بي (رويترز) - هبط بحار ايراني من قمرة السفينة وقفز من على سور يفصل الطريق العام عن رصيف الميناء.
فوجيء بالسؤال فقال "عقوبات؟ لا.. إنها لا تمثل مشكلة لنا."
وبينما كان ينفض غبار سيجارته أشار الى سوق يقع الى جانب المرسى ويضم مجموعة من المتاجر التي تعرض سلعا منزلية وقدورا فخارية ونباتات تجلبها المراكب من إيران إلى الإمارات.
وتنقل مراكب بسيطة هذه السلع وتمثل الدرجة الدنيا في التسلسل الهرمي للتجارة بين البلدين. ولكن حتى هذه باتت تخضع لمراقبة صارمة.
وقال قائد المركب وقد بدا على صوته التعب من الرحلة التي استغرقت 20 ساعة "يفتشوننا الآن بصورة منتظمة بحثا عن اشياء مهربة او مخدرات او اشياء من هذا القبيل."
ولا يمثل هذا سوى جانب بسيط من حملة الإمارات لتنفيذ عقوبات أشد فرضتها الولايات المتحدة على ايران لخنق اقتصادها وإجبار قيادتها على قبول اتفاق نووي.
وتعقد جولة جديدة من المحادثات النووية بين ايران والقوى العالمية في بغداد يوم الأربعاء بعد أن استؤنفت المفاوضات في ابريل نيسان.
وتشتبه الولايات المتحدة وحلفاؤها في أن ايران تستغل انشطتها النووية لإخفاء محاولة لاكتساب قدرة على إنتاج أسلحة ذرية لكن طهران تؤكد أن أنشطتها سلمية تماما.
وتحت ضغط دبلوماسي من واشنطن اتخذت السلطات الإماراتية في هدوء إجراءات صارمة أضرت بتجارتها المزدهرة مع ايران. وأصبحت خطابات الائتمان من المؤسسات المالية الإيرانية عديمة النفع تقريبا الآن ويشكو بعض المواطنين الإيرانيين من إغلاق حساباتهم في بنوك الإمارات.
وفي المنطقة الهادئة التي تقع بها سفارة ايران في ابوظبي وهى عبارة عن مبنى انيق على الطراز الفارسي رفض السفير الإيراني محمد رضا فياض التطرق الى التوازنات الحالية بين ايران والإمارات.
وقال دون إسهاب "كدبلوماسي.. هناك ايام حلوة وايام مرة." وتحدث باستفاضة عن رأيه في فشل العقوبات على ايران.
وتساءل اثناء احتساء الشاي "هل تستطيع أن تعطيني مثالا على شيء لم تستطع ايران تحقيقه خلال 32 عاما من العقوبات؟"
وقال وقد ارتفع صوته أثناء الحديث "نحن أمة محاصرة. بالطبع لن نموت جوعا." ومضى قائلا "نستطيع تحسين كل شيء في ايران الخاضعة لعقوبات."
وأضاف انه على الرغم من محاولات الولايات المتحدة وحلفائها قطع صلات ايران المالية مع العالم الخارجي فإن البنوك الإيرانية واصلت نشاطها دون مشاكل كبيرة خاصة "في الشرق".
وقال فياض إن كل هذا جزء من "الملف الأسود للغرب تجاهنا." واضاف أن الأمر يتطلب من الغرب رفع العقوبات في اقرب وقت ممكن إذا كان يريد استعادة ثقة الشعب الإيراني.
ومن شكاوى إيران المتكررة من الغرب التدخل في سياستها على مر التاريخ ودعم الشاه وإمداد الزعيم العراقي الراحل صدام حسين بالمساعدات العسكرية خلال الحرب بينها وبين العراق.
وفي العقود القليلة الماضية رسخ هذا الحديث قناعة داخل الكثير من الإيرانيين بأن الدول الغربية مسؤولة عن الكثير من الأحداث السلبية في بلادهم.
وعن محادثات بغداد التي بدأت يوم الأربعاء قال فياض "هذه فرصة تاريخية".
وفي المركز المالي الدولي بدبي تجمع ايرانيون أثرياء أميل إلى الطابع الغربي في ليلة افتتاح معرض جديد مخصص للفن الإيراني نظمته شركة مقرها طهران.
وقدمت الشمبانيا للحضور الذين ارتدوا ملابس رسمية وأخذوا يتطلعون إلى الأعمال الفنية التي تمزج بين الفن المعاصر والملامح الإيرانية.
وأقيمت ليلة الافتتاح بمعرض ريرا الفني وبدت بعيدة كل البعد عن المخاوف بشأن الانتشار النووي والعقوبات وإن لم تغب هذه القضايا عن أذهان الحاضرين.
وتساءل مسؤول تنفيذي يعمل بمجال الدعاية وهو يحتسي الويسكي "هل تعلم كم تكلف زجاجة الويسكي من النوع المفضل لدي في طهران الآن؟ 200 دولار. هذه هي العقوبات بالنسبة لنا."
وكان ضيف آخر قادم من طهران متفائلا بأن تكون المحادثات النووية التي تجري يوم الاربعاء خطوة كبيرة على طريق تفادي العمل العسكري ضد ايران.
وقال "ايران متضررة لكن الشرق الأوسط لا يستطيع تحمل أي هزة جديدة... لا يستطيع الغرب تحمل حرب جديدة."
ومع أن معظم الإيرانيين المقيمين في الإمارات لديهم شكاوى من الجمهورية الإسلامية فإنهم يعارضون العقوبات بشدة.
وقال تاجر ايراني "العقوبات تغير سلوك الإيرانيين. هل للغرب اي حق في ان يفعل هذا؟"
وانتقاد الغرب والإمارات موضع حديث بين الكثير من الإيرانيين في دبي. وهم يتحدثون عن امثلة لايرانيين طلبت السلطات منهم إغلاق حساباتهم المصرفية واضطروا للانسحاب من صفقات تجارية بسبب جنسيتهم مشيرين إلى أن هذه حالات واضحة "لرهبة مرضية إزاء الإيرانيين".
إلا أن بعض الإيرانيين يرون أن العقوبات ضرورية لإجبار القيادة الدينية على الإصلاح.
وقال مسؤول تنفيذي بشركة إعلامية ايرانية كبيرة طلب عدم نشر اسمه "أتمنى حقا أن يخرجوا ايران من هذا الوضع ويزيلوا هذا القفص الذي يطوق الناس."
وعن اجتماع بغداد قال "يمكن أن يتيح أفقا جديدا."
غير أنه يشعر بالقلق بشأن الدوافع الحقيقية للولايات المتحدة واوروبا.
وقال "مناخ الخوف الحالي يساعد الدول الغربية على بيع أسلحة في أنحاء المنطقة. استفادت قبل العقوبات ومازالت تستفيد منها الآن."