تقول دراسة بريطانية جديدة (أجرتها منظمة بريطانية غير حكومية تحمل اسم "برنامج العمل للنفايات والموارد") أن ثلث المواد الغذائية التي يشتريها البشر يكون مصيرها سلة المهملات، فشركة واحدة مثل شركة تيسكو البريطانية التي لديها أكبر سلسلة مطاعم، ترمي سنوياً 60 ألف طن من بقايا الطعام...
فالمشكلة عالمية وكبيرة، ويجب التصدي لها كما تقول الباحثة ديفين نيجه من منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة. حيث تؤكد أنه علينا بداية أن نبدأ بتوعية المستهلكين بأنّ هدر المواد الغذائية هو مشكلة كبيرة، ففي كل عام هناك ملايين الأطنان من الغذاء يرمى في سلة الزبالة من دون فائدة... تصوروا لو أن هذا الرقم استخدم لإطعام الفقراء؟ سوف لا يبقى جائع واحد على وجه الأرض!
وتعد ألمانيا أول بلد أوروبي فرض على منتجي المواد الغذائية التخلص من بقايا الطعام بشكل مثالي وتليها فرنسا التي فرضت عام 2012 على محلات بيع الأغذية قانون التخلص من بقايا المواد الغذائية. ويأمل الخبراء أن يُطور ذلك ويعمم على جميع أنحاء أوروبا.
ويعتقد الباحثون أن اتخاذ إجراءات للحد من الهدر في المواد الغذائية ليس بالأمر الصعب وأن مشكلة رمي بقايا الأطعمة يمكن أن تقضي على مشكلة المجاعات في بلدان أخرى من العالم. أي النصيحة التي يوجهها خبراء الغذاء اليوم: لا ترم بقايا الطعام وحاول الاستفادة منها أو إطعامها لمن يحتاجها.
منظمات كثيرة نشأت للحفاظ على بقايا الطعام ومعالجة مشكلة الهدر للقضاء على الجوع والفقر.. حتى أصبحت هذه القضية مثار اهتمام الحكومات .. يوجهون الناس لضرورة المحافظة على البيئة وإطعام الفقراء وعدم رمي بقايا الطعام، وعدم شراء طعام يفوق حاجتك.
والآن ماذا عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم؟
من المعروف أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان أول من نادى بضرورة استهلاك الطعام بشكل مثالي وعدم رميه مهما كانت الأسباب. فقد أمر بإطعام الجار والمسكين والفقير.. وكان دائماً يقول: (طعام الاثنين كافي الثلاثة وطعام الثلاثة كافي الأربعة) [رواه البخاري]. فهذه القاعدة تدل على عدم هدر الطعام وضرورة أن يحضر المؤمن طعاماً أقل من حاجته بقليل وليس أكثر من حاجته.
كما جاء في رواية أخرى قوله (طعام القليل يكفي الكثير)، وفي رواية ثالثة: (من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس) فهذه دعوة صريحة لتناول الطعام كاملاً وعدم رمي أي شيء منه ولو كان قليلاً... فعندما يكون لديك طعام حاول أن تطعم غيرك مثل الجيران أو الأصدقاء أو الأقارب... لا تترك بقايا طعام لأنها تفقد البركة.
العجيب أن نفس الدعوة النبوية الكريمة يكررها الباحثون اليوم بحرفيتها...
هذه صورة منقولة من موقع الألمانية يعرضون مبادرة لتقاسم الطعام مع الآخرين بدلاً من رميه... أليس النبي الكريم هو أول من أطلق مبادرات كهذه؟؟!
فالنبي الكريم عالج مشكلة الهدر في الغذاء من خلال كلمات بسيطة تقبلها الناس وعملوا بها حتى وقتنا هذا!! ولكن العلماء يقفون حائرين لا يعرفون كيف يعالجون هذه المشكلة الكبيرة، فهذه الدولة تفرض القوانين، وتلك الدولة تفرض عقوبات وأخرى تفرض غرامات... المهم من دون حل جذري للمشكلة.
وهنا تظهر عظمة نبينا الرحيم عليه الصلاة والسلام، ففي صحيح مسلم نجد قول النبي لأصحابه: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما أصابها من أذى، وليأكلها ولا يمسح يده حتى يلعقها، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة) [رواه مسلم].. حتى إنه كان يلعق الإناء حرصاً منه على عدم ترك أي بقايا طعام... وهذا قمة الحفاظ على النعمة وقمة الحفاظ على البيئة.
تصوروا أن النبي لم يرد أن تسقط منا لقمة واحدة فنهدرها... أي حرص هذا، وأين علماء الدنيا من هذا التوجيه النبوي الشريف... إنه بحق رائد الحفاظ على البيئة كما اعترف كثير من العلماء. فانظروا معي إلى هذا الحديث العظيم: (من أكل في قصعة ثم لحسها استغفرت له القصعة) [رواه أحمد]، كيف يحضنا النبي الكريم على عدم ترك أي بقايا طعام وأن هذا العمل فيه مغفرة لمن يقوم به... وسنة نبوية يُثاب عليها,
هذا هو إسلامنا أيها الملحدون... فيه السعادة والبركة والعطف على الآخرين وإطعامهم وفيه إكرام الضيف والإحسان للأقارب ... وفيه الحرص على البيئة وعدم تلويثها (استهلاك الغذاء يساهم في ثلث تلوث البيئة وفي حال الحفاظ على الطعام وفق التعاليم النبوية سوف نخفض التلوث بنسبة الثلث) ...
في تعالم هذا النبي الكريم الحل لمشاكل المجاعات التي تجتاح العالم... والحل لمشكلة الاحتباس الحراري... فماذا قدمتم أيها الملحدون للبشرية غير حرية الشذوذ والإيدز وزيادة الفقر والتلوث والحروب... لذلك عودوا لخالقكم عز وجل فهو يدعوكم للرجوع إليه فليس لكم إله غيره، قال تعالى: (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [النمل: 64].