كمثل ال******* إن تحمل عليه يلهث
قال الله تعالى : (وَلَوْ
شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ
وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ
يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ
كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
(لأعراف:176).
هـذا النص القرآني الكريم جاء في بدايات الخمس الأخير
من سورة الأعراف, وهي سورة مكية, وعدد آياتها(206) بعد البسملة,
وهي من طوال سور القرآن الكريم, وأطول السور المكية علي الإطلاق, وقد
سميت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلي الأعراف وهي أسوار مضروبة بين
الجنة والنار للحيلولة بين أهليهما تكريما لأهل الجنة, وإذلالا وامتهانا
لأهل النار.
وكطبيعة السور المكية, يدور المحور الرئيسي لسورة
الأعراف حول العقيدة الإسلامية القائمة علي أساس من التوحيد الخالص لله(
سبحانه وتعالي), وعبادته وحده( بغير شريك, ولا شبيه, ولا منازع,
ولا صاحبة, ولا ولد), والإيمان الكامل بوحي السماء, والطاعة التامة
لأوامر الله المنزلة علي فترة من الأنبياء والمرسلين, ثم تكاملت وتمت
وحفظت في القرآن العظيم وفي سنة النبي الخاتم والرسول الخاتم( صلي الله
وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين) بنفس لغة الوحي( اللغة العربية) علي
مدي يزيد علي الأربعة عشر قرنا, وإلي أن يرث الله( تعالي) الأرض ومن
عليها, حتي يبقي ذلك حجة علي جميع العباد إلي يوم الدين.
ولقد
أبرزت سورة الأعراف عقيدة التوحيد الخالص لله في ردود عدد من أنبياء الله
ورسله علي أقوامهم وذلك بالقول السديد الذي سجله القرآن العظيم لهم حيث
قالوا:
... يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره....
وقد
تردد هذا القول الرشيد أربع مرات في هذه السورة المباركة علي لسان كل من
أنبياء الله: نوح, وهود, وصالح, وشعيب( علي نبينا وعليهم وعلي
جميع أنبياء الله السلام), وأتبعت هذه الدعوة المباركة في كل مرة بتحذير
شديد, أو تقريع صاعق وذلك من مثل قول نبي الله نوح( عليه السلام)
لقومه:... إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم...(الأعراف:59).. وقول نبي
الله هود( عليه السلام) لقومه:.. أفلا تتقون( الأعراف:65). ومن
مثل قول كل من نبي الله صالح, ونبي الله شعيب( عليهما من الله
السلام) كل إلي قومه:... قد جاءتكم بينة من
ربكم...(الأعراف:85,73).
من ركائز العقيدة الإسلامية في سورة الأعراف
(1)
الإيمان بالله( تعالي) ربا, وبالإسلام دينا, وبسيدنا محمد( صلي
الله عليه وسلم) نبيا ورسولا, وخاتما لهذه السلسلة الطويلة من الأنبياء
والمرسلين, فليس من بعده نبي ولا رسول.
(2) الإيمان بالقرآن
العظيم وحيا خاتما منزلا من عند رب العالمين, علي خاتم أنبيائه ورسله(
صلي الله عليه وسلم), والإيمان كذلك بضرورة دعوة جميع الناس إليه
لإخراجهم من الظلمات إلي النور, وإنذارهم من عاقبة إنكاره, أو التنكر
له, أو التطاول عليه كما يحاول ذلك اليوم كثير من خفافيش الظلام
المتسترين خلف شاشات الشبكة العنكبوتية المعروفة باسم شبكة المعلومات
الدولية, وهم لا يجرؤون علي المواجهة الفعلية لفساد معتقداتهم وانعدام
حجيتهم. ويجب علي كل مسلم ومسلمة تحمل كل شيء في سبيل تعريف الناس
بالقرآن الكريم, لأنه يمثل مواجهة كل صور الباطل التي عمت أرجاء الأرض في
زمن الفتن الذي نعيشه بالخطاب الإلهي المحفوظ بحفظ الله من كل محاولات
التحريف, والباقي بصفائه الرباني في نفس لغة وحيه دون أن يضاف إليه حرف
واحد أو أن ينتقص منه حرف واحد. وهو وسيلة المسلمين اليوم لمواجهة موجات
الكفر والشرك والضلال, والظلم والجور والطغيان, والفساد, والانحراف
والاستغلال التي تجتاح عالم اليوم وذلك بالدعوة إلي التوحيد الخالص لله(
تعالي), ومراقبته وتقواه, وإلي إقامة عدل الله في الأرض بدلا من النظم
الجائرة, والأوضاع الفاسدة, والانحراف عن منهج الله.
(3)
اليقين بأن الله( تعالي) الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته منزه
عن الشريك, والشبيه, والمنازع, وعن الصاحبة والولد, لأن هذه كلها
من صفات المخلوقين, والخالق منزه تنزيها كاملا عن جميع صفات خلقه.
(4)
الإيمان بحتمية مساءلة المرسلين والمرسل إليهم, وحساب كل فرد في الدنيا
قبل الآخرة, والتسليم بكل صور العقاب التي أنزلها الله( تعالي)
بالكفار والمشركين والعصاة المتمردين من الأمم السابقة, وبوصف أحوال كل
من أهل النار وأهل الجنة, كما أوضحها في محكم كتابه, واليقين بحتمية
البعث بعد الموت, وبضرورة الحساب والجزاء في الآخرة, وبالجنة والنار,
وبأن الحياة في أي منهما خلود بلا موت.
(5) التسليم بضرورة
الخضوع لله( تعالي) بالطاعة التامة, وبعبادته بما أمر, وبالشكر له
علي عظيم نعمائه, وبأن دعاء الله( سبحانه وتعالي) تضرعا وخفية هو من
أجل العبادات.
(6) الإيمان بأن الله( تعالي) هو خالق كل
شيء, وبأن الإنسان مخلوق مكرم مادام مطيعا لأوامر الله, فإذا خرج عنها
ذل وهان, وبأن الشيطان عدو للإنسان يحاول جاهدا غوايته كما فعل مع أبوينا
آدم وحواء( عليهما السلام) في بدء خلقهما, وبأنهما قد تابا إلي الله
وأنابا, وأن الله( سبحانه وتعالي) قد قبل توبتهما, وأن أحدا من
ذريتهما لا يحمل شيئا من وزرهما الذي غفره الله لهما برحمته.
(7)
اليقين بأن الشرك بالله كفر به, وأن التقول علي الله( تعالي) بما لم
ينزل به سلطانا كفر به كذلك, وأن الخوض في الفواحش ما ظهر منها وما
بطن, وفي الإثم والبغي بغير الحق خروج علي منهج الله, وكذلك الإسراف
والإفساد في الأرض.
(
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الإيمان بأن الآجال والأرزاق محددة, وبأنه لا توجد قوة في السماوات أو
علي وجه الأرض ـ غير إرادة الله( تعالي) ـ تستطيع تغيير ذلك, ومن ثم
فلايجوز لمسلم أن يجبن أو أن يخاف غير الله الخلاق الرزاق ذي القوة
المتين. والتسليم بأن من اتقي وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون, وأن
من كذب بآيات الله واستكبر عنها فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
(9)
الإيمان بجميع رسل الله ورسالاته, دون تفريق أو تمييز, وبوحدة كل تلك
الرسالات التي دعت الخلق إلي توحيد الخالق( سبحانه وتعالي), وبأن الأرض
لله يورثها من يشاء من عباده, وأن العاقبة للمتقين. والتحذير من
التحوصل حول نبي واحد من أنبياء الله ونسيان الباقين أو إنكارهم.
(10)
التسليم بأن خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله عليه وسلم) مرسل للناس
جميعا, وأن ذكره العطر قد جاء في كتب الأولين من الأنبياء والمرسلين,
وأن إنكاره, أو التنكر له, ومحاولة التطاول عليه من أكبر الكبائر التي
يمكن أن يستذل الشيطان عبدا من العباد إلي الوقوع فيها, وعاقبة ذلك من
أوخم العواقب في الدنيا قبل الآخرة, وفي ذلك يقول ربنا( تبارك
وتعالي): الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في
التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات
ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين
آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون*
قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض
لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله
وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون.
(الأعراف:158,157)
(11)
الإيمان بأن لله( تعالي) الأسماء الحسني التي لايجوز أن يدعي إلا
بها, وأن الذين يلحدون في أسمائه سوف يجزون ما كانوا يعملون, وبأن
الملائكة لا يستكبرون عن عبادة الله( تعالي) وأنهم يسبحونه وله
يسجدون, والتسليم بأن الساعة الآخرة علمها عند الله( سبحانه وتعالى)
وحده, لايعلمها إلا هو, وأنها ثقلت في السماوات والأرض, وأنها لاتأتي
الناس إلا بغتة.
من الإشارات العلمية في سورة الأعراف
(1) الإشارة إلي عملية تصوير الإنسان بعد خلقه من طين. تصويرا علميا دقيقا.
(2)
الإشارة الي السرعة الفائقة التي كانت الأرض تدور بها حول محورها أمام
الشمس في بدء الخلق, وهي حقيقة أثبتتها الدراسات العلمية مؤخرا.
(3) وصف جميع أجرام السماء( من مثل الشمس والقمر والنجوم بأنها مسخرات بأمر من الله( تعالي) الذي له الخلق والأمر.
(4)
تأكيد حقيقة أن الله( سبحانه وتعالي) هو الذي يرسل الرياح, ويزجي
السحب, وينزل المطر, ويخرج النبت والشجر والثمر, وأنه( تعالي)
سوف يخرج الموتى بنفس طريقة إخراج النبت من الأرض.
(5) ذكر أن للأرض عددا من المشارق والمغارب وهو ما أثبتته الدراسات الفلكية.
(6)
الإشارة إلي خلق جميع البشر من نفس واحدة, وجعل زوجها منها, وإلي تكدس
الصفات الوراثية لبني آدم أجمعين إلي قيام الساعة في صلبي أبينا آدم وأمنا
حواء لحظة خلقهما, وإشهاد تلك الذرية ـ وهي في عالم الذر ـ بحقيقة
الربوبية المنزهة عن الشريك والشبيه والمنازع والصاحبة والولد وعن كل وصف
لايليق بجلال الله, وعلم الوراثة يثبت وجود جميع الخلق في أصلاب الآباء
منذ الخلق الأول.
(7) دعوة الناس جميعا إلي النظر في ملكوت
السماوات والأرض, والتعرف علي شئ من صفات الله بالتعرف علي خلقه, وعلي
شئ من سنن الله في الكون وتوظيفها في عمارة الحياة علي الأرض, وهو أساس
من أسس المنهج العلمي في استقراء الكون.
(
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الإشارة الي حقيقة أن البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه, وأن الذي خبث لا
يخرج إلا نكدا, وعلوم الزراعة والفلاحة تؤكد صدق ذلك.
(9)
تشبيه من آتاه الله شيئا من العلم فلم ينتفع به, وانسلخ عنه ليتبع هواه
والشيطان, ويلهث وراء أعراض الدنيا الفانية لهاثا يشغله عن حقيقة رسالته
في هذه الحياة فلا يستمع لنصح أبدا, ولا لموعظة صادقة أبدا حتي يفاجأ
بالموت ولم يحقق من وجوده شيئا, وتشبيه ذلك بلهاث ال******* إن تحمل عليه
بالطرد والزجر يلهث, وإن تتركه يلهث والقصد في التشبيه التأكيد علي
الوضاعة والخسة, ولكن يبقي التشبيه حاويا لحقيقة علمية لم يصل إليها علم
الإنسان إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين ومؤداها أن ال******* هو
الحيوان الوحيد الذي يلهث بطريقة تكاد تكون مستمرة, وذلك في محاولة منه
لتبريد جسده الذي لايتوفر له شئ يذكر من الغدد العرقية إلا في باطن أقدامه
فقط, فيضطر إلي ذلك اللهاث في حالات الحر أو العطش الشديد أو المرض
العضوي أو النفسي, أو الإجهاد والإرهاق أو الفزع والاستثارة.
وكل
قضية من هذه القضايا تحتاج إلي معالجة خاصة بها, ولذلك فسوف أقصر حديثي
هنا علي النقطة الأخيرة في القائمة السابقة والتي جاءت في الآية السادسة
والسبعين بعد المائة من سورة الأعراف, وقبل التعرض للدلالة العلمية لهذا
النص القرآني الكريم لابد من استعراض سريع لأقوال عدد من المفسرين السابقين
فيه,
من أقوال المفسرين في تفسير قوله( تعالى):
.. فمثله كمثل ال******* إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث...
(الأعراف:176)
*
ذكر ابن كثير( رحمه الله) ما مختصره:.. أي فمثله في الخسة والدناءة
كمثل ال******* إن طردته وزجرته فسعي لهث, وإن تركته علي حاله لهث..
*
وجاء في تفسير الجلالين( رحم الله كاتبيه) ما نصه:..( فمثله)
صفته( كمثل ال******* إن تحمل عليه) بالطرد والزجر( يلهث) يدلع
لسانه( أو) إن( تتركه يلهث) وليس غيره من الحيوان كذلك, وجملتا
الشرط حال, أي: لاهثا ذليلا بكل حال, والقصد التشبيه في الوضع
والخسة, بقرينة( الفاء) المشعرة بترتيب مابعدها علي ما قبلها من
الميل إلي الدنيا واتباع الهوي, وبقرينة قوله( ذلك) المثل( مثل
القوم الذين)( كذبوا بآياتنا فاقصص القصص) علي اليهود وعلي غيرهم(
لعلهم يتفكرون) يتدبرون فيها فيؤمنون.
* وذكر صاحب الظلال(
رحمه الله رحمة واسعة) ما مختصره:.. ذلك مثلهم! فقد كانت آيات الهدي
وموحيات الإيمان متلبسة بفطرتهم وكيانهم وبالوجود كله من حولهم ثم إذا هم
ينسلخون منها انسلاخا.. ثم إذا هم أمساخ شائهو الكيان, هابطون من مكان
الإنسان إلي مكان الحيوان.. مكان ال******* الذي يتمرغ في الطين.. وكان لهم
من الإيمان جناح يرقون به إلي عليين, وكانوا من فطرتهم الأولي في أحسن
تقويم, فإذا هم ينحطون منها إلي أسفل سافلين!!.. وهل أسوأ من هذا المثل
مثلا؟ وهل أسوأ من الانسلاخ والتعري من الهدي مثلا؟ وهل أسوأ من اللصوق
بالأرض واتباع الهوي مثلها؟ وهل يظلم إنسان نفسه كما يظلمها من يصنع بها
هكذا؟ من يعريها من الغطاء الواقي والدرع الحامية, ويدعها غرضا للشيطان
يلزمها ويركبها, ويهبط بها إلي عالم الحيوان اللاصق بالأرض الحائر
القلق, اللهاث لهاث ال******* أبدا!!
.. وبعد.. فهل هو نبأ
يتلي؟ أم أنه مثل يضرب في صورة النبأ لأنه يقع كثيرا فهو من هذا الجانب خبر
يروي؟ تذكر بعض الروايات أنه نبأ رجل كان صالحا في فلسطين وتروي بالتفصيل
الطويل قصة انحرافه وانهياره, علي نحو لا يأمنه الذي تمرس بالإسرائيليات
الكثيرة المدسوسة في كتب التفاسير أن يكون هذا الخبر واحدة منها, ولا
يطمئن علي الأقل لكل تفصيلاته التي ورد فيها, ثم إن في هذه الروايات من
الاختلاف والاضطراب مايدعو إلي زيادة الحذر....
ورحم الله صاحب
الظلال برحمته الواسعة علي هذا الحس النوراني الشفاف, فلقد وجدت القصة
بتفاصيلها في سفر الأعداد من العهد القديم, وقد أمرنا رسول الله( صلي
الله عليه وسلم) ألا نصدق أهل الكتاب, ولا نكذبهم.
وأضاف صاحب
الظلال( أجزل الله له المثوبة جزاء ما قدم) ليقول: لذلك رأينا ـ علي
منهجنا في ظلال القرآن ـ ألا ندخل في شئ من هذا كله بما أنه ليس في النص
القرآني منه شئ ولم يرد من المرقوع إلي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ
عنه شئ وأن نأخذ من النبأ ما وراءه فهو يمثل حال الذين يكذبون بآيات الله
بعد أن تبين لهم فيعرفوها ثم لايستقيموا عليها.. وما أكثر ما يتكرر هذا
النبأ في حياة البشر, ما أكثر الذين يعطون علم دين الله, ثم لا يهتدون
به, إنما يتخذون هذا العلم وسيلة لتحريف الكلم عن مواضعه, واتباع الهوي
به.. هواهم وهوي المتسلطين الذين يملكون لهم ـ في وهمهم ـ عرض الحياة
الدنيا.. وكم من عالم دين رأيناه يعلم حقيقة دين الله ثم يزيغ عنها,
ويعلن غيرها, ويستخدم علمه في التحريفات المقصودة, والفتاوي المطلوبة
لسلطان الأرض الزائل!! يحاول أن يثبت بها هذا السلطان المعتدي علي سلطان
الله وحرماته في الأرض جميعا!!.
ويضيف صاحب الظلال( أكرمه
الله) ما نصه:.. إنه مثل لكل من آتاه الله من علم الله, فلم ينتفع
بهذا العلم, ولم يستقم علي طريق الإيمان, وانسلخ من نعمة الله, ليصبح
تابعا ذليلا للشيطان, ولينتهي إلي المسخ في مرتبة الحيوان! ثم ما هذا
اللهاث الذي لاينقطع؟ إنه ـ في حسنا كما توحيه إيقاعات النبأ وتصوير مشاهده
في القرآن ـ ذلك اللهاث وراء أعراض هذه الحياة الدنيا التي من أجلها ينسلخ
الذين يؤتيهم الله آياته فينسلخون منها ذلك اللهاث القلق الذي لايطمئن
أبدا, والذي لايترك صاحبه سواء وعظته أم لم تعظه, فهو منطلق فيه
أبدا..
* وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن( رحمه الله كاتبها برحمته الواسعة) مانصه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
إن تحمل عليه يلهث..) أي إن شددت عليه وأجهدته لهث, وإن تركته علي
حاله لهث, فهو دائم اللهث في الحالين, لأن اللهث طبيعة فيه, فكذلك
حال الحريص علي الدنيا, إن وعظته فهو لحرصه لايقبل الوعظ, وإن تركت
وعظه فهو حريص لأن الحرص طبيعة فيه, كما أن اللهث طبيعة في ال*******.
واللهث: إدلاع اللسان بالنفس الشديد..
* وذكر كل من أصحاب
المنتخب في تفسير القرآن الكريم وصفوة التفاسير( جزاهم الله خيرا)
كلاما مشابها, إلا أن الخبراء أضافوا مايلي علي هامش المنتخب: أوردت
هذه الآية ظاهرة مشاهدة وهي أن ال******* يلهث سواء حملت عليه أو لم تحمل,
وقد أثبت العلم أن ال******* لا توجد فيه غدد عرقية إلا القليل في باطن
أقدامه, والتي لا تفرز من العرق ما يكفي لتنظيم درجة حرارة جسمه, ولذلك
فإنه يستعيض عن نقص وسائل تنظيم الحرارة باللهث وهو ازدياد عدد مرات تنفسه
زيادة كبيرة عن الحالة العادية مع تعريض مساحة أكبر من داخل الجهاز
التنفسي كاللسان والسطح الخارجي من فمه.