منتدى شباب وبنات دمياط
منتدى شباب وبنات دمياط
منتدى شباب وبنات دمياط
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى شباب وبنات دمياط

منتدى اخبارى يهتم بجميع الاخبار السياسة والرياضية والتعليمية
 
الرئيسيةالأدب مع النفس  Icon_mini_portal_enأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 الأدب مع النفس

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
{كاتب الخبر}{الخبر}
هيما رشدى
عضو ذهبى
عضو ذهبى
هيما رشدى


الأدب مع النفس  Empty
مُساهمةموضوع: الأدب مع النفس    الأدب مع النفس  Emptyالأحد 13 مارس - 15:56

الأدب مع النفس









الأدب مع النفس وهو عبارة عن التوبة والمراقبة والمجاهدة والمحاسبة

نعلم جيدا أن المسلم يؤمن بأن سعادته في كلتا حياتيه الأولى والثانية موقوفة على مدى تأديب نفسه وتطييبها وتزكيتها وتطهيرها كما أن شقاؤها منوط بفسادها وتدسيتها وخبثها وذلك للأدلة الآتية:قوله تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) } [الشمس:9 - 10]

وقوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42)} [الأعراف:40 - 42]

وقوله جل وعلا :{ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} العصر

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - r- قَالَ « كُلُّ أُمَّتِى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ،إِلاَّ مَنْ أَبَى ».قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ « مَنْ أَطَاعَنِى دَخَلَ الْجَنَّةَ،وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ أَبَى »[1] .

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،لَتَدْخُلُنَّ الْجَنَّةَ كُلُّكُمْ إِلاَّ مَنْ أَبَى وَشَرَدَ عَلَى اللهِ كَشِرَادِ الْبَعِيرِ،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ،وَمَنْ يَأْبَى أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ:مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ،وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى.[2]

وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ،أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ r،قَالَ:إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ شَطْرُ الإِيمَانِ،وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ،وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ،وَالصَّلاَةُ نُورٌ،وَالزَّكَاةُ بُرْهَانٌ،وَالصَّدَقَةُ ضِيَاءٌ،وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ،كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو،فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا،أَوْ مُوبِقُهَا. [3]

كما يؤمن المسلم بأن ما تطهر عليه النفس وتزكو هو حسنة الإيمان والعمل الصالح وأن ما تتدسى به وتخبث وتفسد هو سيئة الكفر والمعاصى .

قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } (114) سورة هود

وقال تعالى:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (14) سورة المطففين

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ rقَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ،فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صَقُلَ مِنْهَا قَلْبُهُ،وَإِنَّ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يُغَلَّفَ بِهَا قَلْبُهُ،فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [المطففين: 14] "[4]

وعَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ،قَالَ: لَمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللهِ rمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ،قَالَ مُعَاذٌ: فَإِذَا رَكْبُ ابْنِ صَفْوَانَ نَحْوَ النَّبِيِّ r،فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ،مَا أَرَى هَؤُلَاءِ إِلَّا سَائِلُوكَ عَنِّي،فَأَوْصِنِي وَاجْمَعْ،فَقَالَ: " اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ،وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا،وَخَالَطِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ "[5]

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ،قَالَ:قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللهِ،أَوْصِنِي.قَالَ:اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ،وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا،وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ.[6]

من أجل هذا يعيش المسلم عاملاً على تأديب نفسه وتزكيتها وتطهيرها إذ هي أولى مَن يؤدب فيأخذها بالآداب المزكية لها والمطهرة لأدرانها كما يجنبها كل ما يدسيها ويفسدها من سيء المعتقدات وفاسد الأقوال والأفعال يجاهدها ليل نهار،ويحاسبها في كل ساعة ويحملها على فعل الخيرات ويدفعها إلى الطاعة دفعا كما يصرفها عن الشر والفساد صرفا،ويردها عنهما ردا ويتبع في إصلاحها وتأديبها لتطهر وتزكو الخطوات التالية :

1 - التوبة :

والمراد منها التخلي عن سائر الذنوب والمعاصى والندم على كل ذنب سالف والعزم على عدم العود على الذنب في مقبل العمر وذلك لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (8) سورة التحريم

وقوله تعالى:{.. وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) سورة النــور

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛أَنّ رَسُولَ اللهِ rجَمَعَ النَّاسَ،فَقَالَ:يَا أَيُّهَا النَّاسُ،تُوبُوا إِلَى اللهِ،فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللهِ فِي الْيَوْمِ مِئَةَ مَرَّةٍ.[7]

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ.[8]

وعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: " إِنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ،وَبِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ،حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ[9]

وعَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثَيْنِ حَدِيثًا عَنْ نَفْسِهِ وَحَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -r- قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -r- يَقُولُ « لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِى أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ ثُمَّ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِى الَّذِى كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ ».[10]

2 – المراقبة :

وهي أن يأخذ المسلم نفسه بمراقبة الله تبارك وتعالى ويلزمها إياها في كل لحظة من لحظات الحياة حتى يتم لها اليقين بأن الله مطلع عليها عالمٌ بأسرارها رقيب على أعمالها قائمٌ عليها وعلى كل نفس بما كسبت،وبذلك تصبح مستغرقة بجمال الله وكماله شاعرة بالاأنس في ذكره واجدة الراحة في طاعته راغبة في جواره مقبلة عليه معرضة عما سواه .

وهذا معنى إسلام الوجه في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (125) سورة النساء

وَمَنْ أَحْسَنَ دِيناً مِمَّنْ جَعَلَ قَلْبَهُ خَالِصاً للهِ وَحْدَهُ،وَأَخْلَصَ العَمَلَ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ،فَعَمِلَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً،وَكَانَ فِي عَمَلِهِ مُحْسِناً،وَمُتَّبِعاً مَا شَرَعَهُ اللهُ لَهُ،وَمَا أَرْسَلَ بِهِ رَسُولَهُ مِنَ الهُدَى وَدِينِ الحَقِّ.وَهَذَانِ شَرْطَانِ لاَ يَصِحُّ بِدُونِهِمَا عَمَلٌ صَالِحٌ:

- أنْ يَكُونَ العَمَلُ خَالِصاً للهِ .

- أنْ يَكُونَ صَوَاباً مُوافِقاً لِلْشَرْعِ الذِي شَرَعَهُ اللهُ .

وَعَلى العَامِلِ المُخْلِصِ فِي عَمَلِهِ للهِ أنْ يَكُونَ قَدِ اتَّبَعَ،مَعَ مُحَمَّدٍ وَالمُسْلِمِينَ،مِلَّةَ إِبْراهِيمَ مُخْلِصاً،مُنْحَرِفاً عَنِ الشِّرْكِ ( حَنِيفاً )،وَتَارِكاً لِلْشِّرْكِ عَنْ بَصيرةِ،وَمقْبِلاً عَلَى الحَقِّ وَالهُدَى بِكُلِّيَّتِهِ.ثُمَّ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى تَرْغِيبِ المُؤْمِنِينَ بِاتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ،الذِي بَلَغَ غَايَةَ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ العِبَادُ إلى اللهِ،فَقَالَ تَعَالَى:إنَّ إِبْرَاهِيمَ انْتَهَى إلى مَنْزِلَةِ الخَلِيلِ لَدَى خَالِقِهِ،وَهِيَ أَرْفَعُ مَقَامَاتِ المَحَبَّةِ،وَمَنْ كَانَتْ لَهُ هَذِهِ المَنْزِلَةُ كَانَ جَدِيراً بِأَنْ يُتَّبَعَ فِي مِلَّتِهِ .[11]

وقوله سبحانه:{وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (22) سورة لقمان

وَمَنْ يُخلْصِ العَمَلَ للهِ،وَيَخْضَعْ لأَمْرِهِ،وَيَتّبِعْ شَرْعَهُ،وَهُوَ مُحْسِنٌ في عَمَلِهِ باتِّبَاعِ مَا أَمَرَ اللهُ بهِ،وَتَرْكِ مَا نَهَى عَنْهُ،فَقَدْ تَعَلَّقَ بأَوْثَقِ الأَسْبَابِ التي تُوصِلُ إٍِلى رِضْوَانِ اللهِ،وَحُسْن جَزَائِهِ،والنَّاسُ راجِعُونَ جَميعاً إٍِلى اللهِ،وأَعْمَالُهُم وأُمُورُهُمْ صَائِرَةٌ إليهِ فيُجَازِي كُلَّ وَاحٍدٍ بِعَمَلِهِ .[12]

وهو عين ما دعا إليه الله تعالى في قوله:{وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (235) سورة البقرة

وَلا جُنَاحَ عَلَيكُمْ أيُّها الرِّجَالُ وَلا حَرَجَ وَلا إثْمَ فِي أنْ تُعَرِّضُوا بِخِطْبَةِ النِّسَاءِ وَهُنَّ في العِدَّةِ،مِنْ غَيرِ تَصْرِيحٍ،كَأنْ يَقُولَ أحَدُكُمْ أريدُ الزَّوَاجَ...وَلا جُنَاحَ عَليكُمْ فِيما أضْمَرْتُمُوهُ فِي أنفُسِكُمْ مِنْ خِطْبَتِهِنَّ.وَاللهُ يَعْلَمُ أنَّكُمْ سَتَذْكُرونَهُنَّ في أنْفُسِكُمْ سِرّاً،فَرَفَعَ عَنْكُمْ هذا الحَرَجَ،وَلَكِنْ لا تُعْطُوهُنَّ وَعْداً بالزَّواجِ،إلا أنْ يَكُونَ ذَلِكَ إشَارَةً لا نُكْرَ فيها وَلا فُحْشَ وَلاَ تَقُولُوا لَهُنَّ إنَّكُمْ عَاشِقون مَثَلاً،وَلا تَطْلُبُوا مِنْهُنَّ الوَعْدَ بِعَدَمِ الزَّوَاجِ مِنْ غَيْرِكُمْ.. إلخ فَذلِكَ مِمَّا نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنْهُ

وَلاَ تَعْقدُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى تَنْقَضِيَ العِدَّةَ ( يَبْلُغَ الكِتَابُ أجَلَهُ ) وَإذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ مِن امْرأَةٍ وَهِيَ في العِدَّةِ،فَقَدْ أجْمَعَ الفُقَهَاءُ عَلَى أنَّ هذا الزَّوَاجَ بَاطِلٌ.وَلكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا حَوْلَ حُرْمَةِ المَرْأةِ عَلَى الرَّجُلِ أبَداً.فَقَالَ بَعْضُ الفُقَهَاءِ:إنَّها تَحْرُمُ عَلَيهِ أبَداً،وَقَالَ آخُرونَ إنَّها لاَ تَحْرُمُ عَلَيهِ أبَدَاً،وَلَهُ أنْ يَتَقَدَّمَ إلى خِطْبَتِها إذا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا،وَيَعْقِدَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ .

ويُذَكِّر اللهُ المُؤْمِنينَ بِأنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي نُفُوسِهِمْ،وَلِذَلِكَ فَإنَّهُ يُرِيدُهُمْ ألاَّ يُضْمِرُوا فِي أنْفُسِهِمْ إلاَّ الخَيْرَ.وَالذي تَخْطُرُ عَلَى بَالِهِ خَوَاطِرُ شِرِّيرَةٌ جَعَلَ اللهُ لَهُ بَاباً لِلتَّوبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ مِمَّا خَطَرَ لَهُ،فَاللهُ كَثيرُ الحِلْمِ لاَ يُعَجِّلُ بِالعُقُوبَةِ لِمَنْ قَارَفَ المُحَرَّمَاتِ،لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ وَيَرْجِعُ إليهِ[13] .

وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (1) سورة النساء .

وقوله سبحانه:{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (61) سورة يونس

يُخْبِرُ اللهَ تَعَالَى بِأَنَّهُ عَالِمٌ بَجِمِيعِ أَحْوَالِ رَسُولِهِ وَأُمُورِهِ،سَوَاءٌ مِنْهَا مَا هُوَ خَاصٌ بِهِ،أَوْ مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِشُؤُونِ الدَّعْوَةِ،وَأَنَّهُ لاَ يَتْلُو مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ قُرْآنٍ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ اللهُ تَعَبُّداً وَتَهَجُّداً بِهِ،أَوْ تَبْلِيغاً لَهُ لِلنَّاسِ،وَلاَ يَقُومُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ،مِنَ المُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهِمْ،بِعَمَلٍ صَالِحٍ أَوْ غَيْرِ صَالِحٍ،كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ،إِلاَّ كَانَ اللهُ تَعَالَى رَقِيباً عَلَيْهِمْ فَيَحْفَظُهُ لَهُمْ،وَيَجْزِيهِمْ بِهِ،وَأَنَّهُ تَعَالَىلاَ يَغِيبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيءٌ صَغُرَ أَوْ كَبُرَ حَتَّى وَلَوْ كَانَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ،أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ،فَكُلُّ شَيءٍ مُحْصًى عِنْدَهُ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ .[14]

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:كَانَ رَسُولُ اللهِ rيَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ،إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي،فَقَالَ:يَا مُحَمَّدُ،مَا الإِيمَانُ ؟ قَالَ:أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ،وَمَلاَئِكَتِهِ،وَرُسُلِهِ،وَلِقَائِهِ،وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ،قَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،فَمَا الإِسْلاَمُ ؟ قَالَ:لاَ تُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا،وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ،وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ،وَتَصُومُ رَمَضَانَ،قَالَ:يَا مُحَمَّدُ،مَا الإِحْسَانُ ؟ قَالَ:أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ،فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ .."[15]

وهو نفس ما درج عليه السابقون الأولون من سلف هذه الأمة الصالح إذ أخذوا به أنفسهم حتى تم لهم اليقين وبلغوا درجة المقربين وها هي ذى آثارهم تشهد لهم :

1 - وقَالَ الْجُنَيْدَُ:سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثَ بْنَ أَسَدٍ،يَقُولُ وَسُئِلَ عَنِ الْمُرَاقَبَةِ لِلَّهِ وَعَنِ الْمُرَاقِبِ،لِرَبِّهِ فَقَالَ:" إِنَّ الْمُرَاقَبَةَ تَكُونُ عَلَى ثَلَاثِ خِلَالٍ عَلَى قَدْرِ عَقْلِ الْعَاقِلِينَ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِرَبِّهِمْ يَفْتَرِقُونَ فِي ذَلِكَ فَإِحْدَى الثَّلَاثِ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ،وَالْخَلَّةُ الثَّانِيَةُ الْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ وَالْخَلَّةُ الثَّالِثَةُ الْحُبُّ لِلَّهِ فَأَمَّا الْخَائِفُ فَمُرَاقِبٌ بِشِدَّةِ حَذَرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَغَلَبَةِ فَزَعٍ،وَأَمَّا الْمُسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ فَمُرَاقِبٌ بِشِدَّةِ انِكْسَارٍ وَغَلَبَةِ إِخْبَاتٍ،وَأَمَّا الْمُحِبُّ فَمُرَاقِبٌ بِشِدَّةِ سُرُورٍ وَغَلَبَةِ نَشَاطٍ وَسَخَاءِ نَفْسٍ مَعَ إِشْفَاقٍ لَا يُفَارِقُهُ وَلَنْ تَكَادَ أَنْ تَخْلُوَ قُلُوبُ الْمُرَاقِبِينَ مِنْ ذِكْرِ اطِّلَاعِ الرَّقِيبِ بِشِدَّةِ حَذَرٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ أَنْ يَرَاهُمْ غَافِلِينَ عَنْ مُرَاقَبَتِهِ،وَالْمُرَاقَبَةُ ثَلَاثُ خِلَالٍ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ أَوَّلُهَا التَّثْبِيتُ بِالْحَذَرِقَبْلَ الْعَمَلِ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ،وَالتَّرْكُ لِمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مَخَافَةَ الْخَطَأِ فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابُ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ وَالتَّرْكِ لِمَا نَهَى اللَّهُ مَخَافَةَ التَّفْرِيطِ فَإِذَا دَخَلَ فِي الْعَمَلِ فَالتَّكْمِيلُ لِلْعَمَلِ مَخَافَةَ التَّقْصِيرِ فَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ قَبْلَ الْعَمَلِ مَخَافَةَ الْخَطَأِ فَغَيْرُ مُرَاقِبٍ لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ إِذْ كَانَ لَا يَأْمَنُ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ عَلَى غَيْرِ مَا أَحَبَّ وَأَمَرَ بِهِ،وَمَنْ لَمْ يبَادَرْ وَيُسَارِعْ إِلَى عَمَلِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابُ فَمَا رَاقَبَ إِذَا بَطَّأَ عَنِ الْعَمَلِ،لِمَحَبَّةِ مَنْ يُرَاقِبُهُ إِذْ يَرَاهُ مُتَثَبِّطًا عَنِ الْقِيَامِ بِمَا أَمَرَ بِهِ،وَمَنْ لَمْ يَجْتَهِدْ فِي تَكْمِيلِ عَمَلِهِ فَضَعِيفٌ مُقَصِّرٌ فِي مُرَاقَبَةِ مَنْ يُرَاقِبُهُ إِذَا قَصَّرَ عَنْ إِحْكَامِ الْعَمَلِ لِمَنْ يَعْمَلُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُحِبُّ تَكْمِيلَهُ وَإِحْكَامَهُ،وَقَالَ:سَبْعُ خِلَالٍ يَكْمُلُ لَهَا عَمَلُ الْمُرِيدِ وَحِكْمَتُهُ:حُضُورُ الْعَقْلِ وَنَفَاذُ الْفِطْنَةِ وَسَعَةُ الْعَمَلِ بِغَيْرِ غَلَطٍ وَقَهْرُ الْعَقْلِ لِلْهَوَى وَعِظَمُ الْهَمِّ كَيْفَ يُرْضِي الرَّبَّ تَعَالَى وَالتَّثَبُّتُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ،وَشِدَّةُ الْحَذَرِ لِلْآفَاتِ الَّتِي تَشُوبُ الطَّاعَاتِ،وَأَقَلُّ الْمُرِيدِينَ غَفْلَةً أَدْوَمُهُمْ مُرَاقَبَةً مَعَ تَعْظِيمِ الرَّقِيبِ،وَالدَّلِيلُ عَلَى صِدْقِ الْمُرَاقَبَةِ بِإِجْلَالِ الرَّقِيبِ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ بِالْفِطْنَةِ لِدَوَاعِي الْعَقْلِ مِنْ دَوَاعِي الْهَوَى وَالتَّثْبِيتُ بِالنَّظَرِ بِنُورِ الْعِلْمِ وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الطَّاعَةِ وَمَا شَابَهَهَا مِنَ الْآفَاتِ وَقُوَّةِ الْعَزْمِ عَلَى تَكْمِيلِ الْمُرَاقَبَةِ فِي الْحُظْوَةِ فِي عَيْنِ الْمَلِيكِ الْمُطَّلِعِ،وَشِدَّةُ الْفَزَعِ مِمَّا يَكْرَهُ خَوْفَ الْمَقْتِ،وَالدَّلِيلُ عَلَى قُوَّةِ الْخَوْفِ شِدَّةُ الْإِشْفَاقِ مِمَّا مَضَى مِنَ السَّيِّئَاتِ أَنْ لَا تُغْفَرَ وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْإِحْسَانِ أَنْ لَا يُقْبَلَ،وَدَوَامُ الْحَذَرِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ أَنْ لَا يَسْلَمَ،وَعِظَمُ الْهَمِّ مِنْ عَظِيمِ الرَّغْبَةِ،وَعَظِيمُ الرَّغْبَةِ مِنْ كِبَرِ الْمَعْرِفَةِ بِعَظِيمِ قَدْرِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ وَإِلَيْهِ،وَسُمَوُّ الْهِمَّةِ يُخَفِّفُ التَّعَبَ وَالنَّصَبَ وَيُهَوِّنُ الشَّدَائِدَ فِي طَلَبِ الرِّضْوَانِ،وَيُسْتَقَلُّ مَعَهُ بَذْلُ الْمَجْهُودِ بِعَظِيمِ مَا ارْتَفَعَ إِلَيْهِ الْهَمُّ،وَالنَّشَاطُ بِالدُّءُوبِ دَائِمٌ،وَالسُّرُورُ بِالْمُنَاجَاةِ هَائِجٌ،وَالصَّبْرُ زِمَامُ النَّفْسِ عَنِ الْمَهَالِكِ وَإِمْسَاكٌ،لَهَا عَلَى النَّجَاةِ فَالْيَقِينُ رَاحَةٌ لِلْقُلُوبِ مِنْ هُمُومِ الدُّنْيَا وَكَاسِبٌ لِمَنَافِعِ الدِّينِ كُلِّهَا وَحُسْنُ الْأَدَبِ زَيْنٌ لِلْعَالِمِ وَسَتْرٌ لِلْجَاهِلِ،مَنْ قَصُرَ أَمَلُهُ حَذَرَ الْمَوْتَ وَمَنْ حَذَرَ الْمَوْتَ خَافَ الْفَوْتَ وَمَنْ خَافَ الْفَوْتَ قَطَعَ الشَّوْقَ وَمَنْ قَطَعَ الشَّوْقَ بَادَرَ قَبْلَ زَوَالِ إِمْكَانِ الظَّفَرِ فَاجْعَلِ التَّيَقُّظَ وَاعِظَكَ وَالتَّثَبُّتَ وَكِيلَكَ وَالْحَذَرَ مُنَبِّهَكَ وَالْمَعْرِفَةَ دَلِيلَكَ وَالْعِلْمَ قَائِدَكَ وَالصَّبْرَ زِمَامَكَ وَالْفَزَعَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَوْنَكَ وَمَنْ لَمْ تُوسَعْهُ الدُّنْيَا غِنًى وَلَا رِفْعَةَ أَهْلِهَا شَرَفًا وَلَا الْفَقْرُ فِيهَا صِفَةً فَقَدِ ارْتَفَعَتْ هِمَّتُهُ وَعَزَفَتْ عَنِ الدُّنْيَا نَفْسُهُ،مَنْ كَانَتْ نِعْمَتُهُ السَّلَامَةَ مِنَ الْآثَامِ وَرَغِبَ إِلَى اللَّهِ فِي حَوَادِثِ فَوَائِدَ لَمُرِيدٌ نُقِلَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ،وَمَنِ اشْتَدَّ تَفَقُّدُهُ مَا يَضُرَّهُ فِي دِينِهِ وَيَنْفَعُهُ فِي آخِرَتِهِ وَذَكَرَ اطِّلَاعَ اللَّهِ إِلَيْهِ،وَمَثُلَ عَظِيمَ هَوْلِ الْمَطْلَعِ وَأَشْفَقَ مِمَّا يَأْتِي بِهِ الْخَيْرُ فَقَدْ صَدَقَ اللَّهَ فِي مُعَامَلَتِهِ وَحَقَّقَ اسْتِعْمَالَ مَا عَرَّفَهُ رَبُّهُ،وَمَنْ قَدَّمَ الْعَزْمَ لِلَّهِ عَلَى الْعَمَلِ بِمَحَبَّتِهِ وَوَفَّى لِلَّهِ بَعَزْمِهِ وَجَانَبَ مَا يَعْتَرِضُ بِقَلْبِهِ مِنْ خَطَرَاتِ السُّوءِ وَنَوَازِعِ الْفِتَنِ فَقَدْ حَقَّقَ مَا عَلِمَ وَرَاقَبَ اللَّهَ فِي أَحْوَالِهِ،كَهْفُ الْمُرِيدِ وَحِرْزُهُ التَّقْوَى وَالِاسْتِعْدَادُ عَوْنُهُ وَجَنَّتُهُ الَّتِي يَدْفَعَ بِهَا آفَاتِ الْعَوَارِضِ وَصُوَرِ النَّوَازِلِ،وَالْحَذَرُ يوَرِّثُهُ النَّجَاةَ وَالسَّلَامَةَ،وَالصَّبْرُ يوَرِّثُهُ الرَّغْبَةَ وَالرَّهْبَةَ،وَذِكْرُ كَثْرَةِ سَوَالِفِ الذُّنُوبِ يوَرِّثُهُ شِدَّةَ الْغَمِّ وَطُولَ الْحُزْنِ،وَعِظَمُ مَعْرِفَتِهِ بِكَثْرَةِ آفَاتِ الْعَوَارِضِ فِي الطَّاعَاتِ تُوَرِّثُهُ شِدَّةَ الْإِشْفَاقِ مِنْ رَدِّ الْإِحْسَانِ "[16]

2 - وعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ،قَالَ:كَانَ رَجُلٌ كَثِيرَ الْبُكَاءِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:أَبْكَانِي تَذَكُّرِي مَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي حِينَ لَمْ أَسْتَحيِ مِمَّنْ شَاهَدَنِي وَهُوَ يَمْلِكُ عُقُوبَتِي،فَأَخَّرَنِي إِلَى يَوْمِ الْعُقُوبَةِ الدَّائِمَةِ،وَأَجَّلَنِي إِلَى يَوْمِ الْحَسْرَةِ الْبَاقِيَةِ،وَاللَّهِ لَوْ خُيِّرْتُ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تُحَاسَبَ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِكَ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ يُقَالُ لَكَ كُنْ تُرَابًا،لَاخْتَرْتُ أَنْ أَكُونَ تُرَابًا "[17] .

3 - عن أَبي عُثْمَانَ الْحناطِ قال:سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ:" ثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْمَالِ الْمُرَاقَبَةِ:إِيثَارُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ،وَتَعْظِيمُ مَا عَظَّمَ اللَّهُ،وَتَصْغِيرُ مَا صَغَّرَ اللَّهُ ".قَالَ:" وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الِاعْتِزَازِ بِاللَّهِ:التَّكَاثُرُ بِالْحِكْمَةِ وَلَيْسَ بِالْعَشِيرَةِ،وَالِاسْتِعَانَةُ بِاللَّهِ وَلَيْسَ بِالْمَخْلُوقِينَ،وَالتَّذَلُّلِ لِأَهْلِ الدِّينِ فِي اللَّهِ وَلَيْسَ لِأَبْنَاءِ الدُّنْيَا " [18] .

4 - وعَنْ نَافِعٍ،قَالَ: خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَصْحَابُ لَهُ،وَوَضَعُوا سَفْرَةً لَهُ،فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِي غَنَمٍ،قَالَ: فَسَلَّمَ،فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: " هَلُمَّ يَا رَاعِي،هَلُمَّ "،فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ،فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَائِمٌ،فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: " أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ شَدِيدٍ سُمُومُهُ وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْجِبَالِ تَرْعَى هَذَا الْغَنَمَ ؟ " فَقَالَ لَهُ: أَيْ وَاللهِ أُبَادِرُ أَيَّامِي الْخَالِيَةَ،فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُرِيدُ يَخْتَبِرُ وَرَعَهُ:" فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيكَ مِنْ لَحْمِهَا فَتُفْطِرَ عَلَيْهِ ؟ " فَقَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي بِغَنَمٍ،إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي،فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: " فَمَا عَسَى سَيِّدُكَ فَاعِلًا إِذَا فَقْدَهَا،فَقُلْتَ: أَكْلَهَا الذِّئْبُ " فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يَقُولُ: أَيْنَ اللهُ،قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ الرَّاعِي: فَأَيْنَ اللهُ ؟ قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلَاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ وَالرَّاعِي فَأَعْتَقَ الرَّاعِيَ،وَوَهَبَ لَهُ الْغَنَمَ "[19]

وعن زَيْدَ بْنِ أَسْلَمَ،قَالَ: مَرَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بِرَاعٍ،فَقَالَ: " يَا رَاعِيَ الْغَنَمِ،هَلْ مِنْ جِوَرَّةٍ ؟ " قَالَ الرَّاعِي: لَيْسَ ههُنَا رَبُّهَا،فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: " تَقُولُ لَهُ: إِنَّهُ أَكْلَهَا الذِّئْبُ "،قَالَ فَرَفَعَ الرَّاعِي رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ،ثُمَّ قَالَ: فَأَيْنَ اللهُ ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: " فَأَنَا وَاللهِ أَحَقُّ أَنْ أَقُولَ: أَيْنَ اللهُ،فَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ الرَّاعِي،وَاشْتَرَى الْغَنَمَ فَأَعْتَقَهُ وَأَعْطَاهُ الْغَنَمَ " [20]

5 - قال بعض السلف: مررت برجل منفرد فقلت له أنت وحدك فقال: معي ربي وملكاي فقلت: أين الطريق؟ فأشار نحو السماء،ثم مضى وهو يقول: أكثر خلقك شاغل عنك[21] .

6 - قال الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ،رَحِمَهُ اللهُ يُنْشِدُ:"[22]

إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا ... فَلَا تَقُلْ خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ

وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ سَاعَةً ........ وَلَا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيبُ

غَفَلْنَا الْعُمُرَ وَاللهِ حَتَّى تَدَارَكَتْ ..... عَلَيْنَا ذُنُوبٌ بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ

فَيَا لَيْتَ أَنَّ اللهَ يَغْفِرُ مَا مَضَى ......... وَيَأْذَنُ فِي تَوْبَاتِنَا فَنَتُوبُ

3 - المحاسبة :

وهي أنه لما كان المسلم عاملا في هذه الحياة ليل نهار على ما يسعده في الدار الآخرة،ويؤهله لكرامتها،ورضوان الله فيها وكانت الدنيا هي موسم عمله كان عليه اأن ينظر إلى الفرائض الواجبة عليه كنظر التاجر إلى رأس ماله،وينظر إلى النوافل نظر التاجر إلى الأرباح الزائدة على رأس المال وينظر إلى المعاصي والذنوب كالخسارة في التجارة،ثم يخلو بنفسه ساعة من آخر كل يوم يحاسب نفسه فيها على عمل يومه،فإن رأى نقصا في الفرائض لامها ووبخها وقام إلى جبره في الحال،فإن كان مما يقضى قضاه وإن كان مما لا يقضى جبره بالإكثار من النوافل،وإن رأى نقصا في النوافل عوض الناقص وجبره وإن رأى خسارة بارتكاب المنهي استغفر وندم وأناب وعمل من الخير ما يراه مصلحا لما أفسد .

هذا هو المراد بالمحاسبة للنفس وهي إحدى طرق إصلاحها وتأديبها وتزكيتها وتطهيرها وأدلتها ما يأتى :

قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (18) سورة الحشر

يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِتَقْوَاهُ،وَذَلِكَ بِأَنْ يَفْعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ،وَأَنْ يَتْرُكُوا مَا نَهَاهُم عَنْهُ،وَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحدٍ مِنْهُمْ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَل صَالِحٍ يَنْفَعُهُ فِي آخِرَتِهِ يَوْمَ الحِسَابِ،ثُمَّ يُؤْكِّدُ تَعَالى الأَمْرَ بِتَقْوَاهُ،مُبَيِّناً أَنَّهُ عَلِيمٌ بِأْحْوالِ العِبَادِ،جَمِيعِهَا،وَسَيُحَاسِبُهُمْ عَلَيْهَا .[23]

فقوله تعالى (( ولتنظر نفس )) هو أمر بالمحاسبة للنفس على ما قدمت لغدها المنتظر .

وقال تعالى: {.. وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) سورة النــور

وعَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ الأَغَرَّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -r- يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّى أَتُوبُ فِى الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ». [24]

وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ،عَنْ رَجُلٍ،مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ،فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللهِ،وَأَسْتَغْفِرُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ فَقُلْتُ لَهُ:اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ،اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ:اثْنَتَانِ أَمْ وَاحِدَةٌ ؟ فَقَالَ:هُوَ ذَاكَ،أَوْ نَحْوَ هَذَا.[25]

وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ،أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ:حاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْل أَنْ تُوزَنُوا،وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ،يَوْمَ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ."[26]

وكان أبو بكر رجلاً أسيفاً،إذا صلى بالناس لا تُكاد تسمع قراءته من كثرة بكائه وخوفه من ربه جل وعلا.

وكان في وجه عمر خطان أسودان من كثرة البكاء،وكان يُسمع بكاؤه من آخر الصفوف،وسمع قارئاً يقرأ قوله تعالى: إن عذاب ربك لواقع [الطور:7]. فسقط مغشياً عليه،وبقي أياماً مريضاً يزوره الناس،وكان إذا أظلم عليه الليل يضرب قدميه بالدرة،ويقول لنفسه: ماذا عملت اليوم يا عمر؟ وكان ينعس وهو قاعد،فقيل له: ألا تنام يا أمير المؤمنين؟ قال: ((إذا نمت الليل ضيعت حظي من الله،وإذا نمت النهار ضيعت رعيتي)) وحين حضرته الوفاة يقول لابنه: ((ضع خدي على التراب عل الله أن يرى حالي فيرحمني)).

بكى عمر الفاروق خوفاً وخشية……وقد كان في الأرض الإمام المثاليا

وقال بصوت الحزن يا ليت أنني……نجوت كفافاً لا عليّ ولا ليا

وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه أرضاه - يصوم النهار ويقوم الليل، وكَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا الْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ "[27] وقد روي عنه أنه ما اغتسل مرة واحدة واقفاً بل كان يغتسل جالساً حياء من الله جل وعلا،وقد روي عنه أنه كان يختم القرآن في ركعة ثم يوتر بها.

أما علي بن أبي طالب فقد كان صواماً قوماً فارساً بالنهار،راهباً بالليل. صلى صلاة الفجر في يوم من الأيام فجلس حزيناً مطرقا،فلما طلعت الشمس قبض على لحيته،وبدأ يبكي ويبكي ثم قال: لقد رأيت أصحاب النبي فما رأيت شيئاً يشبههم،كانوا يصبحون شعثاً غبراً سفراً بين أعينهم كأمثال ركب المعزى من كثرة السجود،قد باتوا لله سجداً وقياماً يراوحون بين جباههم وأقدامهم،فإذا طلع الفجر ذكروا الله فمادوا كما يميد الشجر في يوم الريح وهطلت أعينهم بالدموع والله لكأنّ القوم باتوا غافلين.

وكان يستأنس بالليل وظلمته،فإذا أرخى الليل سدوله،وغارت نجومه،يميل في محرابه قابضاً على لحيته،ويتململ تململ الملدوغ،ويبكي بكاء الحزين،وينادي: يا ربنا.. يا ربنا.. يا ربنا.

وعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ : " إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادًا كَمَنْ رَأَى أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ مُخَلَّدِينَ وَكَمَنْ رَأَى أَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ مُخَلَّدِينَ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ حَوَائِجُهُمْ خَفِيفَةٌ وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ صَبَرُوا أَيَّامًا قِصَارًا تُعْقَبَ رَاحَةً طَوِيلَةً، أَمَّا اللَّيْلُ فَمُصَافَّةٌ أَقْدَامُهُمْ تَسِيلُ دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ يَجْأَرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ رَبَّنَا رَبَّنَا، وَأَمَّا النَّهَارُ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتْقِيَاءُ كَأَنَّهُمُ الْقِدَاحُ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسِبُهُمْ مَرْضَى وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرِضٍ، أَوْ خُولِطُوا وَلَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ مِنْ ذِكْرِ الْآخِرَةِ أَمَرٌ عَظِيمٌ " [28]

أما عبد الرحمن بن عوف فقد كان صائماً ثم أتي بطعام فقال: قتل مصعب بن عمير،وهو خير مني،فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة إن غطي بها رأسه بدت رجلاه،وإن غطي بها رجلاه بدا رأسه،ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط. قد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام.

وأُتي له بعشائه في يوم من الأيام،وكان صائماً،فقرأ قول الله تعالى: إن لدينا أنكالاً وجحيماً وطعاماً ذا غصة وعذاباً أليماً [المزمل:13]. فلم يزل يبكي حتى رفع طعامه وما تعشى.

ولما حضرت أبا هريرة الوفاة بكى،فقيل له: ما يبكيك،فقال: والله ما أبكي على دنياكم،ولكن أبكي لبعد المفازة،وقلة الزاد،وعقبة كؤود،وأنني أصبحت في صعود, المهبط منه إما إلى جنة وإما إلى نار.[29]

وهكذا الصالحون من هذه الأمة يحاسبون أنفسهم عن تقريطها،ويلومونها على تقصيرها،ويلزمونها التقوى،ونهونها عن الهوى عملاً بقول الله تعالى:{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)} [النازعات:40 - 41]

وَأَمَّا مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَقُومُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ،وَأَنَّهُ سَيُسْأَلُ عَنْ أَعْمَالِهِ،فَحَاذَرَ ذَلِكَ اليَوْمَ،وَحَسَبَ حِسَابَهُ،وَجَنَّبَ نَفْسَهُ الوُقُوعَ فِي المَحَارِمِ،وَالانْسِيَاقِ وَرَاءَ الهَوَى وَالشَّهَوَاتِ،فَتَكُونُ الجَنَّةُ جَزَاءَهُ،وَفِيهَا مَأْوَاهُ وَمَصِيرُهُ .[30]

4- المجاهدة :

لا بد أن يعلم المسلم أن أعدى أعدائه إليه هو نفسه التي بين جنبيه،وأنها بطبعها ميالة إلى الشر،فَرَّارَة من الخير،أمَّارة بالسوء:قال تعالى:( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ) سورة يوسف. تحب الدعة،والخلود إلى الراحة،وترغب في البطالة،وتنجرف مع الهوى،تستهويها الشهوات العاجلة وإن كان فيها حتفها وشقاءها .

فإذا عرف المسلم هذا عبأ نفسه لمجاهدة نفسه،فأعلن عليها الحرب،وشهر ضدها السلاح،وصمم على مكافحة رعوناتها،ومناجزة شهواتها،فإذا أحبت الراحة أتعبها،وإذا رغبت في الشهوة حرمها،وإذا قصرت في طاعة أو خير عاقبها ولامها،ثم ألزمها بفعل ما قصرت فيه،وبقضاء ما فوتته أو تركته .

يأخذها بهذا التأديب حتى تطمئن،وتطهر،وتطيب،وتلك غاية المجاهدة للنفس.قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (69) سورة العنكبوت

والمؤمنون الذين جاهدوا أعداء الله،والنفس،والشيطان،وصبروا على الفتن والأذى في سبيل الله،سيهديهم الله سبل الخير،ويثبتهم على الصراط المستقيم،ومَن هذه صفته فهو محسن إلى نفسه وإلى غيره. وإن الله سبحانه وتعالى لمع مَن أحسن مِن خَلْقِه بالنصرة والتأييد والحفظ والهداية.[31]

والمسلم إذ يجاهد نفسه في ذات الله لتطيب،وتطهر،وتزكو،وتطمئن،وتصبح أهلاً لكرامة الله تعالى ورضاه يعلم أن هذا هو درب الصالحين،وسبيل المؤمنين الصادقين،فيسلكه مقتدياً بهم،ويسير معه مقتفياً آثارهم .

فعَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - r- كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ « أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا ».فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ،فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ [32]. .

أي مجاهدة أكبر من هذه المجاهدة وايم الله ؟!! .

وعَنْ عَلِيٍّ قَالَ:" لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ،فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ وَلَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ:رَجُلٌ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَهُوَ يُدَارِكُ ذَلِكَ الذَّنْبَ بِتَوْبَةٍ أَوْ رَجُلٌ يَسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ،وَلَا يَقِلُّ عَمَلٌ فِي تَقْوًى وَكَيْفَ يَقِلُّ عَمَلٌ يُتَقَبَّلُ ؟ كَانُوا بِالصَّحَابَةِ مُقْتَدِينَ وَلِسَبِيلِهِمْ مُتَّبِعِينَ يُصْبِحُونَ شُعْثًا غُبْرًا صُفْرًا بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ مِثْلُ رَكْبِ الْمَعِزَى بَاتُوا يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ يَمِيدُونَ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ كَمَا تَمِيدُ الشَّجَرَةُ فِي يَوْمِ رِيحٍ كَانُوا مَصَابِيحَ الْهُدَى،لَمْ يَكُونُوا بِالْجُفَاةِ الْمُرَائِينَ خَلَقُ الثِّيَابِ جُدُدُ الْقُلُوبِ،فِي الدُّنْيَا زَاهِدِينَ وَفِي الْآخِرَةِ رَاغِبِينَ،وَعَنِ اللَّهِ،فَهِمِينَ وَفِي قِرَاءَةِ كَلَامِهِ مُتَدَبِّرِينَ وَبِمَوَاعِظِهِ مُتَّعِظِينَ وَبِصَنَائِعِهِ مُعْتَبِرِينَ،اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطًا وَرِمَالَهَا فِرَاشًا وَالْقُرْآنَ وَالدُّعَاءَ دِثَارًا وَشِعَارًا عَبْدُوهُ فِي بُيوتٍ بِالْقُلُوبِ الطَّاهِرَةِ وَالْأَبْصَارِ الِخَاشِعَةِ،هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ فَقَامُوا لِلَّهِ بِحُجَّتِهِ وَتِبْيَانِهِ فَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ،صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى،فَهَذِهِ نُعُوتُ الْأَصْفِيَاءِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالنُّجَبَاءِ مِنَ الْأَتْقِيَاءِ،مَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ مُقْتَدِيًا بِأَفْعَالِهِمْ مُرَاعِيًا لِأَحْوَالِهِمُ الْمُنْتَفِعُ بِرؤْيَتِهِ وَالْمَغْبُوطُ بِمَحَبَّتِهِ وَصُحْبَتِهِ " [33]

وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ،قَالَ:قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكثر مَالُك وَوَلَدُك،وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَعْظُمَ حِلْمُك،وَأَنْ يَكْثُرَ عَمَلُك،وَأَنْ تُبَارِيَ النَّاسَ فِي عِبَادَةِ اللهِ،فَإِنْ أَحْسَنْت حَمِدْت اللَّهَ،وَإِنْ أَسَأْت اسْتَغْفَرْت اللَّهَ.[34]

وعَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ،أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ:" لَوْلَا ثَلَاثٌ مَا أَحْبَبْتُ أَنْ أَعِيشَ يَوْمًا وَاحِدًا:الظَّمَأُ لِلهِ بِالْهَوَاجِرِ،وَالسُّجُودُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ،وَمُجَالَسَةُ قَوْمٍ يَنْتَقُونَ مِنْ خِيَارِ الْكَلَامِ،كَمَا يُنْتَقَى أَطَائِبُ التَّمْرِ " [35]

وعَنْ مِعْضَدٍ قَالَ:" لَوْلَا ظَمَأُ الْهَوَاجِرِ،وَطُولُ لَيْلِ الشِّتَاءِ،وَلَذَاذَةُ التَّهَجُّدِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،مَا بَالَيْتُ أَنْ أَكُونَ يَعْسُوبَا " [36]

وعَنْ أَبِي رَافِعٍ،قَالَ:وَجَّهَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَيْشًا إِلَى الرُّومِ،وَفِيهِمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r،فَأَسَرَهُ الرُّومُ فَذَهَبُوا بِهِ إِلَى مَلِكِهِمْ،فَقَالُوا:إِنَّ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ،فَقَالَ لَهُ الطَّاغِيَةُ:هَلْ لَكَ أَنْ تَتَنَصَّرَ وَأُشِرِكُكَ فِي مُلْكِي وَسُلْطَانِي ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ:" لَوْ أَعْطَيْتَنِي جَمِيعَ مَا تَمْلِكُ،وَجَمِيعَ مَا مَلَكَتْهُ الْعَرَبُ - وَفِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ:وَجَمِيعَ مَمْلَكَةِ الْعَرَبِ - عَلَى أَنْ أرْجِعَ عَنْ دِينِ مُحَمَّدٍ rطَرْفَةَ عَيْنٍ،مَا فَعَلْتُ "،قَالَ:إِذًا أَقَتُلُكَ،قَالَ:" أَنْتَ وَذَاكَ "،قَالَ:فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ،وَقَالَ لِلرُّمَاةِ:ارْمُوهُ قَرِيبًا مِنْ يَدَيْهِ قَرِيبًا مِنْ رِجْلَيْهِ وَهُوَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ،وَهُوَ يَأْبَى،ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُنْزِلَ،ثُمَّ دَعَا بِقِدْرٍ وَصَبَّ فِيهَا مَاءً حَتَّى احْتَرَقَتْ،ثُمَّ دَعَا بِأَسِيرَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ،فَأَمَرَ بِأَحَدِهِمَا فَأُلْقِيَ فِيهَا وَهُوَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيَّةَ وَهُوَ يَأْبَى،ثُمَّ أَمَرَ بِهِ أَنْ يُلْقَى فِيهَا،فَلَمَّا ذُهِبَ بِهِ بَكَى،فَقِيلَ لَهُ:إِنَّهُ بَكَى فَظَنَّ أَنَّهُ رَجَعَ،فَقَالَ:رُدُّوهُ فَعَرَضَ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيَّةَ فَأَبَى،قَالَ:فَمَا أَبْكَاكَ ؟ قَالَ:" أَبْكَانِي أَنِّي قُلْتُ هي نَفْسٌ وَاحِدَةٌ تُلْقَى هَذِهِ السَّاعَةَ فِي هَذَا الْقِدْرِ فَتَذْهَبُ،فَكُنْتُ أشْتَهِي أَنْ يَكُونَ بِعَدَدِ كُلِّ شَعَرَةٍ فِي جَسَدِي نَفْسٌ تَلْقَى هَذَا فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "،قَالَ لَهُ الطَّاغِيَةُ:هَلْ لَكَ أَنْ تُقَبِّلَ رَأْسِي وَأُخَلِّيَ عَنْكَ ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:" وَعَنْ جَمِيعِ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ ؟ " قَالَ:وَعَنْ جَمِيعِ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ،قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:" فَقُلْتُ فِي نَفْسِي عَدُوٌّ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ أُقَبِّلُ رَأْسَهُ ويُخَلِّي عَنِّي وَعَنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ لَا أُبَالِي قال فَدَنَا مِنْهُ وَقَبَّلَ رَأْسَهُ "،فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْأُسَارَى،فَقَدِمَ بِهِمْ عَلَى عُمَرَ فَأُخْبِرَ عُمَرُ بِخَبَرِهِ،فَقَالَ:حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُقَبِّلَ رَأْسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ،وَأَنَا أَبْدَأُ فَقَامَ عُمَرُ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ "[37]

وعَنِ الْحَسَنِ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: " رَحِمَ اللَّهُ قَوْمًا يَحْسَبُهُمُ النَّاسُ مَرْضَى،وَمَا هُمْ بِمَرْضَى ".قَالَ الْحَسَنُ:" جَهَدَتْهُمُ الْعِبَادَةُ "[38]

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيَّانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ rيَسْأَلَانِهِ،فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللهِ،أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ ؟ قَالَ: " مَنْ طَالَ عُمْرُهُ،وَحَسُنَ عَمَلُهُ ".وَقَالَ الْآخَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ،إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ،فَمُرْنِي بِأَمْرٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قَالَ: " لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "[39]

وعَنْ أَصْبَغَ بْنِ زَيْدٍ،قَالَ:" كَانَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ إِذَا أَمْسَى يَقُولُ:هَذِهِ لَيْلَةُ الرُّكُوعِ فَيَرْكَعُ حَتَّى يُصْبِحَ،وَكَانَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَى:هَذِهِ لَيْلَةُ السُّجُودِ فَيَسْجُدُ حَتَّى يُصْبِحَ،وَكَانَ إِذَا أَمْسَى تَصَدَّقَ بِمَا فِي بَيْتِهِ مِنَ الْفَضْلِ مِنَ الطَّعَامِ وَالثِّيَابِ ثُمَّ يَقُولُ:اللَّهُمَّ مَنْ مَاتَ جُوعًا فَلَا تُؤَاخِذْنِي بِهِ وَمَنْ مَاتَ عُرْيَانًا فَلَا تُؤَاخِذْنِي بِهِ "[40]

وعَنْ قَمِيرٍ،امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ،قَالَتْ:" مَا كَانَ مَسْرُوقٌ يُوجَدُ إِلَّا وَسَاقَاهُ قَدِ انْتَفَخَتَا مِنْ طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ،قَالَتْ:وَاللَّهِ،إِنْ كُنْتُ لِأَجْلِسُ خَلْفَهُ،فَأَبْكِي رَحْمَةً لَهُ "[41]

وعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ،قَالَ:انْتَهَى الزُّهْدُ إِلَى ثَمَانِيَةِ مِنَ التَّابِعِينَ،مِنْهُمْ:عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ،وَأُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ،وَهَرِمُ بْنُ حَيَّانَ،وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ،وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ،وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ،وَمَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ،وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ،رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.فَأَمَّا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ،إِنْ كَانَ لِيُصَلِّي،فَيَتَمَثَّلُ لَهُ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ الْحَيَّةِ،فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَمِيصِهِ حَتَّى يَخْرُجُ مِنْ جَيْبِهِ فَمَ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://ommah.forumegypt.net/forum
همسة
مديره المنتدى
مديره المنتدى
همسة


الأدب مع النفس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب مع النفس    الأدب مع النفس  Emptyالإثنين 14 مارس - 0:33

يسلمو الايادى على الاداب

شكرا اخى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زهرة الجنة
مديره المنتدى
مديره المنتدى
زهرة الجنة


الأدب مع النفس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب مع النفس    الأدب مع النفس  Emptyالإثنين 14 مارس - 1:21

موضوع مهم جدا


شكرا لحضرتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هيما رشدى
عضو ذهبى
عضو ذهبى
هيما رشدى


الأدب مع النفس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب مع النفس    الأدب مع النفس  Emptyالإثنين 14 مارس - 3:31

اشكركم اخوتى بارك الله فيكم وتمنى ان تكونوا قد استفدتم من الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://ommah.forumegypt.net/forum
 
الأدب مع النفس
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» هل نتعلم منهم قلة الأدب أم نعلمهم الأدب؟
» الأدب مع الوالدين
» الأدب مع الأولاد
» الأدب مع الوالدين
» الأدب مع رسول الله –

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شباب وبنات دمياط  :: القسم الاسلامي :: المنتدى الإسلامي العام-
انتقل الى: