هـو ذلك الأحمــق النافـع ؟؟..؟؟؟؟؟
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد )
يقال : هو ذلك الأحمق الذي يخوض حرباً غير حربه ويموت عن الآخرين .. فيتجرأ ويقدم لساحة الوغى وهو يظن ببلادة أنه في موقع التشريف والبسالة .. ولكن في ظن الآخرين هو ذلك الأحمق الذي عادة يستغل ويستخدم لإزالة الألغام بأشلائه حتى تكون الطرق ممهدة وسالكة للآخرين دون أخطار .. وفي النهاية يموت غباءً ويحمل فوق صدره أوسمة العمالة والخيانة والغباوة .. وهو أصغر كثيراً من مخططات الكبار أصحاب المكايد .. الكبار يوجدون الحروب بدهاء شديد .. ثم يتسوقون في أسلحة الفتك والدمار .. وهناك من يقع في المكيدة بسهولة ثم يجد نفسه يخوض حرباً لا معنى لها من الأساس .. ثم يقدم الأنفس البريئة الطاهرة والمقدرات وكل ما يملك في سبيل حرب مصطنعة .. ثم ينفق كل مقدراته المالية في شراء الأسلحة ويكدسها .. والأعجب أن البائع لتلك الأسلحة هو العدو المفترض محاربته .. ثم في النهاية الأغلبية من أفراد الأمة هي التي تعاني في كل المجالات .. أما أصحاب المكر فإن مصانعها العسكرية دائرة واقتصادياتها مقاومة للجفاف بالقدر المتاح .. حيث تضع أقدامها في رقاب الحمقى من العالم الضعيف .. لتتسلق على حسابها في مقاومة البطالة في بلادها .. بينما أن معظم بلاد الأمة تعاني من البطالة المستفحلة والجوع والمرض .. وهي تنفق كل حيلتها ومقدراتها في الحروب المصطنعة .
قيل لنا أن هناك عدواً جديداً يتواجد اليوم في الساحة .. وهو عدو غير ذلك العدو التقليدي المعروف للأمة الإسلامية والعربية .. والأمة ليست في حاجة إلى المزيد من الأعداء .. فهي لها عدو يغطي الساحة ويفيض .. وهو ذلك العدو القوي مقدرةً ومكراً ودهاءً .. وفي نفس الوقت هو ذلك الطفل المدلل الذي لا يعيش إلا في كنف الحماية المطلقة .. وهو عدو يستطيع أن يطمس أصابعه في أعين الكثيرين متى ما شاء وكيفما شاء .. ومع ذلك فهو في نظر دول المكر والكبار ( مقدس ) بقدسية تمنع أن يكون أسمه ضمن مسميات أعداء الأمة .. ولأنه مرضي عنه عالمياً في كل الأحوال .. ولكن يجب أن تهتم الأمة بعدو جديد آخر مصطنع .. ويجب أن تتحد الأمة في محاربة ذلك العدو الجديد الذي تم تعيينه لها من قبل الكبار .. والأمة في امتثالها للأمر تتشابه مع ذلك المعتوه الذي يسأل عن من سيضربه من الخلف فيشار لها بفلان ثم بغباء شديد يجعل من فلان عدواً مسلماً به .. حتى ولو كان ذلك الفلان هو في نفس الخندق معها .. ويتفق مع الأمة في محاربة نفس العدو الشرس الذي لا يرحم .. فهنا القاعدة تكون صحيحة بأن فينا ذلك الأحمق الذي هو أحمق في كل الأحوال .. أحمق في الحق .. وأحمق في اتخاذ القرارات .. وأحمق في مضره ذاته ومضره الأمة .. وأحمق في نفع الأعداء .. والسبب الوحيد في ذلك العدو المصطنع هو أنه عدو للكبار من أعداء الأمة .. وقد رفع عصا العصيان عليهم .. ومع ذلك لا يريد أهل الشأن أن يتكفلوا بأنفسهم محاربة عدو يرونه كذلك .. ولكنهم يفضلون أن يحارب عنهم الآخرون .. والآخرون هنا هم الحمقى الذين نتكلم عنهم .. وهنا السخرية بأن تكون الإملاءات من الآخرين .. وبأن الأمة يجب أن تقبل بعداوة مفبركة حسب رغبة الأعداء الحقيقيون .. ذلك العدو المصطنع جرمه الوحيد أنه يرفض الإذعان لشريعة الكبار .. حتى ولو كانت شريعتهم ظلماً وإجحافاً .. ولأنه ينادى بحق هو محق فيه بأدلة وبراهين دولية .. ذلك الحق ( المتاح الممنوع ) .. فهو ممنوع لأهل حق يجوز لهم شرعاَ .. ومتاح لأهل شر ما كان يجب لهم إطلاقا .. ومع ذلك فإن المعيار هنا ليس بمنطق العدالة إنما بمنطق القوة المطلقة ثم بمنطق استغلال حمقى العالم وأصحاب العقول الجوفاء الخالية .. وتسخيرهم في محاربة عدو أوجدوه ونصبوه قسراً للأمة .. ومن سخريات الأقدار في هذا العصر الذي نعيش فيه أن الآخرين هم الذين يختارون للأمة من هو الصديق ومن هو العدو .. وما على الحمقى إلا إتباع الإرشادات ثم التوجه حيث أشارت أصابع الأعداء .. وبعد ذلك من مضحكات الأمور أيضاً أن نجد هؤلاء الحمقى فيهم من يزرف دموع التماسيح بأنه هو الحامي الوحيد لهذه الأمة .. وهزلت المسميات وهزلت المقامات وهزلت الشعارات الجوفاء .. وهزلت هامات ترتفع في الهواء وهي في حقيقتها نفحات كاذبة لأقزام لا تستحق أن يذكر اسمها في تاريخ الأمجاد . والأمجاد بأهلها شأناً ورفعة وعقلاَ وحنكةً واستقلالاً في الرأي والقرار . وليست انقياداً وانكسارا وخضوعاً وانبطاحاً . وذلك العدو المصطنع إذا كان لا بد يكون كذلك فيجب أن يكون القرار صادراً من أنفس تملك قرارها في يدها وترى مواضع العداوة بنفسها .. ثم تعلنها برجولة وقبل أن يأتي الآخرون ليشيروا لها بأن تتخذ فلاناً خليلاً أو أن تتخذ فلاناً عدواً .. وذلك أشرف لها مليون مرة من أن تكون مأمورة حتى في اختيار أعدائها وأصدقائها .. وهذا فعلاً هو عصر المهازل .. وعصر القامات المخزية .
