خبير أمريكى: محاكمة مبارك رسالة قوية للرئيس القادم
علق الخبير الحقوقى الدولى "جو ستورك" على محاكمة الرئيس المصرى
السابق حسنى مبارك – فى مقال له نشرته صحيفة الجارديان البريطانية – مؤكدا
أنه بغض النظر عن طبيعة الحكم الذى سوف ينطق به القاضى أحمد رفعت غدا، فإن
مشهد المحاكمة فى ذاته سوف يبعث برسالة قوية للرئيس القادم فى مصر حول خضوع
السلطة التنفيذية لمبدأ سيادة القانون.
وأوضح الكاتب – الذى يشغل نائب المدير الإقليمى لمنظمة هيومان رايتس واتش –
أن مبارك يعد أول رئيس دولة فى المنطقة العربية الذى تتم محاكمته أمام
محكمة قانونية عادية بشكل طبيعى، موضحا أن الرئيس التونسى زين العابدين بن
على قد حوكم غيابيا فى تونس بعد الثورة الشعبية التى أسقطته، فى حين أن
الرئيس العراقى السابق صدام حسين قد حوكم أمام محكمة خاصة عام 2005.
وأضاف الكاتب أن القاضى أحمد رفعت لديه سلطة تقديرية فى تأجيل إصدار الحكم
على مبارك ووزير داخليته ومعاونيه غدا، موضحا أنه إذا أقدم على اتخاذ مثل
هذا القرار ربما يكون بسبب التزامن بين موعد الحكم من ناحية واقتراب موعد
جولة الإعادة والمقررة فى يومى 16 و17 يونيو القادمين، والتى ستشهد تنافسا
بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى والمرشح المستقل أحمد شفيق
والذى شغل منصب رئيس الوزراء إبان عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، والذى
يراه الكثيرون أحد أهم أركان النظام السابق الذى أسقطته الثورة.
وأضاف ستورك أن العديد من المتابعين لمحاكمة الرئيس المصرى السابق، قد
أكدوا على أن هناك احتمالا كبيرا يدور حول الحكم ببراءة مبارك من التهم
المنسوبة إليه، مستندين فى ذلك إلى ما ذكرته النيابة حول تورط العديد من
الأجهزة الأمنية فى إطلاق الرصاص الحى على المحتجين إبان تظاهراتهم خلال
الثورة المصرية، إلا أنها أكدت فى الوقت نفسه أن أجهزة الداخلية ومن بينها
جهاز أمن الدولة المنحل قد رفضوا تماما التعاون فى تقديم أدلة ومستندات فى
هذا الصدد، وبالتالى فلا يوجد دليل قوى على تورط مبارك فى إصدار أوامر بقتل
المتظاهرين.
وأوضح الخبير الحقوقى أن دفاع المتهمين قد أكد خلال مرافعاتهم النهائية أنه
فى الوقت الذى يتم فيه محاكمة مبارك ورموز نظامه، بتهمة التورط فى قتل
آلاف المتظاهرين الذين خرجوا للاحتجاج على السياسات التى تبناها النظام
السابق، فإن النيابة لم تحدد فى وثائقها الأشخاص الذين تورطوا فى ارتكاب
جرائم القتل أثناء الثورة المصرية.
وأضاف أن النيابة قد اتهمت الرئيس المصرى كذلك بالتورط فى جرائم فساد، من
بينها تلقى الرشاوى، بالإضافة إلى نجليه علاء وجمال اللذين تورطا أيضا فى
عدد من جرائم الفساد مستغلين منصب والديهما ونفوذه السياسى كرئيس للجمهورية
آنذاك.
وأوضح الكاتب أن مبارك قد يواجه عقوبة قضائية تتراوح مابين السجن لثلاثة
سنوات والإعدام إذا رأت المحكمة أنه قد تورط فى قتل المتظاهرين السلميين
أثناء الثورة المصرية، مؤكدا أنه سوف يتم استئناف الحكم من قبل دفاع
المتهمين، خاصة وأن القاضى أحمد رفع قد أصدر قرارا فى شهر يناير الماضى
بالانتقال نحو المرافعات النهائية رغم أن الدفاع قد طالب باستدعاء مزيد من
الشهود والاطلاع على عدد من الوثائق التى اعتبرها محامى الدفاع مهمة ومؤثرة
على سير القضية.
وأضاف أنه بالرغم من أن القانون يمنح القاضى السلطة التقديرية فى هذا
الصدد، إلا أن ذلك يعد مدخلا مهما للدفاع للطعن على الحكم الذى قد يصدر غدا
السبت فى حالة إدانة الرئيس السابق، على اعتبار أن قرار القاضى فى هذه
الحالة لم يمنح الدفاع الفرصة الكاملة لتبرئة المتهمين.
وأضاف الكاتب الأمريكى أن محاكمة مبارك قد اقتصرت على الجرائم التى أرتكبت
خلال الأسبوع الأول من الثورة المصرية التى أطاحت بنظامه فى العام الماضى،
مؤكدا أن تلك المحاكمة لم تحقق ما أراده المصريون بمحاكمة مبارك ورموز
نظامه على الانتهاكات والتى ارتكبت خلال ثلاثة عقود من الزمان تولى خلالها
الرئيس السابق مقاليد الأمور فى البلاد، كجرائم التعذيب وغيرها من
الانتهاكات الإنسانية المنظمة.
وأوضح ستورك أن جنرالات المجلس العسكرى الحاكم قد حرصوا على محاكمة الرئيس
السابق حسنى مبارك أمام قاضيه الطبيعى وأمام محكمة مدنية، عكس ما قاموا به
تجاه حوالى 12 ألف مواطن مصرى مدنى تمت إحالتهم إلى المحكمة العسكرية خلال
المرحلة الانتقالية التى تولاها المجلس العسكرى بتكليف من مبارك قبل تنحيه
فى فبراير 2011.
ويرى الكاتب فى نهاية مقالة أن الحكم الذى قد يصدره القاضى رفعت غدا قد
يقود إلى تعكير الأجواء وزيادة التوتر فى المناخ السياسى المصرى، إلا أنه
أكد أن ذلك الحكم سيظل فى ذاكرة الرئيس القادم للبلاد بصرف النظر عن الفائز
فى الانتخابات القادمة.