الكنائس تترقب تشكيل التأسيسية.. وتهدد
بالانسحاب إذا سيطر تيار بعينه عليه.. وصديق: الإسلاميون يسعون "للتكويش"
والأقباط لن يرضوا بسرقة الدولة المدنية.. والبياضى: ننتظر ما سيسفر عنه
انسحاب بعض الأحزاب
أعربت الكنائس المصرية الثلاث، عن تخوفها من العودة إلى أزمة
تشكيل الجمعية التأسيسية الأولى لوضع الدستور، والتى حكم ببطلانها بعد
سيطرة التيارات الإسلامية على اللجنة، مؤكدة أنهم يتابعون الموقف وعملية
التشكيل التى تتم، للتنسيق مع الأزهر الشريف، واتخاذ موقف قد يصل للانسحاب،
إذا ما ظل الموقف كما هو عليه فى الجمعية الأولى بعد انسحاب عدد من
الأحزاب الكبيرة احتجاجا على التشكيل، وطالبت الكنائس بضرورة أن تدرك
التيارات الإسلامية الأخطاء التى وقعت فيها وتضع مصلحة مصر أولا من أجل
إعداد دستور وطنى توافقى، تشارك فيه جميع فئات الشعب بكافة تشكيلاتها
وتنوعها.
وأعرب مصدر من الكنيسة الآرثوذكسية، أن الكنيسة تنسق مع الكنائس الأخرى
والأزهر الشريف من أجل التوافق على قرار مشترك، إذا ما وقعت التأسيسية فى
الخطأ المرتكب فى الجمعية الأولى بسيطرة تيار بعينه على إعداد أول دستور
وطنى بعد ثورة 25 يناير.
وأضاف المصدر، أنهم يتابعون الانتخابات التى تجرى لاختيار أعضاء التأسيسية،
وسيكون لهم قرار إذا ما خرجت الجمعية عن التوافق الشعبى الذى يطمح إليه
جميع المصريين، مشيرا إلى أن الكنيسة أرسلت بالفعل أسماء المرشحين
للتأسيسية، حيث طلب منها تحديد ثلاثة أسماء محددين بعد إرسال قائمة بخمسة
أسماء وتم تحديد الأسماء، وهم المستشار إدوار غالب سكرتير المجلس الملى،
والمستشار منصف سليمان عضو المجلس الملى، والأنبا بولا أسقف طنطا وعضو
المجمع المقدس.
ومن جانبه، قال القس الدكتور صفوت البياضى رئيس الطائفة الإنجيلية، أن
الكنيسة فى انتظار قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بشأن اختيار ممثلى
الكنائس، بعد إرسال قائمة بالمرشحين، مشيرا إلى أنه لم يخاطب رسميا حتى
الآن بتحديد ممثل الكنيسة الإنجيلية، ولكنه حذر من خطورة بطلان الجمعية
التأسيسية الثانية فى ظل الانسحابات التى تتم الآن من جانب بعض الأحزاب،
اعتراضا على التيارات الإسلامية التى تحاول الاستحواذ على اللجنة، وهو أمر
مرفوض شكلا ومضمونا قد يؤدى إلى عدم التوافق، ويعيد الأزمة مجددا للطعن فى
تشكيل التأسيسية.
وأضاف، أن الكنيسة الإنجيلية تواصل التنسيق مع الكنائس الأخرى ومؤسسة
الأزهر الشريف لمتابعة وضع البرلمان الذى أصدر قانون التأسيسية لتفويت
الفرصة على العسكرى لعدم إصدار إعلان دستورى بشكل منفرد، ولكنه يضع مجددا
جميع التيارات فى صراع آخر بسبب التشكيل الذى يحاول الهيمنة عليه التيار
الإسلامى، مؤكدا أن الشعب المصرى لن يرضى سوى بدستور توافقى وطنى مدنى
يعبر عن أطيافه، ويرفض أن يكون هناك تيار جديد يتقمص دور الحزب الوطنى
للسيطرة على إعداد الدستور الذى سيمثل مستقبل مصر لسنوات طويلة.
وقال الأب رفيق جريش المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية، إن قرار الانسحاب
مازال مبكرا اتخاذه، ولن يتم إلا بالتنسيق مع الكنائس والأزهر ومتابعة
الرؤية الأخيرة لعملية التشكيل التى تجرى الآن بانتخاب أعضائها من قبل
مجلسى الشعب والشورى.
وأضاف، أن انسحاب بعض الأحزاب لإعطاء فرصة للأقباط والمرأه للتمثيل موقف
مشرف يحسب لهم، ويؤكد مدى حرص هذه الأحزاب على تمثيل طوائف الشعب بعكس
تيارات أخرى تسعى للاستحواذ من أجل مصلحتها الشخصية، وهذا أمر مرفوض سيهدد
بطلان اللجنة إذا ما سيطر فصيل بعينه عليها.
وأشار، إلى أن الكنيسة أرسلت أربعة أسماء لاختيار ممثل عنها، والمفترض أن
يتم الاختيار اليوم ضمن عملية الانتخاب، أملا أن يدرك أعضاء البرلمان مصلحة
مصر لاختيار لجنة توافقية تعبر عن أطياف الشعب المصرى، حتى لا تدخل البلاد
فى أزمة جديدة، تهدد مسيرة التحول الديمقراطى.
وحذر الدكتور كميل صديق عضو المجلس الملى بالإسكندرية، من محاولة
الإسلاميين تكرار الأخطاء مرة أخرى، قائلا "عليهم أن يراعوا أن مصر بلد يضم
أطيافا وتنوعا دينيا وثقافيا ونوعيا وعرقيا مختلفا، وأنهم ليسوا وحدهم من
يمثلون هذا التنوع"، ورفض كميل ما أسماه "التكويش" على كل شىء، فهم يريدون
السيطرة على البرلمان والرئاسة والتأسيسية وهذا يعيد سياسية الحزب الوطنى
المنحل ويدفع بالبلاد إلى حافة الصراعات.
وأضاف، أن الأقباط قد يضطرون إلى مقاطعة اللجنة إذا ما سيطر تيار بعينه
عليها، دون وضع اعتبار لفئات الشعب، مشيرا إلى ضرورة مراعاة وضع الأقباط فى
التمثيل، بحيث لا يقل عن 10 % أو 15% من إجمالى اللجنة، وضمان تمثيل جيد
للمرأة والنوبيين والفئات الأخرى الثقافية.
وعاد كميل ليقول إن محاولة الإسلاميين على اللجنة سيعيدنا لنتذكر عندما وضع
دستور 1923، وطالب آنذاك محمود عزمى عضو اللجنة بكوتة للأقباط بالدستور فى
كل شىء، ورفض وقتها سنيوت حنا بداعى الوطنية ورد عليه عزمى قائلا "أنت
أخطأت لرفض ذلك لأنك لا تعلم ما ستخبئها الأيام لكم".
وأكمل كميل، " لقد صدقت عبارة محمود عزمى، وكشفت معاناة الأقباط فى ظل وجود
الإسلاميين، وكشفت مدى أهمية وجود كوتة للأقباط فى ظل حالة الإقصاء التى
تتم لهم، والتى ستزيد إذا ما نجح الإسلاميون فى الوصول للحكم، فى ظل حالة
"التكويش السياسى"، التى يسعون إليها".
وطالب المستشار أمير رمزى عضو لجنة المائة الأقباط بوجود تمثيل جيد
للأقليات والليبراليين وكل فئات المجتمع الأخرى من الشباب والمرأة
والنوبيين والسيناويين، لأنه إذا لم يتم معالجة أخطاء التشكيل الأول الذى
وقعت فيها اللجنة باستحواذ تيار بعينه على لجنة الإعداد سيؤدى إلى بطلان
اللجنة مرة أخرى، لأن وضع المعايير على أساس طائفى لمحاولة الإسلاميين
السيطرة على اللجنة بعد حصولهم على 25%، أمر ربما يحدث إذا ما جاءت
الترشيحات من النقابات والشخصيات العامة لأنصار الإسلاميين، وهو أمر جائز
حدوثه فى ظل مراوغة الإسلاميين، مما يعكس أزمة جديدة إذا لم يتم الحفاظ على
مدنية اللجنة.
وقال جون طلعت عضو لجنة الإنذار المبكر فى إدارة الأزمات بالمصريين
الأحرار، إن الإسلاميين سيدفعون بأزمة سياسية جديدة بدأت فى محاولتهم
الاستحواذ مرة أخرى على مقاليد التأسيسية، وهو ما أدى لانسحاب بعض الأحزاب
السياسية، احتجاجا على هذا، وقد ينتهى بانسحاب المؤسسات الدينية التى تتابع
الموقف باهتمام وتنتظر أخذ قرار الانسحاب، إذا ما أسفر التشكيل عن استحواذ
الإسلاميين على التأسيسية.