عادةً ما يذهب تفكيرنا عند ذكر كلمة “تدليك” إلى الراشدين والكبار ممن
يحتاجون علاجاً طبيعياً يُريح فقرات عظامهم، ويُخفف ما يلحق بعضلاتهم من
توتر وتعب.
لكن التدليك يُعد من التقنيات الطبيعية الناجعة للطفل الرضيع، إذ لها
العديد من الفوائد الصحية، سواء لتهدئة روعة عندما تصيبه نوبات صراخ أو
اهتياج، أو لمساعدته على النوم العميق، أو لتحفيزه على المشي وأداء بعض
الوظائف الجسدية في وقت مبكر، أو لتقوية علاقته بأمه.
وقت التدليك
يقول خبراء من عيادات “مايوكلينيك”: إن تدليك الرضيع هو إحدى الطرق التي ينبغي أن تتبناها الأم لرعاية رضيعها وتحسين صحته.
فهو يقوي علاقة الأم بطفلها، ويُساعده على الاسترخاء والخلود للنوم، ويؤثر
إيجاباً على إفرازاته الهرمونية الخاصة بالتحكم في مستويات التوتر، ويُقلل
نوبات صُراخه وبكائه. وعلى الرغم من وجود حاجة إلى إجراء المزيد من البحوث
للوقوف على كافة آثار تدليك الأم رضيعها، فإن غالبية الدراسات التي أُجريت
إلى الآن تُجمع على أن تدليك جسم الرضيع برفق يُحفز نموه، ويُفيد المواليد
المبكرين والأطفال الخُدج على تطوير وظائفهم ومداركهم.
وينبغي على الأم أن تعرف كيف ومتى تُدلك طفلها. فلا يُنصح بتدليك الطفل
عقب الإرضاع، لأن ذلك قد يجعل الطفل يتقيأ. ويُفضل أن تنتظر الأم 45 دقيقةً
على الأقل قبل أن تُدلك طفلها. ويجب عليها ألا تقوم بذلك إلا إذا كان مزاج
طفلها حسناً. فإذا كان الطفل يبدو عليه الهدوء والسكينة والرضا، فسيستمتع
كثيراً بالتدليك. أما إنْ كان يتبرم من النظر إلى الأم أو يتصلب وهو في
حضنها، فذلك يعني أن الوقت غير مناسب لتدليكه.
ولا توجد أوقات محددة في اليوم يُنصح بممارسة التدليك فيها دون أخرى، بل
الأمر يبقى متروكاً لاختيار الأم وحدسها. فقد تختار تدليكه كل يوم، وقد
تُفضل القيام بذلك ليلاً كجزء من عملية تحضيره للخلود للنوم.
كيفية التدليك
حاولي جعل جو بيتك أكثر هدوءاً عندما ترغبين في تدليك الرضيع. ومن الأفضل
أن تقومي بذلك في مكان دافئ. انزعي كل الحلي التي تلبسينها. اجلسي بشكل
مريح على أرضية الغرفة، أو على سطح السرير، أو قفي مقابل طاولة تغيير
الحفاضات، وضعي الرضيع في بطانية ناعمة أو منشفة. ألقيه على ظهره حتى
تُنشئي اتصالاً بالأعين بينك وبينه، وحتى يستأنس بما ستقومين به ويشعر
بقربك منه أكثر. وعندما تخلعين ملابسه، اهمسي في أذنيه بأن وقت التدليك قد
حان، واعلمي أنه يسمع ما تقولينه مهما كان صغر عمره.
وحينما تبدئين التدليك، استخدمي أصابعك برفق ونعومة. وتجنبي دغدغته أثناء
التدليك، فقد يُشعره ذلك بالاهتياج، ويؤثر على مدى استفادته منه ويقطع
استرخاءه. ويُفضل زيادة جرعة الضغط تدريجياً عند التدليك كلما نما الطفل
أكثر. وتختلف طرق تدليك الرضع من أم إلى أخرى. فبعض الأمهات تكتفين بالضغط
برفق على معظم أجزاء جسم الطفل لإشعاره بالراحة والاسترخاء. كما تبدأ
أخريات بوضع الطفل على بطنه وتدليك ظهره برفق ثم باقي مواضع جسمه، مع قضاء
دقيقة واحدة في تدليك كل موضع، بما في ذلك الرقبة والعنق والكتفين وأعلى
الظهر والخصر والفخدين واليدين والقدمين. وبعد ذلك، يمكن وضع الطفل على
ظهره وترييض ذراعيه وساقيه كل على حدة بمعدل دقيقة واحدة في كل ترييض، ثم
الذراعين والساقين معاً. وفي الأخير، اقلبي جسم طفلك على الجهة الأخرى
وافركي جسده برفق لمدة خمس دقائق إضافية.
وعندما تكونين بصدد تدليك طفلك، احرصي على البقاء مسترخيةً. تحدثي إلى
طفلك طيلة فترة التدليك، أخبريه قصةً ما أو غني له أغنيةً هادئةً. كرري
اسمه على مسامعه، وقولي له “استرخي” باستمرار، فذلك يُخلصه من التوتر.
راقبي كيف يستجيب للتدليك وكيف يتجاوب معه. وإذا كان الطفل يهز ذراعيه
أثناء التدليك ويبدو منشرحاً، فتلك علامة على أنه سعيد ومستمتع بما تقومين
به ويرغب في أن تُواصلي الأمر. أما إن أشاح بوحهه عنك أو أبعد رأسه أو بدا
غير مرتاح ولا سعيد، فتوقفي عن تدليكه، وأجلي الأمر لوقت لاحق.
استخدام الزيت
استخدام التدليك الجاف أو التدليك بالزيت أمر يعود إليك. فبعض الأمهات
يُفضلن استخدام الزيت خلال التدليك لتفادي حدوث احتكاك بين يدي الأم وبشرة
الرضيع قد يزعجه أو يؤذيه، بينما تُفضل أخريات استعمال الزيت لجعل عملية
التدليك أسهل وأكثر انسيابيةً ورفقاً. وإذا قررت استخدام الزيت، فاحرصي على
اختيار أحد أنواع زيت المائدة شرط أن يكون عديم الرائحة، وذلك لكي لا يكون
مضراً له حتى لو وضع أصبعه المزيت ما بين الفينة والأخرى في فمه. أما إنْ
كانت بشرة رضيعك حساسةً، فجربي الزيت أولاً بوضع كمية قليلة منه على موضع
ما من جسمه وراقبي تجاوبه واستجابة جسمه.
وإذا كان الرضيع يعاني من إحدى المشاكل الصحية، فتحدثي إلى طبيب أطفال
بشأن إمكانية تدليكه، وسيخبرك حتماً إنْ كان ذلك يُناسبه أم لا. وإنْ كنت
ترغبين في تعلم تقنيات التدليك على أُصوله قبل تجريبه مع رضيعك، فاستعيني
بخبرة مدلكة أطفال أو طبيبة متخصصة في التدليك والعلاج الطبيعي. قد يأخذ
الأمر قليلاً من الجهد وبضع محاولات، لكنه يجعلك في نهاية المطاف أكثر
اطمئناناً وأنت تُدلكين جسم طفلك. وأهم من كل هذا أن تتحلي بالصبر وطول
النفس، وثقي أنك إن عودت طفلك الرضيع على التدليك، فإن صحته تتحسن أكثر،
وتصبح جودة نومه أفضل، ويكفيك تعب السهر والأرق، ويصير عن حق قرة عين لك.