رفض الكثير من الأقباط تدخل الكنيسة بصفتها
مؤسسة دينية فى العملية الانتخابية، وأكدوا أن وضعها لقائمة مرشحين بعينهم،
وحث الأقباط عليها ربما يخلق كياناً موازياً لهذه القائمة على أرضية دينية
إسلامية، وعندها تتحول الانتخابات إلى عملية طائفية حتى لو كان الاختيار
لصالح مسلمين، فى المقابل يرى آخرون أن الكنيسة لم تتدخل فى عملية
الاختيار، ولكن بعض أفرادها شارك مع نشطاء أقباط ومسلمين فى عملية الاختيار
للمساعدة فى تشجيع المشاركة الانتخابية.
ويقول الدكتور كميل صديق سكرتير المجلس الملى بالإسكندرية، إن كلمة البابا
شنودة الثالث فى عظته الأسبوعية حول الانتخابات كانت تؤكد دون شك موقف
الكنيسة فى أهمية المشاركة وحرية كل شخص فى اختيار ما يشاء عندما قال
البابا "إن مصلحة الوطن أهم شىء والاختيار يجب أن يكون للشخص القادر على
نفع وطنه، وأن اختيار المسلم النافع أفضل من اختيار قبطى لا يقدم شيئاً.
وتابع كميل قائلا: "أتحدى أى شخص يرصد وجود أى دعاية انتخابية أو دعوة كاهن
على أى منبر كنيسة بالإسكندرية لصالح مرشح أو قائمة بعينها، وأن عملية
الترشيح لصالح أشخاص جاءت بناء على جلسات داخل النشطاء الأقباط وهذا أمر
شرعى لأى تكتل مدنى فى اختيار الأفضل حتى أنه على قوائم الفردى بالإسكندرية
تم اختيار المسلمين بها رغم وجود سبعة أقباط مرشحين، ففى دائرة محرم بيك
تم اختيار جمال أحمد وشريف رشدى فى حين أن هناك قبطيين مرشيحين وهم جورج
جبره ووديع بشاى وهو ما يؤكد أن الاختيار لم يكن على أساس طائفى أو دينى.
وأكد كميل أن اختيار الكتلة المصرية لتأييدها، هو أمر طبيعى لتيار يقبل
الآخر وليس من المعقول أن نصوت لصالح تيارات تكفر الآخر مثل حزب النور
والحرية والعدالة، ورفض محاولة ترويج هذه القائمة المطروحة على أنها أمر
ملزم من الكنيسة لأن هذا يضر بالمرشحين إذا ما تم استقطاب الأطراف الأخرى
على أساس دينى، مثل الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
وتابع أن الأقباط خرجوا من الكنيسة ولم يصبح أحد وصياً عليهم فكلنا نتذكر
عندما كانوا فى اعتصام ماسبيرو وطالبهم البابا شنودة بفض الاعتصام ورفضوا
ذلك، والأقباط فى كل أنحاء مصر لهم حسابات مع تكتلات انتخابية مثل أى مصرى
فهناك من يساند عائلة أو حزباً ينتمى له.
أما الدكتور حنا جريس الناشط السياسى، فيرى أن الكنيسة سلطة روحية ولها
سلطان روحى ولا يمكن لها بأى حال من الأحوال التدخل فى السياسى، وسبقت
وأعلنت ذلك بأنها لا تتدخل فى العملية السياسية.
وحول تدخلها بالمشاركة بالقوائم فى المرحلة الأولى يرى جريس أن تدخل
الكنيسة للمشاركة فى القوائم ناتج عن شعورها بالتحولات التى حدثت بعد 25
يناير التى انتقصت من رصيد الكنيسة الكثير، وهى تحاول استعادة دورها
القيادى بفرض الوصاية على الأقباط وإن كان هذا أصبح صعباً بعد حالة
الانتفاضة القبطية، ومشاركتهم فى الحياة السياسية والأحزاب فأصبح لهم كيان
مستقل.
وأضاف أن طرح القائمة باسم الكنيسة حسب ما نشر ربما يؤدى للإضرار بهذه
القوائم وهؤلاء المرشحين عندما تستغلها التيارات الدينية لعملية الحشد
المضاد للتصدى لقائمة الكنيسة، وهذا أمر يدعو لتخوف شديد من تكرار تجربة
الاستفتاء التى أجريت فى 19 مارس الماضى.
"لا دخل للكنيسة فى هذه القائمة" هذا ما أكده سمير زكى أمين، من مجموعة
المشاركة الوطنية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية الذى أشار إلى أن
الكنيسة ليس لها دخل من قريب أو بعيد فى هذا الأمر وأن دورها يتوقف على
عملية التوعية من خلال مجموعه المشاركة الوطنية والحث على النزول
للانتخابات دون تأييد شخص بعينه، واختيار القوائم كان من قبل علمانيين
ونشطاء وليس رجال دين.
أما رامى كامل عضو المكتب السياسى لاتحاد شباب ماسبيرو يرى أن الكنيسة
ترتكب خطأ جسيماً لأصدرها هذه القوائم التى من شأنها الأضرار بالعملية
الانتخابية بل الأضرار بمن تؤيدهم من مرشحين وتضعهم فى عملية المواجهة مع
تيارات متشددة، وأضاف أن الكنيسة عليها ترك هذا الدور للمؤسسات المدنية
والاتحادات القبطية والنشطاء والعلمانيين للقيام بهذا الدور دون تحويل
الأمر إلى أرضية طائفية أو محاولة البعض استغلالها بتحويلها إلى إطار طائفى
فى ظل هذه الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد.
من جانبه قال الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادى إن الكنيسة لا تسعى للتدخل بأى
حال من الأحوال فى العملية الانتخابية ودورها يتوقف على التوعية والحث على
المشاركة الايجابية، و"أنا كعضو فى المجمع المقدس لم نأخذ أى قرار بالمجمع
سوى الحث على المشاركة بإيجابية فى الانتخابات لأن من الحكمة ألا يكون هناك
تدخل أو إعلان فى مثل هذه الأمور فى هذا الوقت العصيب وفى ظل وجود تيارات
متطرفة"، وأضاف عندما سألنى عبد الرحيم الغول عن موقف الكنيسة فى
الانتخابات قلت له "الأقباط مواطنون لهم الحق فى اختيار ما يشاءون والكنيسة
تقف موقف المتفرج لترحب بمن تختارهم الأغلبية الشعبية احتراماً
للديمقراطية.
وأكد الدكتور القس أندريه زكى نائب الطائفة الإنجيلية فى مصر أن الكنيسة
بوجه عام سواء الأرثوذكسية أو الإنجيلية لم تقم بوضع قوائم لمرشحين
لمساندتهم فى الانتخاب بصفتها مؤسسة دينية، وإنما من وضع الأسماء نشطاء
أقباط مع نشطاء مسلمين بعد دراسة لقوائم المرشحين الكثيرة، ولم يكن للكنيسة
أى دخل بهذه القوائم، سوى أن يكون بعض أفرادها ربما شاركوا بصفة فردية
كمواطنين وليس كمؤسسة دينية.
وأضاف أن الكنيسة الإنجيلية لم تشارك بصفتها المؤسسية فى اختيار أفراد أو
قوائم، ولم يحدث أن أصدرت قائمة باسم الكنيسة وإنما هناك بعض أعضاء الكنيسة
الإنجيلية شاركوا مع مسلمين ونشطاء فى محاولة لتحديد وتقنين القوائم
والأسماء الكثيرة لمساعدة المواطنين فى إطار المشاركة المجتمعية، وهذا ليس
إلزاماً على أى مواطن باختيار القوائم المطروحة من قبل أية جهة ولكن هو نوع
من التسهيل والتحديد.
وتابع أندريه أن تحديد القوائم تقوم به العديد من المؤسسات فى مصر، أو
العائلات وهذا حق لأى جهة فى دارسة الأشخاص المناسبين وحق أيضا للنشطاء
الأقباط بالمشاركة مع المؤسسات المدنية والنشطاء المسلمين لاختيار المرشحين
الذين يخدمون البلاد فى هذه المرحلة الصعبة، مشيراً إلى أن محاولة الزج
باسم الكنيسة أمر مرفوض، وتساءل كيف لمواطن بسيط أن يحدد اختياره فى
التصويت لصالح مرشح من 150 مرشحاً لا يعرف عنهم شيئاً، ولم يكن هناك الوقت
الكافى لتقديم المرشحين أو التعريف بهم، ولذا كان يجب على النشطاء مساعدة
هؤلاء بطرح الأفضل بعد دراسة برنامج كل مرشح وفى النهاية فالناخب لديه حرية
الاختيار.
أما هانى لبيب الناشط السياسى فهو يرفض ما صدر مؤخرًا بما يعرف بـ"قائمة
الكنيسة بالمرحلة الأولى" مشيراً إلى أن هذا الأمر يعد تدخلا مباشراً من
مؤسسة دينية فى توجيه الناخبين وهذا يعد مخالفة لمَ أعلنته الكنيسة من قبل
بعدم تدخلها فى العملية السياسية، وإذا كانت هيئة الأقباط العامة التى
يرأسها الدكتور شريف دوس أصدرت قائمة للمرشحين بالتعاون مع نشطاء مسلمين
وأعلنت عنها فهذا أمر مقبول لمؤسسة مدنية، ولكن الكنيسة دورها يتوقف عند
التوعية وليس الترويج وعليها إعادة دورها فى هذا الأمر حتى لا يستغل الأمر
ضدها ويتحول إلى استفتاء جديد من قبل تيارات تسعى لاستغلال الدين فى
العملية الانتخابية.
وأكد نجيب جبرائيل، المحامى ورئيس الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، أن البابا
سوف يحاسب المسئول عن وضع القوائم الانتخابية التى تناولتها وسائل
الإعلام، وكشفت عن دعم الكنيسة لبعض التحالفات والأفراد بعينهم فى انتخابات
مجلس الشعب إذا ثبت صدور هذه القوائم فعلياً عن أحد المسئولين بالكنيسة.
وأضاف جبرائيل، فى تصريح لـ"اليوم السابع"، أنه من الممكن أن يكون أحد
القساوسة أو رجال الدين قد استغل غياب البابا الموجود خارج البلاد لتلقى
العلاج وعمد فعلاً للقيام بأعمال تسئ للكنيسة، مؤكداً أن البابا سوف يقوم
بمساءلته وعقابه، لأن مبدأ الكنيسة يؤكد أن انتخاب مسلم معتدل أفضل من
انتخاب قبطى لا يقدم أية خدمات، ومشيراً إلى أن أى شخص يستغل اسم الكنيسة
فى عمل غير مسئول سوف يحاسب عليه إذا ثبت ارتكابه لهذا الفعل بالدليل
المادى القاطع.
وأكد جبرائيل، بصفته رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، أنه يرفض
استخدام أية جهة للدين فى العملية الانتخابية، سواء كان هذا الاستخدام من
قبل الكنيسة أو أى تيار إسلامى مثل جماعة الإخوان المسلمين، رافضاً أن تلعب
أية جماعة بورقة الدين من أجل حشد الأصوات لصالح مرشحيها.