كل امرأة ورجل من هذا الشعب يشارك اليوم فى صناعة تاريخ هذا البلد، إنها المرة الأولى التى نختار فيها رئيساً لمصر عبر الانتخاب الحر المباشر، للمرة الأولى منذ سبعة آلاف عام نتمرد على الرئيس الفرعون، الرئيس الذى تختاره الآلهة، ويتلقى الوحى، ويطيعه الناس بأوامر من كهنة المعبد فى عصر الفراعنة، ومن كهنة الحزب الواحد فى عصر الاستبداد والديكتاتورية، أنت وأنا نصبح اليوم جزءاً من أهم مرحلة تحول ديمقراطى لبلادنا عبر التاريخ، وأنت وأنا لا نريد أبداً أن نرجع إلى الوراء، أو أن نصنع فرعونا جديدا، أو نترك لقوة، أو لحزب واحد، أو لفكر استبدادى واحد السيطرة على الشارع وعلى الناس وعلى الضمائر والألسنة والقلوب، أنت وأنا لا نريد أن نخلق مجددا رئيسا يكلمه الله، أو يصلى من أجله الكهنة، أو يسيطر علينا بالقوة والحشد والتعبئة الجماهيرية وبالحزب الواحد، نريد رئيسا يشاور المختلفين عنه، ولا يقول لنا «ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد».
الانتخابات هى نقطة تحول تاريخية، لكن التاريخ نفسه سنصنعه بعد اختيار الرئيس الجديد، فإذا كان انتخاب الرئيس مهما، فإن الأكثر أهمية على الإطلاق.. ما الذى سيقدمه لنا هذا الرئيس؟ وما الذى سنتعاون فيه نحن جميعا مع الرئيس الجديد؟ فأيا كان الفائز، طالما أنه يعبر عن ثورة هذا الشعب، ولا ينتمى للنظام السابق، فإن الأمة جميعاً ينبغى أن تقف وراءه، وتعزز مكانته، وترعى برنامجه وتصوبه بالمعارضة الخلاقة عند الضرورة، وأيا كان الرئيس القادم.. طالما أنه لن يعيد إنتاج النظام السابق، فإنه ينبغى على كل الأحزاب وكل الأفكار وكل التيارات، أن تحترم اختيارات الناس، وأن تلتزم بالشرعية التى تقررها أغلبية الناخبين، لأن الأهم على الإطلاق هو نتائج هذا التحول الديمقراطى التاريخى وانعكاساته المباشرة على حياتنا اليومية، وعلى مستقبلنا ومستقبل أولادنا، ومستقبل هذا الشعب الحر، الأهم هو أن تصبح الانتخابات الرئاسية بداية لمرحلة من السمو فوق كل الانتماءات الحزبية، والصراعات الطائفية، والاشتباكات بين المصالح والأشخاص، والأهم هو أن نبدأ جميعا كشعب واحد فى وطن واحد، وأمام مشروع تاريخى واحد، تحقيق أمنيات بلادنا فى النمو والرفاهية والعدل والنهضة والاستقرار.
أنت وأنا سنختار أشخاصاً مختلفين بالتأكيد، لكننا يجب أن نصبح فريقا واحداً ونحترم الشرعية الانتخابية، طالما كانت الانتخابات تحترم إرادة الناس، والاختبار الحقيقى لقدرتنا على الديمقراطية هو فى احترام نتائج صناديق الاقتراع، والتحدى الحقيقى بعد الانتخابات هو فى قدرة الرئيس الفائز على أن يسمو فوق الحزبية، والانتماءات الفكرية، والانحيازات المسبقة، والتصنيفات التنظيمية، ويعمل من أجل مصر، والتحدى أيضا هو فى قدرة شعب مصر أن يسمو فوق التفاصيل، وفوق الانتماءات، وفوق المصالح لنعبر ببلادنا إلى ضفة الحلم الذى نتطلع إليه بقلوب حرة، فالانتخابات هى الوسيلة وليست الغاية، الوسيلة لإقامة نظام عادل يحقق الحرية والرفاهية والعدالة الاجتماعية للجميع.
حان الوقت أن «نفكر شويّة فى البلد».