جزيرة العزبى» جزيرة مصرية تقع فى قلب بحيرة المنزلة ما بين محافظتى دمياط والدقهلية، وعلى بعد 40 كيلومترا من قرية غيط النصارى، جنوب محافظة دمياط.
ورغم وجود الجزيرة من عشرات السنين، فإنها ظلت منبوذة حتى تم الاعتراف بها منتصف عام 2010، فقد رفض الدكتور محمد فتحى البرادعى محافظ دمياط السابق، الاعتراف بها كجزيرة تابعة للمحافظة، متعللا بأنها تقع داخل حدود محافظة الدقهلية، فى حين لم تجد الدقهلية مفرا من الاعتراف بتبعيتها، فى حين أن 95% من سكانها يحملون بطاقات شخصية صادرة من دمياط، ويصر سكانها أن يكونوا تابعين لدمياط لقربها من الجزيرة، وارتباط مصالحهم بها.
سكان الجزيرة استوطنوا فيها منذ أكثر من قرن مضى، عندما جاء جدهم الأكبر العزبى واستقر فيها وأطلق عليها فيما بعد جزيرة «العزبى» نسبة إلى الجد الأكبر، ووصل عدد سكانها لأكثر من 2000 نسمة، يمتهنون الصيد ــ الأسماك والطيور ــ ليس لهم مطالب سوى الحد الأدنى من الخدمات.
فى البداية قطعنا المسافة باللنش الطائر فى 45 دقيقة، بعد اتفاقات وترتيبات طويلة استمرت شهرا كاملا، روعى فيها ظروف المناخ، ووجود أكبر عدد من الرجال فى الجزيرة.
يؤكد صبرى العزبى أحد سكان الجزيرة، أنها منسية وكأنها ليست أرضا مصرية، فهم يفتقدون إلى مستشفى يعالجهم على الرغم من وجود أراض فضاء، وإذا أصيب أحد من أهل الجزيرة بمرض أو شعر بالتعب فإنه يذهب لدمياط.
وأضاف صبرى وهو يتحسر على حال أهل الجزيرة: «لو واحد مات نحمله على اللنش مسافة 40 كيلو حتى نصل إلى مقابرنا فى دمياط فلا توجد مقابر لدينا بالجزيرة».
ويضيف ممدوح صديق: «كل أهالى الجزيرة يعملون فى الصيد ونسعى لتعليم أولادنا، ولا يقبلونهم فى المدارس لكبر سنهم، وتقدمنا بمذكرة لرفع سن القبول إلى 10 سنوات حتى يتعلم أكبر عدد من أطفالنا، ولكن تم رفض الطلب، ولم يقدر المسئولون أن لنا وضعا خاصا، فنحن لا نريد لأولادنا أن يشبوا ويعيشوا فى الجهل وطلبنا بناء مدرسة فى الجزيرة، ولكن لم يستجب لطلباتنا، فالتعليم فى دمياط مكلف جدا بالنسبة للتنقل والمصاريف ونحن غلابة نعيش على الصيد».
وعن مشكلة المياه قال سلامة عبدالغفار: «المياه تأتى إلينا من قرية غيط النصارى، من حنفية خصصها محافظ دمياط السابق عبدالعظيم وزير، وهو المسئول الوحيد الذى زار الجزيرة، وظل فيها يوما كاملا، وكنا فى رمضان ووعدنا بخدمات كثيرة، لكنه انتقل وأصبح محافظا للقاهرة، وقالوا لنا بعدها «وشكم حلو على عبدالعظيم بيه اترقى وبقى وزير وراح مصر بعد ما جالكم»، وأضاف: كل عائلة تتكلف نحو 30 جنيها أسبوعيا ثمنا لمياه الشرب، وهى ثمن النقل فقط فى مركب مخصص لنقل المياه».
ويؤكد محروس البليسى، أن الكهرباء تمثل مشكلة كبيرة فى الجزيرة، فكل عائلة تمتلك «موتورا» لتوليد الكهرباء يعمل من المغرب إلى الساعة العاشرة، وهناك عائلات لا تمتلك هذا الموتور، وهذا يمثل مشكلة كبيرة فلا حفظ للأطعمة لأنه لا توجد لدينا ثلاجات، ونعيش يوما بيوم، حتى إننا منعنا من صيد الطيور أيام هوجة إنفلونزا الطيور، فكان عندنا ثلاجة كبيرة نحفظ فيها صيدنا من الطيور، ولكن مشكلة الكهرباء وارتفاع ثمن السولار جعلها غير مجدية، لتظل لمبة الجاز هى سيد الموقف.
فى الجزيرة يوجد شيخ يدعى مفرح الخميسى، جاء ليعلم أطفال الجزيرة القرآن الكريم ويعلمهم القراءة والكتابة، واندهش قائلا: الجزيرة قطعة من مصر لكن منسية تماما، وممكن الواحد يموت بسبب إصابته بحمى، ومفيش وحدة صحية أو مدرسة تعليمية، والجيل دا من الأطفال هيطلع معدوم خالص، وممكن يضر المجتمع بدلا من إصلاحه.
ويبقى مقام الجد الأكبر «العزبى» وكراماته، مسيطرا على عقول أهل الجزيرة، فقد قالت لنا إحدى السيدات، إنه عندما توفى «العزبى الكبير» أخذوه ليدفنوه فى الجمالية، ولكن الجثمان طار منهم على المركب القديم الذى كان يقله، وعاد إلى الجزيرة، ولهذا بنوا له مقاما فى هذا المكان، ويقام له احتفال فى نصف العام يجمعون فيه الأموال، ويحضرون أهل الذكر، ويقدمون له النذور عند الشفاء أو تحقق الأمانى.
أما حكاية الرجال عن جدهم الأكبر، فتقول إنه كان حاميهم من شر اللصوص، فكان يعرف متى يحضرون، وبنظرة منه تنقلب قواربهم، ثم ينقذهم وبذلك تكون فعلته دينا فى رقبة اللصوص، وأن هذه القدرة الخارقة، حافظت على توازن العلاقة بينهم وبين كل غريب يأتى إليهم.