الحب عند رسول الله .....
عائشة بنت الصديق رضي الله عنها:
مع زوجته عائشة التي يحبها كثيراً، يراها تشرب من الكأس فيحرص كل الحرص
على أن يشرب من الجهة التي شربت منها، حب حقيقي لا يعرف معنى الزيف، لإن
صار الحب
في زماننا اليوم شعاراً ينادى به وكلمات تقذف هنا وهناك فإنها في نفس محمد
عليه الصلاة والسلام ذات وقع وذات معنى قل من يدركه ويسعد بنعيمه.
وهو يسابقها في وقت الحرب، يطلب من الجيش التقدم لينفرد بأم المؤمنين عائشة ليسابقها ويعيش معها ذكرى الحب في جو أراد لها المغرضون أن تعيش جو الحرب وأن تتلطخ به الدماء.
لا ينسى أنه الزوج المحب في وقت الذي هو رجل الحرب.
وفي المرض، حين تقترب ساعة اللقاء بربه وروحه تطلع إلى لقاء الرفيق
الأعلى، لا يجد نفسه إلا طالباً من زوجاته أن يمكث ساعة احتضاره ( عليه
الصلاة والسلام ) إلا في بيت عائشة، لماذا؟ ليموت بين سحرها ونحرها، ذاك
حب أسمى وأعظم من أن تصفه الكلمات أو تجيش به مشاعر كاتب.
ذاك رجل أراد لنا أن نعرف أن الإسلام ليس دين أحكام ودين أخلاق وعقائد
فحسب بل دين حب أيضاً، دين يرتقي بمشاعرك حتى تحس بالمرأة التي تقترن بها
وتحس بالصديق الذي صحبك حين من الدهر وبكل من أسدى لك معروفاً او في نفسك
ارتباط معه ولو بكلمة ( لا اله إلا الله، محمد رسول الله ).
حب لا تنقض صرحه الأكدار، حب بنته لحظات ودقات قلبين عرفا للحياة حبا يسيرون في دربه.
هي عائشة التي قال في فضلها بأن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر
الطعام، وهي بنت أبو بكر رفيق الدرب وصاحب الغار وحبيب سيد المرسلين.
هي عائشة بكل الحب
الذي أعطاها إياه، حتى الغيرة التي تنتابها عليه، على حبيبها عليه الصلاة
والسلام، غارت يوما من جارية طرقت الباب وقدمت لها طبق وفي البيت زوار
لرسول الله من صحابته، فقال للجارية ممن هذه، قالت: من أم سلمة، فأخذت الطبق ورمته على الأرض، فابتسم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وقال لصحابته، غارت أمكم! ويأمرها بإعطاء الجارية طبقا بدل الذي كسرته.
أحب فيها كل شيء حتى غيرتها لمس فيها حبا عميقا له، وكيف لا تحب رجلا كمثل محمد عليه الصلاة والسلام.
في لحظة صفاء بين زوجين يحدثها عن نساء اجتمعن ليتحدثن عن أزواجهن و يذكر
لها قصة أبو زرع التي أحبته زوجته وأحبها، وكانت تلك المرأة تمتدح أبو زرع
وتعدد محاسنه ولحظاتها الجميلة معه وحبهما ثم ذكرت بعد ذلك طلاقها منه
بسبب فتنة امرأة، ثم يقول لها رسول الله (كنت لك كأبي زرع لأم زرع، غير أني لا أطلق) فرسول الله هو ذاك المحب لمن يحب غير أنه ليس من النوع الذي ينجرف وراء الفتنة فهو المعصوم عليه الصلاة والسلام.
لكن هذا الحب لا يجعله ينسى أو يتناسى حبا خالداً لزوجة قدمت له الكثير وهي أحب أزواجه إلى نفسه، لا ينسيه خديجة.
ففي لحظة صفاء يذكر لعائشة خديجة، فتتحرك الغيرة في نفسها، الرجل الذي تحب
يتذكر أخرى وإن كانت لها الفضل ما لها، فتقول له: ما لك تذكر عجوزا أبدلك الله
خيرا منها (تعني نفسها)، فيقول لها، لا والله ما أبدلني زوجا خيرا منها،
يغضب لامرأة فارقت الحياة، لكنها ما فارقت روحه وما فارقت حياته طرفة عين.
أحب عائشة لكن قلبه أحبه خديجة أيضا، قلبه اتسع لأكثر من حب شخصين، قد
يحار في العقل إذا ما علمت رجلا أحب جماهيرا من الناس لا تحصيهم مخيلتك،
فالحب الذي زفه للناس حبا حملته أكف أيدي وقدمته للأمم، ولله در الصحابي
القائل (نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام)