لوس أنجلوس تايمز: الإعادة تجسد الصراع
التقليدى بين الدولة الأمنية والإسلام السياسى.. دعوات المقاطعة تهدد مصر
بـ"الديمقراطية المضطربة".. خبيرة: المقاطعة تعبر عن الرفض للاختيار الذى
فرضه العسكرى
علقت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" على جولة الإعادة من الانتخابات
الرئاسية فى مصر، التى سوف تشهدها مصر الأسبوع القادم، معتبرة أن تلك
الانتخابات تجسد الصراع المحتدم فى الشارع المصرى منذ عقود بين تيار
الإسلام السياسى من ناحية وتيار الدولة المدنية الأمنية من ناحية أخرى.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن هناك دعوات متزايدة لمقاطعة الانتخابات، وهو
ما يهدد بتحول مصر نحو عهد الديمقراطية المضطربة، مضيفة أن تلك الدعوات
تعكس حالة الرفض من جانب قطاع كبير من الشعب المصرى لكلا المرشحين.
وأضافت الصحيفة أن الدولة المدنية البوليسية قد انتصرت فى معركتها أمام
تيار الإسلام السياسى منذ الخمسينيات من القرن الماضى، إلا أن الانتخابات
الرئاسية الأولى بعد الثورة المصرية أبرزت مرشح الإخوان د. محمد مرسى
كمنافس قوى للفريق أحمد شفيق، والذى يعد أحد "بقايا" نظام الرئيس المصرى
السابق حسنى مبارك فى جول الإعادة المرتقبة.
وأوضحت "لوس أنجلوس تايمز" أنه يوجد بين المعسكرين معسكرا آخر يتمثل فى
أولئك المصريين الذين أعربوا فى أكثر من مناسبة عن التزامهم الكامل
بالمبادئ التى قامت عليها ثورات الربيع العربى، والتى تمكنت من الإطاحة
بعدد من الأنظمة العربية – ومن بينها النظام المصرى السابق - منذ بداية
العام الماضى.
وأضافت الصحيفة أن المعسكر الثالث يتمثل فى التيارات الليبرالية
والاشتراكية والإسلام المعتدل، والذين يخشون ضياع التحول الذى تشهده مصر
نحو الديمقراطية.
وأضافت أن الثورة المصرية تعانى من حالة من الانقسام التى عاشتها منذ سقوط
الرئيس السابق فى فبراير 2011، رغم أن كافة التوقعات قد أشارت إلى أن
الثورة المصرية سوف تقود نحو مزيد الوحدة آنذاك، مؤكدة أن الشباب الليبرالى
التقدمى قد فشل تماما فى تحقيق نهضة سياسية، فتحولت البلاد نحو الفتور،
وتابعت الصحيفة أن هناك قلقا بالغا من جانب كافة متابعى المشهد المصرى أن
تشتعل الاضطرابات فى مصر خلال جولة الإعادة المرتقبة أو بعدها.
وأوضحت الصحيفة أن دعوات المقاطعة التى تبناها العديد من النشطاء والجماعات
الثورية جاءت نتيجة انحسار دورهم وتأثيرهم فى الشارع المصرى، ففى الوقت
الذى أعربت فيه حركة 6 إبريل عن رفضها الكامل للفريق شفيق، باعتباره أحد
رموز النظام السابق، إلا أنها فى الوقت ذاته لا تقبل مرشح الإخوان حيث
يرونه تحديا لرغبتهم فى تحقيق التغيير الذى يرنو إليه المصريون.
من ناحية أخرى أوضحت "لوس أنجلوس تايمز" أن قرارات المحكمة الدستورية
العليا – حول دستورية قانونى العزل والانتخابات البرلمانية – والمقرر أن
تصدر هذا الأسبوع من المحتمل أن تؤدى إلى الإطاحة بالنظام "الهش" الذى
أرساه القادة العسكريين الذين تولوا مقاليد الأمور بالبلاد خلفا لمبارك.
وأوضحت الناشطة الحقوقية نازلى حسين أن المصريين كانوا يعتقدون أن
الانتخابات الرئاسية سوف تقودهم نحو مزيد من الاستقرار والتغيير، إلا أن
معظمهم يؤيد فكرة المقاطعة للتعبير عن رفضهم للسير فى طريق الاختيار الذى
فرضه المجلس العسكرى الحاكم.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أنه بالرغم من المحاولات التى يقوم بها كلا
المرشحين لجذب الأصوات، إلا أن تلك الجهود لم تجد صدى كبيرا لدى الناخبين،
موضحة أن شفيق يعد مثالا للقيادة العسكرية التى تقود البلاد منذ سقوط
مبارك، أما مرسى فهو يمثل جماعة الإخوان التى لم تلتزم بتعهداتها مرات
عديدة وهو ما يثير الشكوك حول المستقبل إذا ما تمكن مرشحها من الوصول إلى
مقعد الرئيس.
وأبرزت الصحيفة الموقف الذى تبناه حمدين صباحى – مرشح الرئاسة الذى حل
ثالثا فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية – والذى قرر مقاطعة جولة
الإعادة، فى حين أن حملة المرشح الخاسر عبد المنعم أبو الفتوح أعلنت دعمها
لمرسى خلال جولة الإعادة، رغم أن أبو الفتوح أعرب عن قلقه الشديد من عدم
التزام المرشح الإخوانى بتشكيل حكومة ائتلافية فى حالة وصولة للسلطة فى
مصر.
إلا أن د. أبو الفتوح قد أكد أن الخلاف مع مرسى هو خلاف سياسى، أما الوضع
بالنسبة لشفيق فهو مختلف تماما لأنه يتعلق بارتكاب انتهاكات جنائية، داعيا
لعدم المقاطعة فى جولة الإعادة حتى لا يساهم مثل هذا القرار فى وصول "فلول"
النظام إلى سدة الحكم فى البلاد.
واختتمت الصحيفة تقريرها بأن ميدان التحرير الذى شهد إثارة كبيرة خلال أيام
الثورة، بالإضافة العديد من الجدالات السياسية، لم يعد به سوى عدد قليل من
الخيام والأعلام الممزقة التى تعكس أن أهداف الثورة مازالت لم تتحقق حتى
الآن.