السلام عليكم
يقسّم العلماء حرمة المؤمن إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: دم المؤمن، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم}.. القسم الثاني: عرض المؤمن.. والقسم الثالث: مال المؤمن.. فإذن إن الإنسان إذا أسلم حُقن دمه، وعرضه، وماله.. قيل : (يُحشر العبد يوم القيامة وما ندا دماً، فيُدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك فيُقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا ربّ!.. إنك لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دماً، فيقول: بلى، سمعتَ من فلان رواية كذا وكذا فرويتها عليه، فنُقلت حتى صارت إلى فلان الجبّار فقتله عليها، وهذا سهمك من دمه).
ولكن الابتلاء الغالب في القسم الثاني والثالث، أي عرض المؤمن وماله.. وهناك بعض الناس أيضاً يتورع بالنسبة إلى مال المؤمن، الذي هو في الدرجة الثالثة، حيث أن نفسه لا تسيغ له أن يتجاوز على مال أحد - هكذا بعض الناس -.. ولكن المشكلة عندما يصل إلى عرض المؤمن، فتراه يستسهل هتك الحرمات.
إن المؤمن له عرض: فالعرض يكون تارة زوجته، وتارة أخرى يكون إما سمعته، أو كرامته.. فمن العقبات الكبرى لغالب المؤ! منين - أي خواص المؤمنين - الوقوف عند موقف هتك الأعراض بغيبة، أو بنميمة، أو بانتقاص.. وهذه الأيام أساليب التحاليل كثيرة، فالإنسان بعنوان تحليل سياسي، أو فكري، أو ثقافي، أو إعلامي.. تراه يكشف عيباً مستوراً، وعندما يقال له: يا فلان!.. أليس هذا عيبا ستره الله؟.. يقول: أنا لا أقول إلا الواقع.. فنقول له: يا مؤمن!.. إذا ذكرت الواقع فأنت مغتاب، وإذا لم تذكر الواقع فأنت باهت.. والبهتان أعظم من الغيبة: فالغيبة صدق، والبهتان كذب.
فليحاول الإنسان أن لا يتورط في يوم من الأيام بكسر قلب مؤمن، (من كسر مؤمناً فعليه جبره)، ماذا يعني عليه جبره؟.. أي أنت كسرت هذا العظم، فعليك أن تركب هذا العظم في موضعه، ولا تتخلص من التبعة إلا عندما يلتئم هذا الجرح، وهذا العظم المنكسر.. وإن ذهابك إلى الحج، والعمرة، وإلى المشاهد المشرفة، وقيام الليل، بل جهادك في سبيل الله، لا يعوض هذا الكسر!..
لماذا يورط الإنسان نفسه في دائرة الشبهات، فأنت لا تعلم أن هذا المؤمن هل تجوز غيبته أم لا تجوز؟.. إذا كنت تمشي في طريق سالك وطريق من الممكن أن يكون ملغماً، هل رأيت عاقلاً يُقدم الطريق السالك، ولو كانت نسبة! التلغيم واحد بالمئة؟!.. وعلينا أن نحتاط هكذا في حياتنا اليومية، فعندما يصل الأمر إلى عرض المؤمنين وحرماتهم، لماذا لا نُجري قاعدة الاحتياط؟.. لكي نذهب من هذه الدنيا وليس علينا تبعة من التبعات.. قال العلماء: إن الشهيد عندما تسقط دماؤه الزكية على الأرض تُغفر ذنوبه.. ولكن بالنسبة إلى حقوق الخلق، فلا بد وأن يقف موقفاً ليُسأل عنها.. إلا أن يتغمده الله برحمة منه، ويُرضي عنه العباد.. وإلا، فإن على الشهيد أن يتحمل تبعات عمله في الدنيا.
نسألـكم الدعاء