هي عبارة عن استجابات بديلة للاستجابات الواقعية فإذا لم يجد الفرد وسيلة لإشباع دوافعه في الواقع فإنه قد يحقق إشباعا جزئياً عن طريق التخيل وأحلام اليقظة وبذلك يخف القلق والتوتر المرتبط بدوافعه. فالفقير يحلم يالثراء والفاشل قد يتخيل أنه وصل إلى قمة المجد. وبعض التخيلات تكون هي الدافع الأساسي لأن تكون عينا الشخص تنظران إلى الخيال.
و يلجأ معظم الناس إلى أحلام اليقظة أحياناً، ولكن الأسوياء سرعان ما يعودون إلى الواقع، أما الاستغراق الشديد فيها إلى درجة استنفاد جزء كبير من الطاقة النفسية، فذلك يؤدى الإسراف فيها بشكل عصابي مرَضي، قد ينتهي إلى العجز عن التمييز بين الواقع والخيال.
كثيراً منا يذكر كيف كنا نستغرق في أحلامنا الممتعة أيام الطفولة ونصنع منها قصصاً عن الاكتشافات التي سوف تهز العالم وعن البطولات العنترية التي سوف تدعنا إلى مصاف أبطال التاريخ الأفذاذ، ونصدق أحياناً ما نتخيل أو ما نقرأ من مغامرات بوليسية وكنا نسعد لذلك وننتشي كأننا تخيلنا ما حققنا في الواقع الحي.
وسرعان ما نعود من أحلامنا إلى واقع حياتنا، وقد حفزتنا هذه اللحظات إلى بذل الجهد وتعبئة الطاقات لتحويل الحلم إلى حقيقة والخيال إلى واقع ملموس وتلك هي الصورة الصحية لأحلام اليقظة حيث تكون هذه الأحلام بمثابة الدافع المحرك لطاقاتنا الخلاقة إلى العمل والإبداع، فالأحلام من هذا النوع تلهب خيالنا بالطموح والتطلع إلى تأكيد ذواتنا وتحقيق إمكانياتنا بما تتيحه لنا من سعة الأفق ورحابة الفكر ولا شك أن المستعرض لتاريخ العظماء والعباقرة والمكتشفين لابد وأن يتأكد من هذه الحقيقة بنفسه مثل ابتكار أو اكتشاف لم يكن في البداية إلا حلماً جال بخاطر مبدعه وحفزه إلى أن يجرب ويجرب حتى أمكنه أن يحول هذا الحلم إلى حقيقة واقعة.
وهنا لا يكون الحلم بعيداً عن الواقع بل يكون عاملاً مساعداً في تقبل الواقع أولاً ثم تعلمه ثانيا ثم محاولة إعادة بنائه ثالثاً تمهيداً لتخطي الواقع الحاضر إلى واقع أفضل وأكثر بهجة وسعادة ولكن كثيراً منا يذكر أحلام اليقظة الوردية وكيف كنا نتعجل في هذه الأحلام أن نحقق كل طموحنا ورغباتنا بل ودورنا المنتظر مع من نحب... وننسج خيوط أحلامنا في لهفة اللقاء وطول الانتظار وسهر الليالي وعذاب الحرمان.
فمن استطاع على الاستغراق في هذه الأخابيل والأحلام فقد استطاع أن يشق طريقه في الحياة وحول أحلامه إلى حقيقة أما من استسلم إلى أحلامه فقد ظل طول حياته أسير أحلامه شأنه في ذلك شأن المدمن على تعاطي المخدرات، غير قادر على تحقيق أي شيء اللهم أن يحلم ويحلم...