استنكر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر الهجوم على المؤسسة العسكرية عقب أحداث مباراة فريقي المصري والأهلي باستاد بورسعيد أمس.
وقال المجلس في رسالة له على صفحته الرسمية على "فيسبوك" اليوم تحت عنوان
(اتقوا الله في مصر): "إن خيال البعض المريض ذهب إلى أن هذا المخطط الفوضوي
من سرقات وحوادث أمنية متعددة هو لإعادة قانون الطوارئ وكأنهم لم يطالبوا
بإلغائه وقاتلوا من أجل ذلك".
وأشار البيان إلى أن القوات المسلحة تحملت "ما لا يطاق" مشيرا الى أن
الثوار لم يتركوا فرصة واحدة إلا وتعدوا على أفراد القوات المسلحة والشرطة
بالفعل والقول والألفاظ البذيئة والإشارات الخارجة والتي وصلت إلى رفع
الأحذية أمام ماسبيرو في الأيام السابقة وكثيرا من الفيديوهات على موقع
"اليوتيوب" تثبت هذا بالصوت والصورة.
وأكد أن هذه المخططات التي يتم تنفيذها تريد هدم مصر وجرها الى الفوضى
الشاملة وبدلا من التكاتف ومساندة الشرطة والقوات المسلحة ودعم تواجدها
الميداني يتم التحرش بها واتهامها بالخيانة والعمالة.
وحث المجلس كل أفراد الشعب على التكاتف والتصدي للفئات مشددا على أن
"القوات المسلحة ستحمي الشعب بكل ما أوتيت من قوة وستطهّر مصر من العملاء
والبلطجية وستقتلعهم من جذورهم مهما كلفها الأمر من تضحيات".
خط أحمر وحذر خبراء سياسيون وعسكريون مصريون
من خطورة نشر الشائعات حول الجيش المصري، وقالوا إن الجيش المصري خط أحمر
لا يجوز إقحامه في الجدال السياسي الحادث حاليا، وطالبوا بتطبيق القانون
على مروجي الشائعات والفتن حماية للأمن الوطني وخوفا من وقوع حرب أهلية لا
يعلم أحد سوى الله كيف تنتهي.
وأكدوا أن إعادة الثقة بين المجلس العسكري وبعض القوى السياسية والالتزام
بنقل السلطة الى المدنيين في أول يوليو المقبل، وتحلي المؤسسة العسكرية
بالصبر في التعامل مع الاعتصامات والتظاهرات، شروط أساسية للخروج من المأزق
السياسي الحالي.
ويؤكد الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق أن الجيش
المصري خط أحمر لا يجوز المساس به أو تخوينه حفاظا على وحدة الوطن، وقال في
تصريح لـ "العربية.نت": إن الجيش المصري هو خط الدفاع الأول عن كيان
الدولة منذ قديم الأزل، ولا يستطيع أحد أن يزايد على هذا الدور بأي حال،
لأنه جيش وطني بالأساس وليس جيش احتلال، وقد تولى مهامه في ظروف بالغة
الصعوبة والتعقيد عقب الإطاحة بالرئيس السابق وانتشار الفوضى الأمنية.
وعن الإسراع بانتخابات رئيس الجمهورية لتعجيل نقل السلطة، ذكر رئيس مجلس
إدارة الأهرام السابق، أنه يمكن اختصار المدة الباقية إذا فاز رئيس
الجمهورية بالانتخابات بالأغلبية، وبالتالي لن تكون هناك إعادة ويمكن نقل
السلطة منتصف يونيو.
وعن لجوء الجيش إلى الأحكام العرفية استبعد سعيد ذلك الإجراء باعتباره هدفا
لبعض القوى السياسية التي تريد الاحتجاج على الإجراءات الاستثنائية وتصور
نفسها ضحية والجيش المصري يدرك ذلك، وللخروج من المأزق الحالي بين الجيش
وبعض القوى السياسية، أوضح سعيد أن الفترة الحالية هي فترة اختبار الإرادات
والمطلوب هو الصبر لمرور المرحلة الانتقالية.
ظرف خاص ويرى الكاتب صلاح عيسى رئيس تحرير
جريدة القاهرة أن الجيش المصري وجد نفسه في جدل سياسي بالمرحلة الانتقالية،
بسبب الملاسنات بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة وبعض النشطاء السياسيين
عقب مذبحة بورسعيد، وقال في تصريح لـ"العربية.نت": الخطير أن هجوم النشطاء
السياسيين انتقل الى الجيش المصري نفسه، مما أدى الى إحياء الهواجس
الكامنة والموجودة لدى كل منهما في الآخر، وهذا يتطلب الإسراع في انتقال
السلطة برغم خطورة ذلك فعلا.
وحول موعد انتقال السلطة في أول يوليو/تموز المقبل قال عيسى: "إن هذا
الموعد يبدو مقبولا لكنه أقل من المطلوب، لأن بعض القوى السياسية لا تثق في
ذلك رغم كل الضمانات التي قدمها العسكري، وخطورة تقديم هذا الموعد أسوأ
بكثير من تمسك المجلس العسكري بالسلطة".
المجلس والجيش ويرى الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب
التجمع أن نظرة المصريين إيجابية الى جيشهم الوطني، باعتباره المؤسسة
القادرة على إنجاز أفضل المشاريع في الطرق والمستشفيات والعمارات، كما أن
المؤسسة التي تحمي التراب الوطني وانتصار 1973مازال مخزونا في الذاكرة
الوطنية، وقال السعيد لـ"العربية.نت": يجب أن نفرق بين الجيش المصري في
حماية الاستقلال الوطني، والمجلس العسكري الذي يدير الجيش، وقبل القيام
بمهام المرحلة الانتقالية، أي أن دوره أصبح سياسيا.
ويضيف: "الدور السياسي للمجلس العسكري يحتمل الصواب والخطأ والنقد، ومن
الواجب أن يتحمل النقد، وإذا كانت هناك تجاوزات في الألفاظ والمواقف، فإن
هذا يتطلب الحزم في التعامل لأن من يتهم قاضيا مثلا لا يحق له أن يتهم كل
القضاة بالفساد، وبالتالي إذا أخطأ عسكري لا يصح أن ينتقل هجومنا إلى
الجيش".
مرحلة انتقالية ويطالب الخبير العسكري اللواء طلعت
مسلم بضرورة ضبط النفس للمرور من المرحلة الانتقالية الحالية حتى تسليم
السلطة إلى رئيس الجمهورية الجديد، ودعا الى الوقوف خلف الجيش المصري لأن
تخوين الجيش ونشر الشائعات حوله يمكن أن يؤدي الى حرب أهلية لا يعلم أحد
غير الله متى تنتهي.
وذكر مسلم أن مصر لم تكن مستباحة في وقت من الأوقات كما يحدث حاليا، ونأمل
ألا نكون وصلنا الى نقطة اللاعودة، وقال إن الخروج من المأزق الحالي يتطلب
إعادة الثقة بين الجيش وبعض القوى السياسية لأنه لا يمكن العمل في مناخ من
التخوين، كما يجب على القوات المسلحة التحلي بأقصى درجات ضبط النفس في
التعامل مع تداعيات أحداث استاد بورسعيد، وأن يتم إعمال دولة القانون مع
مروجي الشائعات بحيث يكون القانون وسيلة للحساب وليس وسيلة للانتقام.
