتابع "لو حكم مصر حاكم إسلامى بالقرآن والسنة سيعترض عليه
الشيوعيون والنصارى".
من جهته قال الشيخ خالد الصقر، الداعية السلفى، أن الخروج إلى ميدان
التحرير والمشاركة فى ما يحدث هو مكيدة من أجل استدراج الشعب فى فتنة لا
تنتهى حتى تشتعل البلاد وتظل الأمة تبدأ من جديد وتعود إلى الوراء كلما
تقدمت خطوة إلى الأمام، حسب قوله.
ووصف الصقر خلال خطبة الجمعة بمسجد الرحمة بالهرم طلبة العلم الذين خرجوا
على رأى مشايخهم وأساتذتهم ونزلوا ميدان التحرير بدعوى إحياء الثورة وإسقاط
الحكم العسكرى بـ"قليلى التربية، ولم يحسن أساتذتهم تربيتهم وتأهيلهم
علميا، فالعبد الصالح لا يظهر إلا وقت الشدائد ولا ينساق خلف الفتن".
ودعا الصقر جموع المصلين إلى عدم المشاركة بأحداث التحرير حتى لا تشتعل
الفتنة فى مصر، لأن الذين ينظمون تلك المليونيات أناس لا علاقة لهم بالدين،
وأيقنوا أن الديمقراطية التى يدعون إليها ستمكن الإسلاميين من الحكم
باعتبارهم الأكثر شرعية والأعلى صوتا فى الشارع.
ودعا الدكتور أحمد عمر هاشم، أستاذ الحديث الشريف بجامعة الأزهر، فى خطبة
الجمعة اليوم بمسجد الرفاعى، إلى وحدة الصف ونبذ الفتنة التى تحيط بالأمة
حتى نجتاز هذا التحول التاريخى.
وقال هاشم: "اصبروا إن الله مع الصابرين، ووحدوا صفوفكم حتى يرضى عنكم
الله، وتوبوا إلى بارئكم حتى يحجب عنكم عدوكم، مشيرا إلى أن الابتلاءات لا
تنزل إلى أمتنا إلا لذنب كبير ارتكبناه".
وأضاف هاشم فى خطبته التى خصصها لذكرى هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم،
ودعا فيها لمصر فى النهاية، بعد أن قال "ما أحوجنا أن نوحد صفوفنا، وأن
نكون على قلب رجل واحد، ولا نستمع لتلك الدعاوى والشبهات والأيادى الخفية
التى تعبث بنا".
واستكمل: استجيبوا لنصح رسولكم، ولا تباغضوا، وكونوا عند الله إخوانا،
فلنتعاون جميعا.. كل فئات المجتمع على قلب واحد حتى نجتاز هذا التحول
التاريخى، مضيفا، أن الله يرضى لكم ثلاثة، أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا،
وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، وأن تناصروا من ولاه عليكم، وأن تكرهوا القيل
والقال.
وفى مسجد الاستقامة بالجيزة وتحت عنوان "الإسلام وعلاقته بما يحدث فى مصر
الآن"، بدأ الخطيب بسؤال هل للإسلام علاقة بما تشهده مصر الآن والأمة؟
فأجاب قائلا كان للإسلام رأى فيما تتعرض له الأمة، والحلول للخروج من هذه
المحنة، وذلك لأن الإسلام هو الكلمة العليا والنور لأى أمة.
وتطرق الخطيب فى خطبته إلى أمرين الأول الانتخابات البرلمانية القادمة
والثانى كيفية الخروج من الوضع الراهن، ففى الأمر الأول أكد الخطيب أنه لا
يشرفه أن يعطى صوته لمرشح خائن لبلده، ومن يعطى صوته لمرشح يقوم برشوة
الناخبين ولا يراعى شرع الله فهو قد ارتكب جناية فى حق نفسه ووطنه.
وأوضح الخطيب، أن عملية الانتخاب موجودة فى الأديان السماوية حتى فى عهد
الأنبياء مستشهدا بما قام به سيدنا محمد، عندما جعل فى البيعة الأولى
اختيار الناس ممثلين عنهم لقيادتهم، لافتا إلى أن الإسلام يجيز للأغلبية أن
تحصل على الحكم طالما ارتضى الشعب ذلك وفقاً للشريعة.
أما عن كيفية الخروج من الوضع الراهن، فهو أن يتم اختيار الرجل الأصلح
للمنصب وليس الرجل الأفضل، بمعنى أنه يتم اختيار رجلاً فى السياسية يكون هو
الأصلح وليس الأفضل كما فعل الصحابة مع سيدنا خالد بن الوليد عندما استشهد
فى أحد المعارك الثلاثة الحاملين للراية، رغم وجود من هو أقدم وأفضل منه
فى الإسلام آنذالك، إلا أنهم اختاروه لقيادة المعركة لأنه كان الأصلح فى
القيادة الحربية.
وطالب الخطيب فى نهاية الخطبة، أن يعطى كل ناخب صوته للمرشح الأصلح،+ وليس الأفضل الذى يراعى مصلحة الوطن والبلد فوق مصلحته.