الالتحاق بالسلك الدبوماسي حلم كثير من الشباب خاصة المتفوقين من أوائل دفعاتهم الا ان هذا الحلم لا يتحقق علي أرض الواقع كما يري الذين لا يتم اختيارهم ويثيرون الجدل بزن وظائف وزارة الخارجية قاصرة علي فئة معينة من أبناء المسئولين والسفراء وان العمل في السلك الدبلوماسي ليس للأكفاء وانما تتدخل فيه اعتبارات أخري مثل الوساطة والمحسوبية.
قصة عبدالحميد شتا خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذي قام باعداد رسالة الماجيستير وحصلت أبحاثه علي المراكز الأولي في العديد من المسابقات تقدم لاختبارات جهاز التمثيل التجاري أملاً في الحصول علي وظيفة "ملحق تجاري" وتمكن من اجتياز الاختبارات الشفوية والتحريرية والهيئة وكان ترتيبه الأول علي 43 شاباً وصلوا التصفيات النهائية ورغم ذلك لم يتم اختياره لأنه غير لائق اجتماعياً لم يتحمل عبدالحميد الصدمة فاتجه إلي كوبري أكتوبر وألقي بنفسه ولم يظهر الا في اليوم التالي جثة عند القناطر الخيرية.
في المقابل أكد سفراء وزارة الخارجية ان الالتحاق باسلك الدبلوماسي يخضع لشروط واختبارات وقواعد صارمة لا يمكن حدوث أي تجاوز فيها فهي مهنة غير تقليدية تستلزم مواهب وقدرات خاصة لا تتوافر في أي شاب حتي ولو كان من أبناء المسئولين أو السفراء.
تجربة فاشلة
نعمان محمد عاشور: أحد الشباب الذين خاضوا التجربة مع اختبارات وزارة الخارجية يقول انه بمجرد ان تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بتقدير جيد جداً كان يحلم بالعمل بالسلك الدبلوماسي وتقدم لاختبارات وتمكن من اجتياز التجربة بنجاح ولم يوفق في الاختبارات الشفوية وقرر عدم الاستعلام وبحث عن عمل آخر واتجه للعمل بوزارة الشباب والرياضة رغم انه ليس المكان الذي حلم بالعمل فيه الا أنه تمكن من النجاح في عمله الجديد ويتمني ان تتغير الأوضاع بعد ثورة يناير ولا يكون هناك أي توريث لوظائف في أي وزارة أو مجال أملاً في مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
ومحمد عبدالصبور فحاله لا يختلف كثيراً عن نعمان فيقول انه أيضاً من خريجي الاقتصاد والعلوم السياسية بتقدير جيد جداً وتمني العمل بالخارجية لذلك قام بالحصول علي دورات تدريبية في القانون الدولي والمنظمات الدولية وفي اللغة الانجليزية والفرنسية أيضاً وكذلك الكمبيوتر وتمكن من النجاح بتفوق في الاختبارات التحريرية وشعر باقتراب حلمه من التحقيق ثم دخل الاختبارات الشوفية وفوجيء بصدمة استبعاده واتجه بعد ذلك للعمل في المجال الاعلامي ويتمني ان تقوم اللجان التي تتولي التحكيم في اختيار شاغلي هذه الوظائف بمراعاة الكفاءة والقدرات الشخصية وتبتعد عن الوساطة والمحسوبية لأن هذا العصر انتهي.
بدون مجاملات
علي الجانب الآخر رفض السفير عاصم مجاهد- مساعد وزير الخارجية الأسبق- ان تكون هناك أي وسائط في العمل بوزارة الخارجية ويضيف أن دفعته في أواخر الستينات لم يكن فيها أحد من أبناء السفراء كما أنه في احدي السنوات كانت نتيجة اختبارات الخارجية "لم ينجح أحد".
ويؤكد ان التمثيل الدبلوماسي ليس مهنة قاصرة علي كلية واحدة وانما تقبل خريجي جميع الكليات اذا توافرت فيهم الشروط.
مؤكداً علي ان هناك اختبارات تحريرية وأخري شفوية وثالثة نفسية من ينجح في اجتياز الأول ينتقل للاختبار التالي وهناك قواعد يتم الالتزام بها بمنتهي الحسم وبدون أي مجاملة.
ويؤكد ان هناك بعض السفراء من أبناء الدبلوماسيين دخلوا هذه المهنة تمكنوا من التفوق علي آبائهم. فالفيصل هنا هو القدرات والمواهب وفي المقابل هناك الكثير من أبناء السفراء فضلوا الابتعاد عن هذه المهنة لما واجهه آباؤهم مثل كثرة التنقلات بين بلدان العالم وتعدد المدارس التي يلتحقون بها فيخافون من تكرار التجربة بسبب أعباء هذه المهنة وما تلزمها من عدم استقرار بين الأهل والأصدقاء والسلك الدبلوماسي ليس كل سفرياته في لندن وباريس وفيينا فهناك بلاد اسيا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا وهي بلاد تصعب الحياة فيها فهي مهنة ليست بالسهلة.
لا توريث
أما السفير محمد بسيوني فينفي تماماً وجود توريث في وظائف وزارة الخارجية لأنها مهنة غير تقليدية وتستلزم للحصول عليها اجتياز اختبارات تحريرية وشفوية. مؤكداً عدم وجود أي وسائط أو اختبارات خارجية. لأن الاختبارات سرية ويتوقف النجاح فيها حسب القدرات كما أنها تحتاج لاجادة أكثر من لغة أجنبية والقدرة علي تحليل الأحداث ويتمتع بالقدرات والمواهب وتتوافر فيه الشروط يمكنه التقدم للاختبارات التي تتم بحيادية تامة.
تقاليد
في حين يري السفير أحمد الغمراوي عضو المجلس المصري للشئون الخارجية ان العمل بالسلك الدبلوماسي له تقاليد ومعايير خاصة لان السفير في الخارج يكون ممثلاً متحركاً لصورة مصر لذلك لابد من اختيار صورة تعكس حضارة مصر وعراقتها وهو ما تحاول وزارة الخارجية مراعاته من خلال اختبارات تتم بحيادية تامة.
ويشير إلي ان هناك عدداً كبيراً من التخصصات سواء كانوا أطباء أو مهندسين أو ضباط شرطة دخلوا السلك الدبلوماسي ووصلوا إلي درجة سفراء وتميزوا في عملهم لدرجة كبيرة لأنهم كانوا يتمتعون بالمؤهلات المطلوبة ولديهم الرغبة في التخصص في الشئون الخارجية.
وينفي تماماً وجود أي توريث أو مجاملة لأي متقدم بدليل ان هناك أكثر من دفعة تقدم فيها بعض أبناء السفراء ولكن لم يوفقوا في الاختبارات.