أهلا وسهلاً ومرحبا أخواني وأخواتي في الله الكرام
تعالوا بنا نستكمل استعراض بعض صور ولقطات من حياة الصحابية الجليلة ابنة قاتل فرعون هذه الامة.
عرفنا في الحلقة السابقة كيف كانت عزة نفسها واحترامها لدينا وحرصها الشديد علي التمسك بدينها .
وكانت رضوان الله عليها تسابق دوماً الي كل خير ولا تترك فرصة تقربها الي عز وجل الا وتغتنمها لتفوز في الدنيا والاخرة بمغفرة ربها ورضوانه عز وجل والفوز بأعالي الجنان .
وهاهي تبايع النبي صلي الله عليه وسلم تحت الشجرة مع من بايع في هذا اليوم المبارك.
فلما كان عام الحديبية خرجت الربيع مع رسول الله صلي الله عليه وسلم و بايعت مع من بايع و يالها من منزلة عالية إذ يقول رب العالمين
(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18)
و قد فازت بالخيرية فى تلك البيعة حيث شهد النبى صلى الله عليه و سلم لكل من بايع بأنهم خير اهل الارض
فعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال : قال لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم الحديبية "أنتم خير أهل الارض " وكنا ألفا واربعمائه ، ولو كنت ابعد اليوم لأريتكم مكان الشجرة . [البخاري 4151]
بل لقد بشرها النبي صلي الله عليه وسلم ومن معها بالنجاة من النار ويا لها من بشارة عظيمة .
فعن جابر رضي الله عنه قال : أخبرتني ام مُبشر انها سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول عند حفصه : لا يدخل النار – ان شاء الله – من أصحاب الشجرة احد ، الذين بايعوا تحتها ، قالت حفصه : بلي يا رسول الله . فإنتهرها فقالت حفصه : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً) (مريم:71) فقا ل النبي صلي الله عليه وسلم :(ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً) (مريم:72) مسلم 2496
وظلت الربيع تعيش في رحاب البيئة الايمانية المباركة الي ان جاءت اللحظة التي اظلمت فيها المدينة بموت الحبيب صلي الله عليه وسلم – فحزنت عليه حزناً شديداً
وعاشت في رحاب الخلافة الراشدة وكان الخلفاء يعرفون قدرها ومكانتها فكانوا يحسنون اليها غاية الاحسان.
وطالت بها الحياة حتى خلافة عبد الملك بن مروان ثم نامت علي فراش الموت وفاضت روحها إلي بارئها عز وجل بعد حياة طويلة مليئة بالبذل والتضحية والعمل لنصرة هذا الدين
وها هي رضي الله عنها الربيع وقد فازت بشرف الصحبة فكانت تنهل من النبع الصافي فتعلمت الكثير من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي غدت من راويات الحديث الشريف وكانت مثالا عظيما للمسلمة العالمة التي تتقن العلم وتتحري فيه دقة ألفاظه ومعانية فعرف المسلمون قدرها ومنزلتها فكان عدد كبير من الصحابة والتابعين يأتون إليها ليسألونها عما تعرفه من احكام شرعية حتى روي عنها عدد كبير من أهل المدينة لعلمهم بقدرها ومكانتها عند رسول الله صلي الله عليه وسلم وكثرة ترددها علي عائشة – رضي الله عنها – لتنزود من علمها.وأدبها وفقهها .
قال إلإمام اذهبي : حدث عنها : أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وسليمان بن يسار وعبادة بن الوليد بن عبادة وعمرو بن شعيب وخالد بن ذكران وعبد الله بن محمد بن عقيل وآخرون .
[سيد أعلام النبلاء 3/198].
انتهي الي هذا الحد النص المنقول بتصرف من كتاب صحابيات حول الرسول صلي الله عليه وسلم للشيخ محمود المصري حفظه ورعاه.
والقصة فعلا بها عبر رائعة جميلة.
ما احلاه واجمله من جيل الصحابة الاطهار الغر الميامين.
جيل عاش لله عز وجل وحده لا شريك له في ملكه سبحانه
جيل عاش وكان هدفه رفع راية الاسلام خفاقه عالية شامخة في سماء الايمان
جيل عاش لنصرة هذا الدين الحنيف
ولعلم تتذكرون ما حدث بينها رضوان الله عليها وزوجة ابي جهل وهو خير دليل علي صدقها واعتزازها بدينها واسلامها وما فعله ابوها رضوان الله عليه.
ولست ادري لماذا لا يشعر كل منا بالفخر بهذه النماذج المشرفه من المسلمين والمسلمات الاوائل الذين نشروا فى هذه الارض نوراً وهديا وعلما وتقوي وورع لماذا لا يشعر كل منا ان هؤلاء قدوته ومثله الاعلي
لماذا لا يشعر كل منا انه هو نفسه سفيرا للاسلام اينما كان او سار
وما زال سؤالي يتردد
يا مسلمين اين الاسلام في حياتكم ؟
