الحمل
بالتوأم فرحة للأم وللأب ولأفراد الأسرة، لكن تلك الفرحة تحتاج، كي تتم
بأبهى حلة، إلى عناية خاصة للأم الحامل ولجنينها طوال مراحل الحمل وخلال
الولادة وما بعدها.
وبالرغم من اختلاف معدلات الحمل بالتوأم بين نساء مختلف مناطق العالم، إلا
أنها قد تقل أو تزيد في مناطق دون أخرى من العالم. وتحديداً لاحظت الدراسات
الطبية الإحصائية، أن معدلات الحمل بالتوأم بين النسوة الأفريقيات أعلى
مما هو لدى النسوة في القارة الآسيوية. ومع هذا فإن ما هو ثابت من
الملاحظات العلمية الإحصائية أن معدلات الحمل بالتوائم في ارتفاع مقارنة مع
ما كان في السابق. وتشير الإحصائيات الحديثة في الولايات المتحدة إلى أن
معدلات الحمل بالتوأم تبلغ حوالي 3% من مجمل حالات الحمل، وهو ما يُمثل
ارتفاعاً بالمقارنة مع إحصائيات ما قبل عام 1975.
مراجعة موضوع الحمل بالتوأم لا تهم فقط من يحصل لها ذلك الحدث السعيد، بل
ثمة جوانب طبية عدة في الأمر تهم النساء عموماً، خاصة في ما يتعلق بأسباب
الحمل بالتوأم وآليات ذلك وكيفية العناية الطبية بالأمر برمته.
* تقدم العمر والهرمونات لماذا يحصل الحمل بالتوأم؟ بخلاف حالات تناول
المرأة لهرمونات تحث على حصول الحمل، ضمن معالجات حالات العقم، يتساءل كثير
من الباحثين حول أسباب تلك الارتفاعات الملحوظة في معدل الحمل بالتوأم أو
أكثر. وأكبر سببين تم التأكد منهما حتى اليوم هما تقدم عمر المرأة اثناء
الحمل والوراثة.
وتشير المصادر الطبية إلى أن تأخير المرأة لحملها إلى ما بعد سن الثلاثين،
تصحبه تغيرات في وتيرة إنتاج جسمها للهرمونات الأنثوية، ما قد يُؤدي إلى
إنتاج المبيض لأكثر من بويضة ناضجة وجاهزة للتلقيح في قنوات الرحم.
كما أن تقدم المرأة في العمر، وتدني فرص حملها بالأصل، يدفع نحو طلب
المعالجة الطبية المتضمنة تناول هرمونات تحث على ضمان إنتاج أكثر من بويضة
جاهزة للتلقيح. وهذا ما يرفع من معدلات الحمل بأكثر من جنين بين أولئك
النسوة. وكذلك الحال مع التلقيح الصناعي خارج الرحم، الذي يتضمن تلقيح أكثر
من بويضة وزراعتها في الرحم على أمل أن تنجح إحداها في الالتصاق بجدار
الرحم وتكوين الجنين.
* دور التغذية والبيئة وكانت دراسات طبية أخرى قد أضافت عاملا آخر هو نوعية
مكونات الغذاء في ارتفاع احتمالات الحمل بالتوأم. وفيها لاحظ الباحثون من
أوروبا والولايات المتحدة أن تناول اللحوم ومشتقات الألبان يرفع من
احتمالات الحمل بالتوأم لدى مقارنة ذلك بتغذية النسوة النباتيات.
وهناك منْ يطرح دور التلوث البيئي في حصول اضطرابات هرمونية لدى المرأة، ما
يُسهل تكوين أكثر من بويضة ناضجة، وبالتالي تلقيحها وحصول تعدد للأجنة في
الحمل الواحد.
ويُعلل بعض الباحثين ارتفاع معدلات الحمل بالتوأم بين الأفريقيات مقارنة
بالآسيويات، بأنه نتيجة للارتفاع النسبي في معدلات الهرمون الشبيه
بالأنسولين لدى الأفريقيات. وأهمية هذا الهرمون في جانبين. الأول أن جينات
إنتاج هذا الهرمون تقع ملاصقة للجينات المتحكمة بالدور الوراثي في الحمل
بالتوأم. والثاني أن ارتفاع نسبة هذا الهرمون في جسم المرأة مرتبط بارتفاع
تناول الأطعمة الحيوانية، من اللحوم ومشتقات الألبان. ولذا تعود الدائرة
للتشابك فيما بين دور كل من الوراثة والبيئة والتغذية في رفع احتمالات
الحمل بالتوأم.
* تشخيص الحمل بالتوأم ربما تشعر المرأة بأنها حامل بالتوأم، خاصة حينما
يكون أول حمل لها، نظراً لاعتقادها أن الزيادة في حجم الرحم وانتفاخ البطن،
شيء واضح بأنه غير طبيعي. لكن غالباً ما تثبت الفحوصات خطا ذلك. كما أن
ثمة حالات صحية تصحبها إما زيادة حجم الجنين، كمرض سكري الحمل، أو زيادة في
حجم السائل الأميوني. وكلاهما قد يُعطيان إحساساً خاطئاً للأم بأنها حامل
بالتوأم. ولذا لا يُمكن الاعتماد على مقدار حجم الرحم في توقع الحمل
بالتوأم.
والوسيلة الأدق في تشخيص الحمل هي بفحص الأشعة فوق الصوتية للرحم. وربما يُمكن الاعتماد على وجود رصد نبضين مختلفين لقلب الجنينين.
* آليات حصول الحمل بالتوأم وحينما يتم تلقيح البويضة بالحيوان المنوي في
قناة فالوب بالرحم، فإن البويضة المُلقحة تنزل إلى الرحم، كي تلتصق بجداره
لينمو الجنين. وفي هذه الرحلة يتكون التوأم عادة، إما بتلقيح حيوانين
منويين مختلفين لبويضتين مختلفتين، كما هو في الغالب، ويتكون بالتالي منهما
جنينين منفصلين وغير متشابهين. ويحمل كل من هذين الجنينين صفات وراثية
مختلفة عن بعضهما البعض وفصيلة دم إما مختلفة أو متطابقة. ويُسمى توأم أخوي
غير متطابق Fraternal twins. ولذا قد يكونان ولدين أو بنتين أو ولدا
وبنتا. أما حينما يتم تلقيح حيوان منوي واحد لبويضة واحدة، وانقسامها
لاحقاً إلي بويضتين ملقحتين، فإن كل بويضة تأخذ مساراً طبيعياً للنمو
وبالتالي تكوين جنينين مستقلين، لكنهما متشابهان ومتطابقان Identical twins
، ويحملان نفس الصفات الوراثية وفصيلة الدم. ولذا سيكونان إما ولدين أو
بنتين. وبعد التصاق كل جنين من التوأم على جدار الرحم والبدء في النمو،
فإنهما، في حال التوأم المتشابه، يشتركان في تلقيهما للغذاء من الأم عبر
مشيمة placenta واحدة لكن يُغلف كل واحد منهما ويحميه كيس أميوني amniotic
sac مستقل. أي أن كل جنين يسبح وينمو في غرفة منفصلة عن الآخر. أما التوأم
غير المتشابه، أي الناتج عن بويضتين مختلفتين وحيوانين منويين مختلفين،
فإنهما لا يشتركان في تلقي الغذاء من الأم عبر مشيمة واحدة، بل لكل واحد
منهما مشيمة مستقلة ملتصقة على جدار الرحم، وفي منطقتين مختلفتين منه. ولذا
سيكون لكل واحد منهما كيس أميوني مستقل يسبح وينمو داخل السائل الشفاف فيه
<
* الاهتمام الطبي بحمل التوأم
* لدرء المضاعفات نظراً لارتفاع احتمالات حصول المضاعفات الصحية، على الأم
وعلى الجنين وعلى عملية الولادة وعلى الحالة الصحية للأم والمواليد بعد
الولادة، فإن أفضل ما يُمكن عمله هو الاهتمام بشكل سليم ومتعاقب بحمل
التوأم. وخلال فترة الحمل يُتوقع حصول المضاعفات التالية:
· كثرة الآثار الجانبية للحمل. عند الحمل بأكثر من جنين، فإن احتمالات
معاناة الأم من تلك التغيرات والآثار الجانبية الطبيعية للحمل، تزداد
وتكثر، مثل الغثيان والقيء وحرقة المعدة وقلة النوم والشعور بالإجهاد
والتعب. كما ترتفع احتمالات الشكوى من ألم البطن وأسفل الظهر وضيق التنفس
والشعور بالضغط على عظم الحوض.
· تكرار التردد على طبيب الحمل. وتتطلب حالة الحمل بالتوأم تكرار زيارة
الطبيب المهتم بصحة الحامل وجنينها. وذلك لمتابعة نمو الجنين ومستوى حالته
الصحية. وكذلك لمتابعة الأم والأعراض التي قد تشكو منها. إضافة إلى كل هذا،
مراقبة ورصد أي علامات على حصول ولادة مبكرة. ولذا يتكرر الفحص الطبي
وإجراء فحص الأشعة فوق صوتية للرحم وغيرها من التحاليل الطبية للدم والبول.
وقد يرى بعض الأطباء ضرورة المتابعة مرة في كل أسبوعين، وخاصة خلال الثلث
الثاني من الحمل، وكل أسبوع خلال الثلث الثالث من الحمل.
· التأكيد على تناول عناصر غذائية معينة، وخاصة عناصر حيوية ولازمة لنمو
الجنين وسلامة صحة الأم. مثل فيتامين الفوليت والكالسيوم والحديد
والبروتينات وغيرها من العناصر الغذائية الهامة. ولذا قد تتطلب العناية
تناول حبوب الحديد وأنواع من الفيتامينات بصفة يومية.
· الحصول على زيادة أكبر في وزن الجسم. ومن المعلوم أهمية أن يزيد وزن جسم
الأم خلال مراحل الحمل بطريقة سليمة وكافية، ومتابعة الطبيب لذلك. ولدى
حصول حمل بالتوأم فإن المتوقع زيادة ما بين 16 إلى 18 كيلوغرامات في وزن
جسم الأم. وقد يتصور البعض أنها كمية كبيرة وتتطلب تناول الكثير من السعرات
الحرارية (كالورى)، إلا أنه يُمكن تحقيقها بزيادة طاقة وجبات الغذاء
اليومي حوالي 300 سعر حراري تقريباً.
· الحذر في الحركة. ويطلب الطبيب عادة من الأم الحامل بالتوأم أخذ جانب
الحيطة عند الحركة، لمنع احتمالات السقوط أو الإجهاد. كما قد يطلب تقليل
السفر وبالطائرة بالذات.
* المخاض والولادة المبكرين اهم المضاعفات المحتملة للحمل بالتوأم في كل
يوم تلد بسلام كثير من النسوة الحوامل بالتوأم، وغالباً لا تحصل أي مشاكل
خلال فترتي الحمل والولادة، إلا أن من المهم عدم ترك الأمور بلا اهتمام
نظراً لمجموعة من المضاعفات المحتملة الحصول أثناء ذلك النوع من الحمل،
والتي من الضروري العلم بها. وتشمل تلك الأمور:
· المخاض المبكر. معدل ما يستغرقه الحمل الطبيعي هو ما بين 38 و 42 أسبوع.
أي من حين أخر دورة شهرية مرت بها الأم. أما بالنسبة للحمل بالتوأم فإن
الإحصائيات الطبية تشير إلى أن المعدل هو أقل من ذلك. وتحديداً ما بين 37 و
39 أسبوعاً. وبالتعريف الطبي، يُعتبر المخاض مبكراً حينما يبدأ عنق الرحم
بالتوسع والفتح قبل الأسبوع 37 للحمل. ويُمكن للأطباء وقف انقباضات الرحم
بالأدوية. وبالرغم من عدم ثبوت جدوى الاستلقاء على السرير في خفض احتمالات
حصول المخاض المبكر، إلا أن الأطباء لا يزالون ينصحون به كوسيلة احتياطية
لمنع حصول المخاض المبكرة.
الولادة المبكرة. ومعلوم أن ثمة فرق بين مخاض مبكر وولادة مبكرة. ولذا لو
لم يُمكن وقف بدء المخاض المبكر، فإن من المحتمل حصول ولادة مبكرة للجنين.
وهذا هو أكثر ما يخشى حصوله الأطباء في حال الحمل بالتوأم. والإشكالية في
الولادة المبكرة للجنين وخروجه إلى الدنيا هو في احتمال عدم اكتمال استعداد
رئة الجنين للتنفس بشكل طبيعي. وبالإضافة إلى صعوبات محتملة في تنفس الطفل
المولود، فإن ثمة احتمال أن يكون وزن الطفل قليل أو تعتريه متاعب مؤقتة في
عمل جهازه الهضمي. ومن النادر أن تتم ولادة أحد التوأم، وتتأخر لبعض الوقت
ولادة الجنين الأخر، لكن هذا قد يحصل.
· ارتفاع ضغط الدم. وتشير المصادر الطبية إلى أن احتمالات إصابة الأم
بارتفاع ضغط الدم الحملي أعلى حال الحمل بالتوأم. وهو ما يُؤدي إلى رصد
قراءات مرتفعة لقياس ضغط الم وإلى حصول زيادة في تسريب البروتينات مع البول
عبر الكلى. وتحتاج الحالة إلى متابعة طبية وعناية.
· سكري الحمل. وكذلك ترتفع احتمالات الإصابة بمرض سكري الحمل. وهو وإن كان
في الغالب حالة مؤقتة من اضطرابات نسبة سكر الدم، ما يتطلب أخذ جرعات يومية
من الأنسولين، إلا أن له تأثيرات محتملة على الجنين ونموه ووظائف أعضائه،
كما أنه قد لا يزول بعد الولادة.
· الولادة بالطريقة القيصرية. وعادة ما تتم الولادة بطريقة طبيعية عبر
المهبل. إلا أن الغالب، وفي الآونة الأخيرة، لجوء الأطباء إلى توليد الأم
الحامل بالتوأم بطريقة الولادة القيصرية. وتُعتبر هذه العملية آمنة ويسيرة
الإجراء ولا تحمل نسبة عالية من المضاعفات على كل من الأم والأجنة.