بسم الله الرحمن الرحيم
قالت لي نفسي:
نارك وجنتك بين جنبيك.. نارك وجنتك فيما تختار, وما تعجل اليه من اقوال وافعال, وماتبادر اليه من عمل وماتمتد اليه يدك من حلال وحرام.
يدك هي التي تحفر بها قبرك وتصنع بها مصيرك, ولسانك هو الذي يهوي بك الي الهاويه او يصعد بك الي اعلي عليين.. انت ماتقول وانت ماتفعل.
انظر ماذا تفعل تعلم مسكنك, وتشهد قيامتك قبل قيامتك وتعلم ساعتك قبل ساعتك.
قال لي شيطاني مستنكرا:
واين انت الان من قيامتك واين انت من ساعتك؟ هذا الوسواس الشوم الذي تصحو وتبيت فيه.. انظر حولك يافتي.. انت مازلت في الدنيا اقطف زهرتها, وانعم بلذاتها, وامامك فرص التوبه ممتده بطول عمرك.. وانت ماعشت فانت في رعايه التواب الغفار غافر الذنب وقابل التوب.. لاتعقد امورك واضحك للايام تضحك لك..
قلت وانا اتحسب كل كلمه
تضحك لي او تضحك علي يالعين.. ومن ادراني ان ما اقول الان هو اخر اقوالي وما افعل الان هو ختام افعالي, واني ميت اليوم ومن مات فقد قامت قيامته وبدات ساعته.
قال شيطاني.. اعوذ بالله من غضب الله
ماهذا الكابوس الذي تعيش فيه حياه كالموت وموتا كالحياه لم يبق الا ان تصنع لنفسك تابوتا وتنسج لك كفنا تتمدد فيه.. اين انت من هذا اليوم يارجل؟!
قلت:
ومن يدريني ان بعد اليوم بعد
قال شيطاني:
هل اقمت من نفسك قابضا للارواح وفالقا للاصباح ام انك المتنبي الذي لا تخيب له نبوه.. الزم غرزك يارجل ما انت الا عبد من عباد الله.. عش يومك كانك تعيش ابدا.
قلت:
ما قالوها هكذا يالئيم.. بل قالوا.. اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا, واعمل لاخرتك كانك تموت غدا.. ارايت كيف تقلب كل الحقائق.
قال شيطاني:
انما اردت لك الحياه, واردت انت لنفسك الموت.. ومرادي كان دائما مصلحتك.
قلت:
بل موت النفوس كان مرادك, وهلاكها في الجحيم كان شغلك الشاغل, وهمك المقيم ياسمسار الجحيم.
***
هل كنت اكلم احدا؟؟.. ام كان يكلمني احد
هل كان حوارا بحق.. ام كان خيالا.. اتخيله
ان حديث النفس حقيقه لاشك فيها.. وهو نوع من الاعجاز الرباني.. فهو حيث داخلي لايسمعه غيرك, ولا يطلع عليه سواك.. ولايستطيع اي جهاز الكتروني بشري ان يسجله عليك.. والنفس فيه طرف.. والطرف الاخر يمكن ان يكون النفس ذاتها.. ويمكن ان يكون الشيطان.. وابراهيم الكليم ابو الانبياء كلمه ربه.. وهكذا ترتفع المكالمه لكل نفس علي حسب قدرها ومستواها.
يقول ربنا محادثا موسي في سوره الاعراف الايه144
"
قال ياموسي اني اصطفيتك علي الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما اتيتك وكن من الشاكرين
".
وحينما تكون وساوس النفس من المستوي الشيطاني.. يمكن ان يكون الشيطان طرفا في الحديث.. وحينما ترتفع النفس الي المستوي الملائكي.. يمكن ان يكون القرين المتحدث ملائكيا.. وكلما ارتفع مستوي الحديث ارتفع مستوي المتحادثين.
وللغيب علومه كما ان للفيزياء علومها وللذره علومها وللنفس علومها.
والشيطان حقيقه وليس شخصيه روائيه خياليه من بنات خيال المؤلفين.
وفي اخر الزمان حينما تقوم القيامه سوف يعترف الشيطان بما فعل بضحاياه امام الملأ وامام الحشر المجتمع من كل الخلائق.
"وقال الشيطان لما قضي الامر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم ما انا بمصرخكم وما انتم بمصرخي اني كفرت بما اشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب اليم"
(22 ـ ابراهيم).
وهكذا ينزل ستار الختام علي الدراما الكبري للوجود التي استغرقت اجيالا وقرونا من ادم اول الخلق الي الخاتم محمد بن عبدالله اخر الرسل عليه الصلاه والسلام.. في كلمات هائله تتصدع لها القلوب ومشهد جامع يشيب لهوله الولدان.
وسوف نري الشيطان ساعتها, وهو يتكلم في قلب الجحيم وسوف نسمع اخر كلماته
ان الظالمين لهم عذاب اليم
ان الشيطان حقيقه وليس اسطوره
والنار حق
والعذاب حق
انها ليست اوبرا ياساده.. يصفق بعدها الحضور وينزل الستار.. كما يتصور الاوروبيون المتحضرون عشاق الفن.
والامر ليس كما تصوره الرئيس ميتران في الحديث التليفزيوني الذي اجاب فيه علي المذيع الذي ساله.. ماذا تقول لله حينما تراه ياسياده الرئيس.. فاجاب ميتران:
سوف اقول له
sorry
هكذا قال الرئيس ميتران في بساطه فرنسيه
ولا اظن ان الرئيس ميتران سوف يري الله.. ولا اظنه سوف يقوي علي مكالمته.
ولا اظنه سوف يجتمع له رشد امام ذلك المشهد الرهيب او يبقي فيه لب لينطق.
وكان اخر ماشهدت من الرئيس ميتران مشهدا لا انساه ايام حرب الاباده التي اعلنها الصرب علي مسلمي البوسنه.
رايته وقد جاء مسرعا من فرنسا ليري بعينيه مصارع المسلمين في الارض الاوروبيه.. ووقف يتلفت حوله في ثقه واعتداد.
اخيرا جاء يوم الطرد النهائي للمسلمين من الارض الاوروبيه
هكذا نطقت عيناه.. وان لم تنطق شفتاه.
وقلت له في نفسي ساعتها
بل لم تنته القصه بعد ياسياده الرئيس
وقد انتهت حياه ميتران ومات بالسرطان
ولم تنته القصه, بل تعددت فصولا.. فشاهدنا لها فصلا ثانيا في حرب كوسوفا, ثم فصلا ثالثا في حرب الشيشان تخوضها روسيا بتمويل امريكي ومسانده اسرائيليه وسكوت اوروبي.
والحرب معلنه علي المسلمين في كل مكان هذه الايام
وللشيطان اعوان من شياطين الانس بلا عدد..
ولله شهداء يختارهم كل يوم ليزين صدورهم باوسمه البطوله
والحرب مستمره.. وسوف تتعدد فصولا الي اخر الزمان.. حينما ينزل ستار الختام.. وتعلن الحقائق في مشهد جامع هو يوم القيامه
واعترف باني شديد الفضول لرويه السيد ميتران ساعتها.. شديد الفضول لما سيقول.. هل سيقول لرب العالمين
sorry
كما زعم في حديثه الكوميدي في التليفزيون
ليرحمنا الله جميعا..
فهذا مشهد يشق علي الجبابره
فما بال الضعفاء امثالنا
ومازلت اعجب كيف قالها.. بهذه البساطه الفرنسيه
انه قطعا لم يتصور انه يتحدث عن واقع سيقع.. ولم يخطر بباله ابدا انه سوف يحدث كما تروي الكتب الدينيه
والاوروبي العادي يفتح فمه في دهشه اذا قلت له انه سوف يقوم من الموت ليقف بين يدي الله.. رب العالمين..
ولو انه ايقن بذلك وامن به.. لما كان هناك استعمار.. ولما كانت هناك تلك المجازر البشعه والاباده المنظمه التي زاولها الرجل الابيض في حروبه مع السود في افريقيا واسيا.. ومع المسلمين في كل مكان..
وانما الظلم كان يملا صفحات التاريخ ليقين الظالمين بانه لا قيام بعد الموت ولا حساب ولا مسائله.
والكبار كلهم ظنوا انهم لايموتون ولايحاسبون.. والذين خطر لهم انهم يمكن ان يموتوا كان يقينهم ان الله سيبعثهم ملوكا.. وان جنه الاخره لهم.. كما كانت جنه الدنيا لهم.. وشيطانهم صنع لهم ذلك الوهم واقنعهم به..
وكان قدماء المصريين اكثر من أمن بالبعث والحساب والميزان
ولهذا كان المصريون اكثر الشعوب انسانيه.
انه افك قديم قدم التاريخ حكايه انكار الناس للبعث واكثر الشعوب تقدما واقواها باسا كانت اكثرها كفرا.
وهكذا كان ظن جاجارين حينما خرج من جو الارض الي الفضاء.. وكانت اول رساله ارسلها الي الشعب الروسي.. انا في فضائ بلا نهايه.. لا وجود لاحد هنا غيري.. ولم اجد الله.. وحيثما اتلفت لا اجد الها.. لا احد سواي.. ورددت ابواق الاذاعه الشيوعيه في موسكو لفورها.. ان جاجارين جاء بالخبر اليقين, وانه لم يجد الها في السماوات.
هل تصور جاجارين انه سيجد الله في شرف استقباله وان موسيقي الملائكه سوف تعزف له السلام الملكي.
وقد مات جاجارين بعد ذلك بشهور في حادث تصادم.. ليس في الفضائ.. ولكن في الارض.. وفي ازقه موسكو كاي ******* ضال.. وراي ساعتها ماكان ينكره.. ولكن بعد فوات الاوان بعد ان اصاب لسانه الخرس وتوقف قلبه عن الخفقان.. ودفن مع سره في ظلام النسيان.
وسيظل مابعد الموت طلاسم وظنونا وغيوبا مغيبه
ولن يـكشف السر الا بعد ان يغلق الباب الدائري خلف كل مرتحل ويستحيل التواصل بينه وبين احد من الاحياء.. وفي ظلام الوحده المطلقه سوف تتجلي له الحقيقه وسوف يري كل شيئ.. وساعتها لن ينفع الندم.. فكتاب الاعمال اغلق.. وحياته انتهت.. ومابقي سوف تتقطع له نياط القلوب.
والويل لمن لايفهم
ان الله موجود ليس لان المسلمين يؤمنون بوجوده, ولكن لانه حقيقه مطلقه ازليه لا معني لاي شيئ بدونها.
الله هو سر الجمال, والرحمه, والموده, والحريه, والحياه.............................
واسماؤه الحسني مطبوعه علي الورده, وعلي اشراقه الفجر, وعلي ابتسامه الوليد, وعلي اطلاله الربيع, وعلي كفتي الميزان, وعلي صولجان الحكم.. فهو العدل الحكم.. وبدونه يستحيل العدل وتستحيل الرحمه وينطمس الكون ويظلم, فهو نور السماوات والارض.
وهو الذي يمسك السماوات والارض ان تزولا ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده.
ان الدين يبدا به.. والفلسفه تنتهي اليه.. والعقل يتوقف عنده.. فلا كيف ولا كم ولا اين ولا متي..!!!
وانما.. هو..
ولا اله الا هو
ولا يملك العقل الا السجود.. ولاتملك العين الا البكاء ندما
رفـعت الاقلام وجفت الصحف
اسالوا لنا ولانفسكم الرحمه..
والتمسوا لنا ولانفسكم النجاه
لم يبق الا التوسل