تجعل امية حمدان القيسي في كتابها الجديد "الخيط الفضي" من العالم الخارجي كله
عالما باطنيا ينتمي الى اعماق النفس وتحول الباطني والظاهري الى كتابة وجدانية
شعرية مؤثرة.
وتنتمي كتابة امية حمدان القيسي الى تراث فكري صوفي يحتوي العالم بل الكون كله
في داخل النفس الانسانية وتنتشر هذه النفس على مدى هذا العالم وهذا الكون. وفي
المحصلة يستمر هذا التداخل بين الاثنين ليظهرا وكأنهما حال واحدة.
ورد الكتاب في 158 صفحة متوسطة القطع وبورق صقيل ولوحة غلاف ورسوم داخلية لزوج
الكاتبة الفنان التشكيلي والناقد التشكيلي عمران القيسي. وصدر عن دار نلسن في بيروت
والسويد. اما الاهداء فجاء كما يلي: "الى الاخر.. الذي يحمل السر في النقيض.. الى
عمران".
في المقدمة التي كتبها عمران القيسي قراءة عميقة للكتاب واجوائه. يتحدث عن هذا
البحث الدائم عن عالم منشود وشبه مستعص فيقول في كتابة تصويرية وجدانية "البحث عن
مدينة "اين" مهتديا بخيط فضي ولمدينة اين سياج من الفوارز واعمدة من علامات
الاستفهام نوافذها عيون لان ابوابها رجع صدى لاسئلة ازلية ما برح الانسان الباحث عن
جواب يبذرها كي تنبت في هذا اليابس علها تزهر ذات يوم.. اجوبة اكيدة عن معنى حضورنا
الارضي."
اضاف ان امية حمدان تكتب "ما لم يكتبه قلم حين ترى العالم قائما على حضور ثنائي
متصادم ومتكامل لانه يريد ان يكوّن بالطاقة الناتجة صورة عن المصير. غير ان هذا
السكون الصاخب في مدينة اين كيف تستطيع ان نتعايش معه نحن الذين امنا بكل ما نملك
من وحدانية بسطوة هذه الثنائية.
"كتاب امية حمدان يدهشني بنصوصه التي تتمسك بأبجدية البحث عن لغة متكاملة تكوّن
منها سفرا لا يروي بل يكشف. انه يدهشني ليس لانني الاقرب لكاتبة النص بل لانني صرت
الابعد في رحلة بحثها عن هذا التحقق الوجودي."
لم تضع امية حمدان القيسي لوجدانياتها عناوين بل تواريخ تبدأ عام 2006 وتنتهي في
عام 2010.
في الوجدانية الاولى او القصيدة الاولى تقول الكاتبة في ما يبدو مخاطبة للذات
"حضورك في الذاكرة كحضور الهزيع قبيل الفجر. بانتظار من انت.. وبانتظار ماذا.. هل
تخفين السر ام انك تدعين اخفاءه عبر ابتسامة محيرة هي ترجيع صدى للمقولة التي زرعت
وتزرع العبثية في غاية الوجود..
"ان انت الا تلك الخفية التي ما ان تفصل حتى توحد بين الوجود واللاوجود وبين
المكان واللامكان وبين الكلي والجزئي. في الربع الاخير من الليل وقبل بزوغ الفجر
يكمن السر في النغم واليقظة في الصمت. غلقي النوافذ والابواب ايتها الذاكرة فالوقت
لم يحن بعد للكشف فمصباحي غير جاهز."
يتبع