لم يترك لي امرا احتار فيه، ولم ينسى ان يدلني الى اين امضي في كل اموري ،صغيرها وكبيرها، وبقليل من الكلمات وعظيم من المعاني ارشدني الى غايتي، بحنان الاب وشفقة الام ومودة الصديق غمرني،و كلما طالعت يسيرا من احاديثه ثم انهيتها وجدتني اخرى، تحلق في عالم من صفاء، روحي حرة وقلبي ينبض كوليد عرف الحياة للتو، وهمومي تتلاشى امام عيني كحلم مزعج انهته يقظتي.
علمني كيف اشرب وبأي كفي آكل ومتى اشبع، علمني كيف ابقى كائنا طاهرا نظيفا على مدار يومي، وانفض ثيابي وفراشي في كل حين خوفا علي من اذى قد يصيبني! وعندما احتار اذا ما صادفت غريبا لا اعرفه، اتذكر انه علمني ان القي السلام على من عرفت ومن لم اعرف. دلني كيف اكون( انسانا) في السلم والحرب مع عدوي وصديقي، ثم اوصاني بأن انشر ما بين يدي من كنوز لينعم بها غيري من محرومين،ممن لا يدرون الى من يتوجهون اذا ما ضاقت عليهم اكوانهم الرحبة. لم يكن سيدا في كلماته وحسب ،بل كان عمره المنير كبدر ليلة التمام دليلا حيا لي اتناول منه ما احتاجه في كل حين .
كم كان يحب اصحابه، وكم كان يحبني انا عندما اخبرني انه سيذكرني بعد زمن، وسيضمني الى صحبه في اجمل مكان اذا ما صنت انا عهده واحييت عمله .أمرني بكل جميل، بالبسمة ،بالكلمة الطيبة، بإبعاد الاذى عن طريقي الذي سيسلكه اناس لا اعرفهم من بعدي، بحب اليتيم واجابة السائل ونصرة المظلوم .علمني كلمات قليلة تنفعني في كل حين، توقظ قلبي اذا ما غفا وتؤنس نفسي اذا ما استوحشت. اوصى من حولي بي واوصاني بهم بدءا من اسمي مرورا بتعليمي وتأديبي، وانتهاء برعايتي وخدمتي اذا ما رددت الى ارذل العمر.