الاستاذ الصغير عضو ذهبى
| موضوع: الحكمة من النهي عن إفراد الجمعة بالصوم الجمعة 25 نوفمبر - 20:36 | |
| السؤال: هل صيام النفل ليوم منفرد لا يجوز في الإسلام، وأن الواجب إقرانه بيوم آخر على الأقل بعلة مخالفة اليهود الذين يصومون يومًا منفردًا ؟ أرى أن تلك العلة غير وجيهة ، فما رأيكم ؟ الجواب : الحمد لله إفراد يوم بصيام النفل جائز ، إلا إذا كان اليوم هو الجمعة ، أو السبت ، أو كان يوم عاشوراء وهو العاشر من محرم ، فيستحب صيام قبله أو بعده . وأما يوم الأحد أو الاثنين أو الثلاثاء أو الأربعاء أو الخميس فلا حرج في صومه على الانفراد، بل من السنة صوم الاثنين والخميس . روى البخاري (1985) ومسلم (1144) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ ) . وفي رواية لمسلم : ( وَلَا تَخُصُّوا يَوْم الْجُمُعَة بِصِيَامٍ مِنْ بَيْن الْأَيَّام , إِلَّا أَنْ يَكُون فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ ) . قال النووي رحمه الله : " وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث الدَّلَالَة الظَّاهِرَة لِقَوْلِ جُمْهُور أَصْحَاب الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِمْ , وَأَنَّهُ يُكْرَه إِفْرَاد يَوْم الْجُمُعَة بِالصَّوْمِ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَادَةً لَهُ , فَإِنْ وَصَلَهُ بِيَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ , أَوْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ شِفَاءِ مَرِيضِهِ أَبَدًا , فَوَافَقَ يَوْم الْجُمُعَة لَمْ يُكْرَهْ ; لِهَذِهِ الْأَحَادِيث ... قَالَ الْعُلَمَاء : وَالْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْهُ : أَنَّ يَوْم الْجُمُعَة يَوْم دُعَاء وَذِكْرٍ وَعِبَادَةٍ : مِنْ الْغُسْل وَالتَّبْكِير إِلَى الصَّلَاة وَانْتِظَارهَا وَاسْتِمَاع الْخُطْبَة وَإِكْثَار الذِّكْر بَعْدَهَا ; لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : (فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ فَانْتَشَرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا) وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَات فِي يَوْمهَا , فَاسْتُحِبَّ الْفِطْر فِيهِ , فَيَكُون أَعْوَنَ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْوَظَائِف وَأَدَائِهَا بِنَشَاطٍ وَانْشِرَاحٍ لَهَا , وَالْتِذَاذٍ بِهَا مِنْ غَيْر مَلَلٍ وَلَا سَآمَةٍ , وَهُوَ نَظِير الْحَاجّ يَوْم عَرَفَة بِعَرَفَةَ , فَإِنَّ السُّنَّة لَهُ الْفِطْر كَمَا سَبَقَ تَقْرِيره لِهَذِهِ الْحِكْمَة . فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَزَلْ النَّهْي وَالْكَرَاهَة بِصَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِبَقَاءِ الْمَعْنَى , فَالْجَوَاب : أَنَّهُ يَحْصُل لَهُ بِفَضِيلَةِ الصَّوْم الَّذِي قَبْله أَوْ بَعْده مَا يَجْبُر مَا قَدْ يَحْصُل مِنْ فُتُورٍ أَوْ تَقْصِيرٍ فِي وَظَائِفِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِسَبَبِ صَوْمِهِ , فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد فِي الْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْ إِفْرَاد صَوْم الْجُمُعَة . وَقِيلَ : سَبَبه خَوْف الْمُبَالَغَة فِي تَعْظِيمه , بِحَيْثُ يُفْتَتَن بِهِ كَمَا اُفْتُتِنَ قَوْمٌ بِالسَّبْتِ , وَهَذَا ضَعِيفٌ مُنْتَقَضٌ بِصَلَاةِ الْجُمُعَة وَغَيْرهَا مِمَّا هُوَ مَشْهُور مِنْ وَظَائِف يَوْم الْجُمُعَة وَتَعْظِيمه . وَقِيلَ : سَبَب النَّهْي لِئَلَّا يُعْتَقَد وُجُوبُهُ , وَهَذَا ضَعِيف مُنْتَقَضٌ بِيَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ صَوْمُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى هَذَا الِاحْتِمَال الْبَعِيد , وَبِيَوْمِ عَرَفَة وَيَوْم عَاشُورَاء وَغَيْر ذَلِكَ , فَالصَّوَاب مَا قَدَّمْنَا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى . وأما يوم السبت فيكره إفراده بالصيام ، والحكمة من ذلك : أن الإنسان إذا صام ضعف عن العمل ، فيترك بعض الأعمال التي كان يقوم بها ، فيكون مشابهاً لليهود الذين يتركون الأعمال في يوم السبت ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (106500) . وأما عاشوراء : فروى مسلم (1134) عن عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ ) قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفي رواية له : ( لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ ). قال النووي رحمه الله : " قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : وَلَعَلَّ السَّبَب فِي صَوْم التَّاسِع مَعَ الْعَاشِر أَلَّا يَتَشَبَّهَ بِالْيَهُودِ فِي إِفْرَاد الْعَاشِر . وَفِي الْحَدِيث إِشَارَة إِلَى هَذَا , وَقِيلَ : لِلِاحْتِيَاطِ فِي تَحْصِيل عَاشُورَاء , وَالْأَوَّل أَوْلَى , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى . وقد ظهر لك أن تعيين الحكمة والعلة أمر يجتهد فيه العلماء ، وقد رأيت كيف خَطَّأ النوويُ رحمه الله كثيرا من الأقوال التي قيلت في تعليل النهي عن إفراد الجمعة بالصوم ولهذا فالواجب على المسلم أن يذعن لحكم الشرع ، سواء فهم العلة والحكمة أم لم يفهمها ، فيتلقى كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بالتسليم والقبول والتنفيذ ، كما قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) الأحزاب/36 . وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى . والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب |
|
Nova مديره المنتدى
| موضوع: رد: الحكمة من النهي عن إفراد الجمعة بالصوم الجمعة 25 نوفمبر - 21:02 | |
| |
|