خواطر رمضانية - جوهر الصيام أهنئكم بقدوم شهر رمضان المبارك، سائلاً المولى أن يعيننا فيه وإياكم على الصيام والقيام، وأن يرزقنا فيه عتقًا من النار.
هذا الشهر المبارك منحة ربانية لهذه الأمة، حيث صار صالحو هذه الأمة يجعلون منه مناسبة كبرى لإظهار العبودية لله تعالى، فهو ليس شهرًا للصيام فقط، لكنه أيضًا شهر للقيام وقراءة القرآن والصدقة وبر الفقراء والعمرة والتواصل الاجتماعي.
رمضان -أيها الأفاضل- فرصة لتقوية الإرادة وتدريب النفس على الممانعة في وجه الشهوات والمغريات، وهو فرصة لصقل الروح وتخليصها من أثقال عام مضى، كما أنه فرصة لتغير بعض الأشياء غير الجيدة في حياتنا: فرصة لمدمني الدخان أن يقلعوا عنه نهائيًّا، وفرصة لمن تعودوا هجر المصحف أن يرتبوا على أنفسهم قراءة جزء يوميًّا، وفرصة لمن يتقاعسون عن الذهاب إلى المسجد وعن قيام الليل أن يبدءوا عهدًا جديدًا مع الله تعالى.
المهم والمهم جدًّا أن نشعر أننا في شوال أصبحنا شيئًا مختلفًا عن شعبان، ولو على صعيد التخلص من عادة سيئة واحدة واكتساب عادة واحدة حميدة، وبعد خمس أو ست سنوات سيجد الواحد منا نفسه، وقد خرج من زمرة الناس العاديين إلى زمرة الناس الأخيار الذين يُقتدى بهم، وينتفع بصحبتهم.
ألا ترون معي -أيها الكرام وأيتها الكريمات- كيف يمكن للمبادئ أن تفرّغ من مضامينها، فنتحول إلى شعارات، وكيف يمكن للعبادات أن تفرغ من مقاصدها ورمزيتها فتتحول إلى شكليات؟! هذا ما يفعله كثير من المسلمين اليوم في رمضان، وإلا فما معنى أن يستهلكوا في رمضان من الأطعمة أكثر من أي شهر آخر؟!
وما معنى أن يسهروا إلى ما قبيل الفجر ويناموا إلى نحو العصر وقد فاتتهم صلاة الفجر؟ وما معنى أن يجلسوا أمام المسلسلات الساعات الطويلة أكثر مما يفعلونه في أي شهر آخر؟!
نحتاج -أيتها الفاضلات وأيها الأفاضل- إلى أن نقف وقفة مراجعة حازمة وواعية؛ حتى لا ننجرف مع التيار، ونسلم أنفسنا للعادات السيئة.
رمضان فرصة لتقوية الصلة بالله تعالى، وزيادة رصيدنا من الحسنات، وتوفير شيء من ثمن الطعام حتى ندفعه للفقراء، هو هكذا، وينبغي أن يظل كذلك بمبادرات كريمة من مسلمين كرام.