تقدم خلال الــ 8 أيام الماضية - منذ فتح باب الترشح فى انتخابات الرئاسة المصرية - وحتي الان، نحو 900 شخص، لاستلام ملف الاوراق المطلوبة للترشح.
وكان الملاحظ فى أغلب المتقدمين لاستلام أوراق الترشح، هو انهم مجهولين بالنسبة للمصريين، غير عاملين بالسياسية، بسطاء، ربما تقدموا للشهرة، وقد يكون لدي أغلبهم رؤية لإصلاح وحل مشاكل المصريين، لكن دون قدرة على تنفيذ ما يريدون.
ولكن.. وبعيدا عن مجهولية وبساطة المتقدمين لاستلام أوراق الترشح للرئاسة، هل يعلمون حقا من هي مصر التي يريدون أن يشغلون أهم منصب بها؟، هل يعلم الـ 900 شخص الراغبون فى أن يصبحوا رئيس مصر القادم، ما هم مقبلون عليه؟.
تاريخيا
هل يعلم المتقدمون للرئاسة أن عدد كبير من العلماء قد اجزموا بأن مصر هي الدولة الأقدم على مستوي العالم؟، فطبقا لتعريف الدول، الذي يتضمن وجود أرض وسكان ونظام سياسي واضح، فأن مصر تعد أقدم دولة فى العالم.
مصر شاركت فى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية فى عام 1963، كما انضمت مصر إلى عصبة الأمم المتحدة - الذي إلغي بعد الحرب العالمية الثانية ليحل بدلا منه الأمم المتحدة - فى عام 1937، وأسست مصر جامعة الدول العربية فى عام 1945، فى اجتماع عقد بالقاهرة.
السياسة الخارجية
سيواجه الرئيس القادم ملف سياسي متخم، بسبب موقع مصر ومكانتها، فعلي مستوي السياسية الخارجية، مصر تمتلك نحو 170 سفارة بدول العالم المختلفة، مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية - القطب العالمي الأوحد - يمتلك 90 سفارة فحسب!.
وعلاقات مصر بالعالم الخارجي لا تقتصر على سفاراتها فحسب، وإنما لدي مصر نحو 7 مليون مصري بالخارج، كما تتواجد عدد من الشركات المصرية بكثير من دول العالم، كشركة المقاولون العرب واوراسكوم للانشاء والصناعة وغيرهم.
مصر تشارك بشكل فعال فى القضية الفلسطينية وتعتبر أحدي أهم اللاعبين الأساسين فى العلاقة بين السلطة الفلطسينية وحركة حماس من ناحية، وبين اسرائيل من ناحية أخري، وكانت آخر هذه أشكال هذه المشاركة، دور مصر فى صفقة الافراج عن الجندي الاسرائيلي شاليط، مقابل نحو 1000 فلسطيني.
وتواجه مصر خلال الفترة المقبلة، عدد من المخاطر الحدودية، مع وجود نزعة انفصالية لأقليم برقة الليبي على حدودها الغربية، إضافة إلى انفصال جنوب السودان عن شماله، واستقلال الأولي وعلاقتها مع اسرائيل.
بينما على الحدود الشرقية، تبرز مشكلة قطاع غزة والاتهامات الاسرائيلية حول خروقات أمنية متكررة من سيناء، إضافة إلى الأزمة السوري مع دخول ثورة السوريين عامهل الأول.
اقتصاديا ( حقائق وصعوبات)
مصر تحتل المرتبة الثانية بعد السعودية، كأقوي قوة اقتصادية عربيا، كما انها الاولي فى الشرق الأوسط، فى الاقتصاديات الغير معتمدة على البترول، واكبر ثاني اقتصاد فى قارة افريقيا بعد دولة جنوب افريقيا.
وحصلت مصر على المركز الثاني - بعد دولة جنوب افريقيا وقبل نيجريا - فى قائمة أكبر الدول الأفريقية من حيث الناتج القومي.
ومن اهم مصادر الايرادات المصرية، الصادرات للخارج، ودخل قناة السويس، ثم تحويلات المصريين بالخارج، والتي وصلت إلى نحو 9 مليارات دولار، ثم السياحة، والتي تعرضت لخسارة بلغت نحو 30% خلال عام 2011 عقب ثورة يناير.
بينما تشغل المراتب الأولي للمصروفات الحكومية المصرية، بند الدعم، حيث يتم دعم المنتجات البترولية بنحو 93 مليار جنيه - ثم بند المرتبات بما يتجاوز الــ 40 مليار جنيه، يليه خدمة الدين العام، والذي يتجاوز - طبقا لعدد من الخبراء - ثلث الايرادات.
وتعرض الاقتصاد المصري عقب الثورة لعدد كبير من المصاعب، مع انهيار السياحة وخسارتها نحو 30% فى عام 2011، مقارنة بعام 2010، إضافة إلى
هبوط الاحتياطي النقدي الاجنبي من 36 مليار دولار فى ديسمبر 2010، إلى 15 مليار دولار فى فبراير 2011، وهو ما تسبب فى عجز بالموازنة العامة للدولة متوقع أن يصل إلى 150 مليار جنيه.
داخليا
الملف الداخلي لرئيس الجمهورية القادم، سيكون الأهم والأصعب مقارنة بالملفات الأخري، مع وجود عدد كبير من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية على الطاولة.
جميع المصريين لديهم مشاكل، سواء فئوية أو تتعلق بمشاكل الحياة اليومية من أسعار وبنزين وبوتاجاز وبطالة، أو مشكلات جماعية فى سيناء والنوبة وغيرها.
فسياسيا، الرئيس القادم ملزم بمواجهة عدد كبير من الأزمات السياسية على الساحة، على رأسها ملفات أعضاء النظام السابق، وهيكلة وزارة الداخلية، إضافة إلى مشكلات اهالي سيناء والنوبة وغيرها.
وأمنيا، يواجه الرئيس القادم ملف الانفلات الامني الواضح عقب قيام ثورة 25 يناير، مع تواصل حوادث السرق بالاكراه وقطع الطرق وغيرها، إضافة إلى ملف وزارة الداخلية وعلاقتها المتوترة بعدد من ائتلافات الثورة.
الملف الاقتصادي كذلك من أصعب الملفات التي يجب على الرئيس، بالإضافة إلى مجموعته الوزارية الاقتصادية، مواجهته، مع وصول عدد العاطلين فى مصر إلى نحو 4 مليون مصري - طبقا للأرقام الحكومية - إضافة إلى ملف المطالب الفئوية لعدد كبير من المصريين، والوضع الاقتصادي المتردي بشكل عام.
وفى النهاية نتساءل، هل كان الــ 900 مرشح للرئاسة يعلمون هذه الحقائق المختصرة عن الوضع فى مصر؟، وهل بعد معرفتهم بها لا يزالون يريدون التقدم لسحب ملفات الترشح لرئاسة الجمهورية؟.