[خصال وأخلاق النبي }
الحمد لله الذي بعث سيدنا محمدا نبيا رحيما وسراجا منيرا هداية للمهتدين وسيفا مسلولا للمعتدين صلى الله عليه وبارك وعظم وبعد :
إن من كمال المحبة وتمام الإتباع هو الإلمام بأخلاق الحبيب عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى التسليم .أيها الناس هاهي جملة خصال ستقرأ على مسامعكم من أخلاق سيدي الخلق فليحدث كل منا نفسه أين هو منها فإن كان قد تحلى بها ووفق لها فليحمد الله على فضله وكرمه وليسال الثبات على ذلك إلى الممات وإن كان ممن تنكب عنها وهو في وادوهي في واد فليجأر إلى الرب الرحيم .وإلا فمجرد الاحتفال بليلة المولد لايفيد حتى تكون سنته حاضرة في الذهن كل يوم أينفعك لباسك في صبيحة المولد البياض وأنت قد خالفت العهود وتمرن لسانك على عدم الصدق وقل أن تفي أو تنتفع بعمرة المولد وقد ماطلت في سداد ما عليك وجوعت من أرهقت كاهلهم وماطلتهم حتى جف منهم الدم لا العرق فحسب.إن عرض هذه الأخلاق على معظم المسلمين يتبين للعاقل ندرة العمل بها كندرة الكبريت الأحمر.دليل ذلك ما تبدى في معاملة الناس وما أحدثوا فيها من منكرات تشبع أهواءهم فأين الصدق في العمل أليس الغش قد أصبح لدينا من قبيل المسلمات فهذه المشارع التي تقام في بعض بلاد المسلمين تنبئك عن شدة الكارثة طرق تعبد لاتقام إلا بضعة أسابع حتى تحتاج إلى إعادة الهيكلة بينما طرق خدمها المستعر ما زالت غضا طريا فإلى نحن إن من يغش أمته ليربح سيرى في الدنيا الجزاء وعند الله ينقلب الربح ويلا فلتنتبه يا من سموك رجل الأعمال.واخجل فإن نبيك يقول:من غشنا فليس منا.وبعد هذه الجولة السريعة فإلى الموضوع بتفصيل
أولا : حسن معاملته مع الناس يتضح ذلك من الأحاديث التالية :
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ بَعِيرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطُوهُ فَقَالُوا مَا نَجِدُ إِلَّا سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَوْفَيْتَنِي أَوْفَاكَ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً>البخاري
.السن : الناقة أو البعير في عمر معينة..هل اتبع معظمنا اليوم هذه التعاليم والأخلاق فكم نسمع من مقترض تنكر لمقرضه وكم من مكتر امتنع من أداء الكراء والسداد أو من الإفراغ نظرا لما عليه معظم الجماهير لجهلهم بأحكام الشرع وتعاليمه السمحة ..وكم من شخص منح دارا للسكنى رحمة به تحول إلى وارث يطالب بالفدية مقابل الإفراغ .ثم كم من مقترض امتنع عن السداد أو ماطل بلا موجب شرعي وهناك أحوال كثيرة في مجتمعا أضربنا عن ذكرها لطولها وسماجتها وبالتالي ترى الكثرة المتاكثرة تهرول إلى إحياء عيد مولده عليه لسلام بالحلوى فأين العمل بالسنة .2 ـ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ
اسْتَقْرَضَ مِنِّي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا فَجَاءَهُ مَالٌ فَدَفَعَهُ إِلَيَّ وَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ إِنَّمَا جَزَاءُ السَّلَفِ الْحَمْدُ وَالْأَدَاءُ>النساءي .
3ـ عَنْ أَبِي {1001}
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا ثُمَّ قَالَ أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ فَقَالَ أَعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً> البخاري . قَوْله : ( فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا )
أَيْ صَوْلَة الطَّلَب وَقُوَّة الْحُجَّةِ ، لَكِنْ مَعَ مُرَاعَاةِ الْأَدَبِ الْمَشْرُوعِ . وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ إِذَا حَلَّ أَجَلُهُ . وَفِيهِ حُسْنُ خُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِظَمُ حِلْمِهِ وَتَوَاضُعه وَإِنْصَافه ، وَأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْن لَا يَنْبَغِي لَهُ مُجَافَاة صَاحِبِ الْحَقِّ ، وَأَنَّ مَنْ أَسَاءَ الْأَدَب عَلَى الْإِمَامِ كَانَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ بِمَا يَقْتَضِيه الْحَالُ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ .اهـ الفتح .