رويترز: المنيا تتطلع لمكان على خريطة
السياحة بعد الانتخابات.. انتساب قاتل السادات إليها حرمها من السائحين..
وتعتبر أى رئيس أفضل من مبارك.. وأمين الحرية والعدالة : الخمرة والبيرة
أمور شخصية لن نمنعها
قالت وكالة أنباء رويترز اليوم الخميس، إن محافظة المنيا المصرية
التى ظلت معزولة لسنوات عن صناعة السياحة فى مصر بسبب أعمال عنف شنها
إسلاميون متشددون، تتطلع إلى رئيس جديد للبلاد يحسن أوضاعها ويعيد لها
مكانتها على خريطة السياحة المصرية.
ويصوت المصريون يومى 16 و17 يونيو فى جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة
المصرية لاختيار رئيس خلفا للرئيس السابق حسنى مبارك الذى حكم البلاد ثلاثة
عقود وأطاحت به انتفاضة شعبية العام الماضى.
وقال محمد بدوى (54 عاما) وهو موظف فى جامعة المنيا بعدما أدلى بصوته فى
الجولة الأولى من الانتخابات يوم 24 مايو "نريد عدالة فى توزيع الثروة
وتعليم وصحة. الصعيد محروم محروم محروم".
ويرى كثيرون فى مدينة المنيا الواقعة على بعد 250 كيلومترا جنوبى القاهرة
أن أى زعيم لمصر قد يفعل أكثر بالنسبة لهم على صعيد الاقتصاد مما فعله
مبارك الذى ينحصر إرثه فى المنيا فى عدد قليل من المصانع ونظام صحى متداع
وغياب خدمة الطيران عن المحافظة.
وبينما ازدهرت سياحة السفن النيلية بين الأقصر وأسوان لم تحظ المنيا إلا
بعدد قليل من السائحين خوفا من أعمال عنف كان يشنها إسلاميون متشددون فى
التسعينيات من القرن الماضى وأودت بحياة أكثر من ألف شخص.
ومنعت الحكومة المصرية السفن السياحية فى المنطقة خوفا من تعرضها لهجوم
يثير ذعر السائحين ويمنعهم من زيارة كافة أرجاء مصر، وتعرضت السياحة
المصرية لانتكاسة فى عام 1997 بعدما قتل 58 سائحا فى الأقصر.
واضطر السائحون الأجانب القلائل الذين تحلوا بجرأة كافية للقيام بالرحلة فى
المنطقة المحيطة بالمنيا إلى السير فى قوافل تحرسها قوات شرطة مسلحة.
فمنذ أسابيع قليلة بدأت الحكومة المصرية الانتقالية التى يدعمها الجيش فى
السماح للسفن السياحية بالإبحار من القاهرة إلى المنيا للمرة الأولى منذ
سنوات، ومع التطلع إلى تشكيل حكومة جديدة فى غضون أسابيع زاد الأمل فى
إمكانية إصلاح الطرق المهملة والمدارس والمستشفيات لخدمة السياحة فى
المحافظة.
كان أخناتون أحد ملوك مصر القديمة قد نبذ الآلهة التقليدية واتجه لعبادة
آتون وشيد عاصمة جديدة مترامية الأطراف عام 1350 قبل الميلاد على ضفاف
النيل على بعد 60 كيلومترا جنوبى ما يعرف الآن باسم المنيا بعيدا عن عاصمة
مصر القديمة التى تعرف الآن باسم الأقصر.
ويصور الإله آتون فى الآثار الفرعونية القديمة كقرص شمس حيث تمتد أشعة
الشمس لتغمر من يعبدون آتون بالحياة والقوة، ولم تستمر عبادة آتون طويلا
فعندما مات أخناتون أعاد ابنه توت عنخ آمون الآلهة القديمة مثل آمون ورع.
ومازالت آثار ومقابر عاصمة مصر التى أقامها أخناتون قرب المنيا ولم تدم
طويلا موجودة إلى جانب آثار يونانية وقبطية وإسلامية تلاحقت على المنطقة.
وقال بهاء فكرى الذى كان رئيسا للحزب الوطنى الديمقراطى المنحل فى المنيا
-الذى كان يترأسه مبارك- ولم يعد يتولى الآن أى منصب رسمى "لا نحظى بكمية
سياح يساوى المكانة الأثرية للمنيا."
وتوجه الأجانب بدلا من ذلك إلى شواطئ البحر الأحمر وإلى أسوان والأقصر.
وتساهم السياحة بنسبة نحو عشرة فى المائة من الاقتصاد المصرى وتضررت كثيرا
من الانتفاضة الشعبية العام الماضى حيث نشرت صور اشتباكات فى الشوارع ومبان
محترقة أثناء الانتفاضة حول العالم.
ومازالت أعداد السائحين الوافدين أقل 25 فى المائة فى الشهور الثلاثة
الأولى من العام مقارنة بنفس الفترة العام الماضى عندما اندلعت الانتفاضة،
ويرى السائحون لدى وصولهم للمنيا تكوينات الحجر الجيرى البديعة وسط أشجار
النخيل.
وفى مدينة المنيا نفسها تشير الفيلات والمبانى القديمة على ثراء المنطقة
التى تعود إلى أيام الحكم الملكى الذى أطاحت به ثورة قام بها ضباط فى الجيش
عام 1952 .
وتطرح شركات السياحة بالفعل رحلات مدتها 14 يوما لكن يبدو أنه من غير
المرجح أن تتعافى تلك الرحلات التاريخية بالكامل قبل أن ينتهى انعدام الأمن
والتوتر السياسى بعد انتفاضة الربيع العربى.
وقال فكرى إنه كان من الممكن إعادة الرحلة النيلية قبل سنوات لكنها كانت
ضحية لحكومة مبارك وأضاف أنه لا يعتقد أن المشكلة كانت أمنية فى الآونة
الأخيرة ولكن الحكومة آنذاك شعرت أن من الأسهل لها ألا تفعل شيئا فكان
الكسل هو السبب.
ويتنافس فى جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية أحمد شفيق وهو قائد سابق
للقوات الجوية المصرية وحليف مبارك مع محمد مرسى مرشح جماعة الإخوان
المسلمين، ويتمنى أنصار كلا المرشحين أن يتحرك الفائز لاستعادة حركة
السياحة فى محافظة المنيا.
وقال ضياء المغازى أمين حزب الحرية والعدالة فى المنيا إنه إذا شكل الحزب
وهو الذراع السياسية للإخوان المسلمين الحكومة القادمة بعد الانتخابات
فإنها ستعزز السياحة عن طريق تحسين الوضع الأمنى وتجميل المواقع السياحية
وإطلاق حملة دعاية عالمية.
وأضاف "عندنا كما هائلا من السياحة الفرعونية متمركزة فى المنيا فلو كانت
أخذت حقها فى السياحة الحقيقية كانت أتاحت فرصة جيدة للغاية.. فرصة جميلة
للسياحة أن تأتى إلى هنا فى المنيا تستمتع بجمال المنيا." وتوقع ما لا يقل
عن خمسين إلى ستين ألف فرصة عمل للشباب.
وتعهد المغازى بألا يمنع حزب الحرية والعدالة الخمور التى تعتبر من عوامل
جذب السائحين، وقال "لا مشكلة. دى حرية شخصية لكن مش دى الأولوية.. واحد
عايز يعمل مصنع خمرة (خمور) أو مصنع بيرة (جعة) ده حقه.. مليش دعوة.. دى مش
أولوية فى الدولة."
وشجع الرئيس المصرى الراحل أنور السادات الإسلاميين فى السبعينيات من القرن
العشرين ليواجه بهم نفوذ اليساريين الذين كانوا معارضيه السياسيين
الأساسيين فى ذلك الوقت.
وكان من بين الإسلاميين المتشددين فى المنيا خالد الإسلامبولى ضابط الجيش
المصرى الذى اغتال السادات فى عام 1981 كما أن جذور الكثير من القيادات
الحالية للجماعة الإسلامية التى تمت إعادة تأهيلها وأصبحت نشطة على الساحة
السياسية المصرية تعود إلى المنيا.
وقال فكرى إن كل من كانوا مقتنعين باللجوء للسلاح كانوا من المنيا وأسيوط فى إشارة إلى مدينة مصرية أخرى تقع إلى الجنوب.
وقمعت الحكومة المصرية حركة التشدد الإسلامى بحلول الألفية الجديدة وأعلن معظم المتشددين أن لجوءهم للعنف كان خطأ.
لكن الحكومة المصرية لم تسارع فيما يبدو لتحسين اقتصاد المحافظة. وعلى
الرغم من ولاء فكرى للحزب الوطنى الديمقراطى القديم فإنه قال إن طلبات
باتخاذ قرارات بسيطة من وزراء فى القاهرة كانت تقابل بالتجاهل أو تعرقلها
السياسة الداخلية، وقال فكرى إن الرد كان بطيئا وأضاف أن الانتفاضة المصرية
يجب أن تغير كل هذا وإن مصر ستكون فى غضون عشر سنوات مختلفة للغاية.
وأضاف أنه وبغض النظر عن شكل الحكومة فإنه إذا حكم شخص لمدة 30 عاما فسيكون
هناك كسل ولا تغيير ولا تطوير أما إذا عرف الرئيس أنه سيغادر المنصب بعد
أربع سنوات فإنه سيضع كل طاقته فى هذه السنوات.
وقالت شادية هشام الفولى مسئولة العلاج الطبى فى مديرية طب المنيا وهى من
أنصار شفيق إن الرئيس الجديد يجب أن يهتم بالفقراء، وأضافت "نريد الأمن
والأمان والاستقرار ومستقبلا جيدا للأجيال القادمة."