صبح الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك قريبا على ما يبدو من الانتقال
للمستشفى التابع لسجن طرة، بعد أن أقر مجلس الشعب في جلسته التي عقدت
الاثنين تقريرا أعدته لجنة الشؤون الصحية بالمجلس يفيد بأن ذلك المستشفى
يصلح لاستقبال مبارك الذي دخلت محاكمته بتهم الفساد وقتل المتظاهرين
مراحلها الأخيرة.
وكان مبارك ظل طيلة الفترة الماضية بمنأى عن السجون أو حتى المستشفيات
التابعة لها، رغم قرار النائب العام بحبسه على ذمة التحقيق في 12
أبريل/نيسان الماضي بعد شهرين من اضطراره للتنحي تحت وطأة الثورة الشعبية
التي انطلقت في 25 يناير/كانون الثاني من العام الماضي.
ومنذ قرار حبسه أودع مبارك في المستشفى الدولي بمنتجع شرم الشيخ الذي
كان قد انتقل إليه بعد تنحيه عن السلطة، لكن النائب العام سرعان ما قرر بعد
أيام نقله إلى المركز الطبي العالمي، وهو مستشفى فخم تابع للجيش المصري،
علما بأن السلطات المختصة عزت إيداعه بالمستشفى وليس السجن إلى تدهور حالته
الصحية.
ولم يتغير الحال بعد إحالة مبارك إلى محكمة الجنايات في 24 مايو/أيار
الماضي، حيث ظل مقيما في المركز الطبي العالمي، رغم المطالبات التي لم
تنقطع بنقله إلى سجن طرة كبقية المسجونين أو حتى نقله إلى مستشفى السجن إذا
كانت حالته الصحية تستدعي ذلك.
حجج التمييز
لكن السلطات ظلت تتحجج بأن الحالة الصحية لمبارك تارة أو حالة مستشفى السجن
أو كلتيهما لا تسمحان بنقله من المركز الطبي العالمي الذي يراه الكثيرون
أشبه بفندق شديد الرقي، وبالتالي فإن بقاء مبارك فيه ينطوي على نوع من
التمييز لصالح رئيس سابق ثار الشعب عليه حتى اضطره لمغادرة السلطة.
وعبر كثير من المصريين عن غضبهم إزاء ما يكلفه نقل مبارك من المركز
الطبي لجلسات المحاكمة بالطائرة، فضلا عن إصراره على دخول قاعة المحكمة وهو
ممدد على محفة طبية، وهو ما رآه اللواء متقاعد ياسين سند أمرا لا يليق
بالرجل أو بتاريخه العسكري، وقال للجزيرة نت إنه جاء غالبا بناء على نصيحة
من محاميه فريد الديب.
ورغم أن مطلب نقل مبارك إلى مستشفى السجن ظل مطروحا في العديد من
التظاهرات والاعتصامات والفعاليات في الأشهر الماضية، ظل بعيدا عن التحقيق،
قبل أن يبدو الأمر في طريقه للتغيير على يد مجلس الشعب الذي انتخبه
المصريون مؤخرا وعقدوا عليه الكثير من آمالهم.
وقامت لجنة الصحة بالمجلس بإيفاد وفد إلى سجني ليمان طرة ومزرعة طرة،
حيث عاينت المستشفيات الملحقة بهما، وعادت لتصدر تقريرا تبناه المجلس وكان
له صدى كبير، حيث أكد أن مستشفى ليمان طرة على مستوى متميز يسمح باستقبال
أي حالة مرضية. كما لاحظ التقرير وجود تباطؤ غير مبرر في تجهيز المستشفى
الخاص بسجن مزرعة طرة فضلا عن شبهات فساد في عملية التجهيز.
العديد من نواب مجلس الشعب تباروا في الجلسة في التأكيد على ضرورة
معاملة مبارك مثل غيره من المساجين وبالتالي وجوب نقله إلى مستشفى السجن،
ومنهم محمد البلتاجي النائب عن حزب الحرية والعدالة صاحب الأكثرية
البرلمانية والمنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، الذي ترحم على من قال إنهم
سجناء ماتوا في عهد مبارك بسبب افتقادهم أبسط صور الرعاية الصحية.
خلال أيام
من جانبه، توقع رئيس لجنة الصحة أكرم الشاعر أن ينقل مبارك إلى مستشفى سجن
طرة خلال أيام، لافتا إلى أن اللجنة وجدت أن المستشفى مجهز تماما ولا يحتاج
إلا إلى جهاز للتنفس الصناعي وآخر لقياس الغازات بالدم، وهو ما يمكن
توفيره خلال يومين.
لكن نقيب المحامين سامح عاشور قال للجزيرة نت إنه يتوقع أن يستمر الأمر
أكثر من ذلك، علما بأن رئيس مجلس الشعب قال إن المجلس أبلغ النائب العام
بصلاحية المستشفى لاستقبال مبارك ويبقى أن يقوم النائب العام بعرض الأمر
على القاضي الذي يتولى محاكمة مبارك في الجلسة المقررة غدا الأربعاء.
من جهة أخرى قال عاشور للجزيرة نت إنه يتوقع صدور الحكم على مبارك
ونجليه ورموز حكمه خلال شهر من الآن، علما بأن المحكمة ستستمع الأربعاء إلى
التعقيب النهائي من جانب المتهمين ومحاميهم، قبل أن تحدد موعد جلسة النطق
بالحكم.