الجولة الأولى للانتخابات كشفت عن معادلة جديدة للصراع السياسى والانتخابى
فى مصر، بطلها حزبا «الحرية والعدالة»، الممثل لجماعة الإخوان المسلمين من
جهة، وحزب «المصريين الأحرار» الذى يتزعم الكتلة المصرية، الأكثر طموحا نحو
الليبرالية والمدنية.
هذه الجغرافيا الجديدة للأحزاب المصرية مبشرة ومنذرة فى وقت واحد، أما
البشارة.. ففى هيكلة قوى محددة تعمل على أسس ديمقراطية، وتحترم صناديق
الاقتراع، إلى جانب بزوغ القوة الليبرالية فى كتلة واحدة لم ترتعش أمام
القوة التنظيمية المهيبة، والأكثر خبرة بالعمل الانتخابى فى معسكر حزب
«الحرية والعدالة».
أما الإنذار فمصدره استخدام الشعارات الدينية المقدسة، أو منابر المساجد
والكنائس فى المنافسة الانتخابية، وهيمنة لغة تحريضية تصل إلى حد الطائفية
على البيانات الصادرة عن المعسكرين، خلال يومى الانتخاب فى المحافظات التسع
للجولة الأولى.
التحريض الدينى، والتصنيف العقائدى، يلفان الديمقراطية المصرية بحزام ناسف،
ويهددان كل إنجاز نحو الحرية حققته الثورة، وحققه إجماع المصريين حول
التغيير، ولا نريد هنا أن ننضم إلى خنادق التراشق بالاتهامات بين الجانبين
لإدانة تيار دون آخر، ولكن ما نتطلع إليه أن تنتبه قيادات «الحرية
والعدالة»، و«الكتلة المصرية»، أن كليهما يخسر إذا خسرت مصر مناخ الحوار،
وأن هذا البلد يحتاج إلى السباق بالعمل والتضحيات، لا الفوز بكعكة السلطة
عبر التطاحن الطائفى حتى فى صناديق الاقتراع.
ننتظر صوت العقل فى المعسكرين.