الحب فطرة حبانا الله بها ونعمة أنعم بها علينا ننعم في أفيائها بقلوب تنبض دائماً بهدوء،
نبضات تجوب الآفاق بحبور لتعلن للجميع أن هذا القلب ينظر بعيون تحمل الدفء الذي يملأ كل جوانح من حوله
فيحيلها مروجاً باسقة بأزاهير المودة ورياحين الرحمة وأريج اللطف وعبير السحر الحلال
كل ذلك يتضوع في جنبات الفؤاد شذى يميل الأعناق ويرخي الأهداب ويطلق كلمات الشكر والامتنان بوافر الصدق.
وتاج هذه الفطرة وسيدها الذي يقودها في الطريق الصحيح
هو الحب في الله ولله ذلك الحب الذي بشر الرحمن الرحيم أهله بأنهم في يوم القيامة
على منابر من نور ومن خلال هذا نجد المسلم يعيش حياته كلها في سعادة يتسامى بها
إلى السحاب فيشعر بنشوة النصر على نفسه الأمارة بالسوء
وما تحمله له من الهموم بإثارة كل كوامن الذكريات الحزينة
ومواقف الذل وكلمات التجريح وذكريات الظلم.
وهناك قلوب اكتوت بنيران الظلم من أقرب الناس إليها
ممن سلمته قلبها بإخلاص فاستهوى العبث الدائم بتلك القلوب المحبة حتى أحالها جراحاً
ممتدة أطبقت على تلك المضغة فأحالتها نزيفاً أضعف مجرى الحب نحو تلك الأيدي الآثمة وقلبتها لقوة النزيف إلى قلوب امتلأت كرهاً وبغضاً.
ولكنا نقول لهم: دعوا الظالمين ينعمون بحياة الظلم فرحين فهي في الحقيقة سراب يحسبه الظمآن ماء.
وكلما أنّ القلب الجريح هاجت بك ذكريات الألم تريد تعكير حياتك قل له:
أيها القلب الجريح إن من ظلمك يعيش حياته وهو ظالم ممقوت من الله غير آبه بحياة من ظلمهم
ولا بشفاء قلبه الظالم وأنت تضيع حياتك باستجرار الذكريات والمواقف المؤلمة.
قل له نم قرير العين يا قلبي فالله لا يرضى بالظلم أبداً
وهو حسبي ونعم الوكيل أليس الله بكاف عبده. قل له كن على يقين
بقوله تعالى:إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا.. وقوله: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ.
قل له: يا قلب اسجد شكراً وعش جذلاً وطر فرحاً بنعمة الله عليك أنك
رفضت الظلم ندا لند ليس عجزاً ولا خوراً أو ضعفاً وجبناً بل حباً لله القوي العزيز
وقناعة بأن الحق لا يأتي بمعارك الغابة وتوكلاً حقاً باتخاذ كل سبب للنصر
يرضى عنه الله سبحانه وتعالى مع ربط القلب بمالك الملك يفعل فيه ما يشاء بحكمة وخيرية دائمة أزلية.
قل له يا قلب:إن الظالم مشغول بظلمه يحدده له الشيطان وأنت انشغل
بطاعة الله في كل مناحي حياتك فلا تنزلق مع الظالم فتتساوى معه في سوء العاقبة.
قل له يا قلب: متى دامت الحياة لبشر كما خطط بعقله القاصر؟
متى دامت الدنيا للمخلوقات؟ متى دام الحزن على قلب؟ متى دامت الصحة لمخلوق؟
قل له يا قلب: هذا كون الله تأمله جيداً ألا تسمع آذانه يتردد فيه بلا توقف فما إن ينتهي في بقعة
إلا ويبدأ في بقعة أخرى فاسأله تعالى أن يملأ قلبك بالإيمان كما ملأ كونه بذكره.
قل له يا قلب: ما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال.
وأبشر يا قلب بقوله صلى الله عليه وسلم "ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا ألم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر له بها خطاياه"
فلنعش جميعاً حياتنا بحب لكل المسلمين وبقلوب تمتلئ بالخير لهم وألسنة تلهج بالدعاء له.
لنعش حياتنا ونحن نحلق مع الطيور فالحب قلب معطاء
ودعوة في الغيب تخترق السماء وحب في الله يسع السماء.
ولنتذكر جميعاً ما قاله ابن القيم يا ابن آدم إن بينك وبين الله خطايا
لا يعلمها إلا الله فإن أحببت أن يغفرها لك فاغفر أنت لعباده
وإن أحببت أن يعفوها لك فاعف أنت عن عباده
فإنما الجزاء من جنس العمل تعفو هنا ويعفو هناك تطالب بالحق هنا يطالبك هناك).