الفصل الأول
قتيل في الباحة
ما زلت أذكر تلك الأيام التي كنا فيها أنا و ماجد نقدم الاختبارات النصفية الجامعية في العام المنصرم , كان الجو مغبراً كئيباً وملامح السماء الهشة أخفت بين طياتها الغيوم الداكنة .
في ذلك اليوم أيقظني صوت منبهه المزعج فأيقظته , فصلينا ثم ذهبت لإعداد وجبة سريعة مصحوبة بكوبي شاي أخضر , تناولنا فطورنا وجهزنا أنفسنا قبل أن نغادر الشقة , قال لي بنبرة رجل مريض " إنه الإختبار الأخير , سأذهب بعد أنهي الإختبار إلى المشفى , فهل ستأتي معي ؟ "
- إن كان الاختبار سهلاً , سآتي معك بكل تأكيد .
عندما دخلنا الجامعة كانت نصف ممتلئة ما بين حزين و مسرور , رأيت صديقي حسن عند صديقه الحميم مقصف الجامعة , كانت ملامحه تدل على أنه لم ينم جيداً , ذلك المسكين فقد أخيه الأصغر في حادث سير حينما كانا قادمين من بلادهما .
بعد أن قدمت الاختبار , مشيت إلى آخر الممر قاصداً الباب الخلفي , وفجأة سمعت صراخاً من عدة أشخاص , نظرت من النافذة الصغيرة فوجدت مجموعة من الطلاب ملتفين بشكل دائري , ومجموعات أخرى تأتي إلى هذه المجموعة , اتصلت بصديقي ماجد فلم يرد , ذهبت إلى الباحة الأمامية مسرعاً , كل ما رأيته كان شخصاً ملقى على الأرض وكأنه مغمي عليه , وشخص أخر جالس بجواره وكأنه يفحصه أو ما شابه .
ذهبت إلى هناك , وبعد تدافع وعراك مع الطلاب استطعت أن أنظر بوضوح , كان صديقي ماجد جالساً بجوار الشخص , وسمعته يقول " القاتل ما زال هنا " .
كانت صدمة حقيقة حينما سمعت تلك الكلمات , قلت له " وهل فارق الحياة ؟ " , لم يرد علي وكأنه منهمك في تفحص الجثة .
جاء ضابط شرطة إلى المكان وكان يدعى رائد موسى وقال لصديقي "من أنت , ومنذ متى كنت هنا " , فأجابه صديقي " كنت هنا بعد الحادثة بثوان معدودة , سمعت صوت رصاصة وكأنها منطلقة من مكان مرتفع , وعندما نظرت خلفي وجدت شخصاً ملقى على الأرض , فهرعت مسرعاً إليه " .
- الرصاصة جاءت في قلبه .
- وكأنه كان يحمل قناصاً يا سيدي .
- أو محترف في إطلاق النار .
عندما سمعت هذه العبارات خفت خوفاً شديداً وقلت "هل يعني هذا أنه هرب"
- قال الضابط "لن يفلت من قبضتي , علمت من الحراس أنهم منعوا أي شخص من الخروج من الجامعة " .
بحثت عن صديقي حسن ولكني لم أجده فاتصلت به , قال لي أنه انصرف من الجامعة بعد الحادثة , فأجبته " كيف خرجت من الجامعة " , قال لي " كان الحراس يمنعوننا من الخروج فخرجت من باب المسجد كان مفتوحاً " , قلت ذلك للضابط , فقام بتوبيخ الحرس وأخبرني بأن أرجع صديقي حسن إلى الجامعة .
كان اليأس واضحاً على وجه الضابط وعلامات الاستسلام واضحة عليه , فقال الضابط " سأمكث هنا حتى الصباح وسأعزز قوات الأمن هنا , إن لم أعثر على نتيجة فستضيع سمعتي " .
قال صديقي ماجد " لا أظن ذلك يا سيدي , يبدو أن الجثة مقتولة قبل إطلاق النار , ولو نظرنا هنا سنجد آثار أقدامٍ وكأنه كان في عراكٍ مع شخص ما " .
بالكاد تمكنا من رؤية الآثار كان الغبار قد سطى على معظم الآثار , قال الضابط "لِم لم تلحظ ذلك في وقت سابق " , فأجابه " لا تخف يا سيدي إلتقطت صوراً للآثار بعد الحادثة مباشرة " , قال الضابط لصديقي محذراً " إياك أن تلمس موضع الجثة , لم تخرج التهمة عنك حتى اللحظة " , ابتسم صديقي وقال " القاتل ما زال بيننا , تصورت القضية سهلة , لكن بقي فيها بعض الحلقات المفقودة " .
قال له الضابط " ماذا وجدت ؟" , ولم أسمع رد صديقي لأن الشرطة أخرجونا كلنا من المكان ووضعونا في المسجد عدا ماجد .
كان يحرس المسجد 7 من رجال الأمن متوزيعين على مداخل المسجد , وبعد ساعة أي في تمام الساعة الثانية ظهراً وزع أفراد من رجال الأمن علينا وجبات بسيطة , فتناولنها , وبعد فترة قصيرة بدأت أشعر بألم حاد في معدتي أنا وكل من كانوا في المسجد .
.
.
تابعونا...