تقول أم سلمة رضي الله عنها وكانت من المهاجرين إلى الحبشة: " … ثم أرسل النجاشي يدعونا للقائه، فاجتمعنا قبل الذهاب إليه، وقال بعضهم لبعض: إن الملك سيسألكم عن دينكم فاصدعوا بما تؤمنون به وليتكلم عنكم جعفر بن أبي طالب ولا يتكلم أحد غيره " .
قالت: ثم ذهبنا إلى النجاشي فوجدناه قد دعا بطارقته فجلسوا عن يمينه وشماله وقد لبسوا طيالستهم واعتمروا قلانسهم ونشروا كتبهم بين أيديهم، ووجدنا عنده عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، فلما استقر بنا المجلس التفت إلينا النجاشي وقال: ما هذا الدين الذي استحدثتموه لأنفسكم وفارقتم بسببه دين قومكم، ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أي من هذه الملل؟ فتقدم منه جعفر بن أبي طالب وقال: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف ، وبقينا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وقد أمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم، وحقن الدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا، وأن نقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصوم رمضان، فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من عند الله فحللنا ما أحل لنا، وحرمنا ما حرم علينا.
فما كان من قومنا أيها الملك إلا أن عدوا علينا، فعذبونا أشد العذاب ليفتنونا عن ديننا ويردونا إلى عبادة الأوثان، فلما ظلمونا وقهرونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نُظلم عندك.
صح على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
”من الجاهلية النياحة على الميت” رواه البخاري .
عن المعرور بن سويد قال لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك فقال إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم
"يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم"(مسلم)