بســـــــــــ الله الرحمــن الرحيـــــــم ـــــــــم
جعل الله تعالى الحياة الدنيا ( لعب ولهو ) ليوصل عباده الى الاستمتاع بها حتى لا يشعروا بالملل ويعتريهم القنوط ويبيعوا أولاهم بآخراهم , قد يخطئ البعض في فهم معنى اللعب واللهو المطلق في الآيات التي ذكرت حقيقة الحياة الدنيا بأنها ( كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الـأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح ) ليضيع حياته في الانغماس بملذاتها غافلا عن حقيقة ذاتها في كونها معبر لدار أخرى ينعم فيها بالنعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول فالدنيا ممر والآخرة مقر كما يقولون أو أن يهجر ملذات الدنيا ويعتكف على العبادة وينذر نفسه لله تعالى في صومعة يحيي قلبه بذكر الله وعبادته ويغفل دوره في مجتمعه فأثره على نفسه فقط غير آبه بالناس ظلوا أو أهتدوا وينسى نصيبه من الدنيا التي جعلها الله حلوة نظرة وأمده فيها بمتع وملذات سيشعر بسعادة أكثر إذا أحسن استخدامها وصرفها بالحلال مع مافي قلبه من ايمان
- تذكر ايها المبدع أن الحياة - حلوة - بس نفهمها ولن نفهمها الا اذا عرفنا مواطن الروعة في ذاتها وملذاتها للوصول الى قمة الابداع في صناعة الاستمتاع وما هو حاصل اليوم من شعورنا بالملل ورغبتنا في الدعة والراحة وموت الاحساس بالمتعة في الحياة في ضوء ديننا القويم أفقدنا اللذة التي كان يشعر بها أسلافنا لدرجة أنهم يقولون أنهم في سعادة لو علم عنها ملوك الأرض لجالدوهم عليها بالسيوف وهم ملوك الأرض لم يحرموا من ملذات الدنيا وشهواتها ليكون الحكم في ذلك قوله تعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربِ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وطذلك اليوم تنسى )
- الدنيا يا سيدي ساعة فاجعلها في طاعة ولن تشعر أبدا بلذة الدنيا ومتعتها الا اذا أجدت فن الاحسان : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك فكل متع الدنيا متاحة مشروطة بمراقبة ذاتية تجعلك تجردها من نوازعك الشيطانية لترى إذا كانت موافقة لرضا الله تعالى والا تركها أوجب وأعلم يقينا أن الترك لا يعني المنع والردع فقط بل تعويض ممن تركت اللذة المحرمة من أجله فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه أتذكر قصة رجل في بغداد عرف بالمسكي - من رائحة المسك - وهو رجل فقير معدم عرف بالصلاح والتقوى وأوتي جمالا ووسامة لدرجة يفتتن فيه من في قلبه مرض من النساء كان صاحبنا بياعا متجولا دعته إحدى نساء المدينة لتبتاع منه بعض الاشياء وأدخلته في خدرها وقالت " هيت لك " وكانت معروفة بوجاهتها ومكانة أهلها في بغداد ولم يجد صاحبنا بدا من أن يخضع لها ويسايرها ( لولا أن رأى برهان ربه ) فاستأذنها في دخول الخلاء أعزكم الله استعدادا للحظة الوصال تعصف به نوازع الشر والخير في الترك أو الإقدام ولم يجد بدا من أن يغطي جسده بما يحويه الخلاء من مستقذر أعزكم الله ويخرج عليها لتطرده في الفور , خرج صاحبنا عائدا لبيته يشق شوارع بغداد ويسفهه الصبيان لسوء منظره ورائحته النتنة حتى وصل بيته واغتسل وحمد الله تعالى اذ نجاه يقال ان الله تعالى أبدله رائحة المسك العطرة تنبعث من جسده من تلقاء نفسه لم يعرف لها مثيلا ظلت ملازمه له طول حياته لدرجة أنه يمر في الشارع ويعرف من رائحته انه مر منه وعرف في بغداد كلها بالمسكي يقال أنه مالت وكل من مر قبره يشم تلك الرائحة التي عرف بها فقد عرف الله تعالى حق المعرفة وشعر بلذة عبادته لتغنيه عن كل لذة بالاحسان بعد الايمان والله تعالى يحب المحسنين
- حدد لنفسك هدفا وأخلص النية في تحقيقه والوصول اليه في عملك في تعاملاتك في حياتك الخاصة والعامة فتحقيق الاهداف يشعرك بقيمة العمل الموكل اليك ومتى شعرت بقيمة الشئ مهما كان صغيرا او بسيطا فستشعر بمتعة أكثر وانت تمارسه ليكون دافعا لك على النجاح في تحقيقه ولتصل الى درجة - الرضا - عن نفسك بعد رضا الله تعالى عليك وتقديرك لذاتك هذا الاحساس يجلب لك السعادة والمتعة لتكون مبدعا وممتعا في نفس الوقت
- لكي تكون مبدعا في الاستمتاع بحياتك انظر الى مواطن الجمال فيها ولا تسمح للحزن ان يشق طريقه الى نفسك واعلم انك لست وحدك من يبتلى بالمصائب والهموم فما سلم من الهم أحد ولا تندم أبدا على ما فاتك واستشعر قيمة الأمل وأوقد شموعه في داخلك وغض الطرف عن أحزانك بل أشغل نفسك عن همومك وليس أفضل من ذكر الله تعالى والاستغفار في الأمان والاطمئنان من هموم يحركها الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم ( ليحزن الذين آمنوا ) لينتصر عليك ويحزنك ويغمك ويسيرك الى ما يبعدك عن الرحمن ويقربك للنيران فمثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت ( الا بذكر الله تطمئن القلوب )
- ضخ دماء التجديد في حياتك وأعط نفسك اجازة من المتاعب وضغوطات الحياة يا أخي سافر في أرض الله الواسعة وأطلق النظر في ملكوت السموات والارض وتعلم ممن حولك مما تراه من أشياء واجناس واشخاص وحاول التغيير في روتين حياتك واسعى جاهدا أن يكون التغيير مفيدا وجديدا لكن احذر من الانغماس في الراحة والدعة قد تجرك الى الفتور والتثاقل الى الارض
ف النفس كالطفل ان تتركه شب على
حب الرضاع وان تفطمه ينفطمِ
- إلعب .. نعم إلعب فاللعب مفيد للصحة مبهج للقلب واختار من الالعاب ما يتوافق مع سنك وينمي عقلك ويشعرك بروح الشباب مهما كان سنك فقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يسابق عائشة فتسبقه واستمر بأبي هو وأمي على هذا المنوال حتى كبرت وأمتلأ جسمها فكان هو من يسبقها وهو نبي الأمة وسيد المرسلين لكنه بشر يحس ويشعر , إلعب مع صغارك ولاعبهم , أعطي نفسك فرص ترويحية مع أصدقاؤك وشريك حياتك أو مارس رياضة تناسبك يحضرني معنى حديث لرسولنا عليه الصلاة والسلام " روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب اذا كلت عميت "
- " جعلت قرة عيني بالصلاة " و " أرحنا يابلال بالصلاة " مدعاة الى الاستمتاع بالحياة بعبادة عظيمة هي الصلاة كيف لا وانت تتصل بخالقك خمس مرات في اليوم والليلة تناجيه تدعوه تشعر بفقرك وفاقتك وحاجتك اليه وحاجته لك وهو أغنى الاغنياء عنك وقديما قيل " لو لم تكن رأس العبادات لعدت من صالح العادات , رياضة ابدان وطهارة اردان وتهذيب وجدان وشتى فضائل , يشب عليها الجواري والولدان " تتوقف كل الدنيا لدى سماعك بحي على الصلاة لأنك تشعر بمتعة اللقاء بملك عظيم ستزوره على سجادتك ليس كملوك الارض في بلاط الدور وشاهقات القصور وهو يلبيك وانت تناجيه يسمعك من فوق سبع سموات تطرق بابه لتنال جنابه بمعروض هو ذكرك له وتمجيدك لجلال وجهه وعظيم سلطانه بلا حرس ولا حاشية فأي متعة تناله وانت تصل ملك الملوك وانت في عقر دارك في أي وقت وأي مكان
متى ما أعطيت نفسك فرصة لفهم من أنت وماذا تريد ستدرك ان المتعة بين يديك وأمام عينيك فقط أطلق العنان لنفسك للتقلب في نعم الله تعالى وتذكر انه " من بات آمنا في سربه معافا في بدنه يجد قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا " فما الذي تريده من متع الدنيا اذت طالما انها حيزت اليك ؟