الوجوه التى تقابلك فى الميدان لا تقتصر فقط على المتظاهرين، ولكنها تمتد
أيضًا إلى مجموعة من البائعين أجبرتهم لقمة العيش على التواجد وسط الخطر،
آملين فى أرباح كبيرة، ومتخوفين من تحطم بضائعهم تحت أقدام المتظاهرين فى
لحظات الكر والفر، من بين هؤلاء الباعة من تداخلت نواياه فجاء للميدان
بهدفين، الأول التكسب والثانى هو نصرة المتطاهرين.
أحمد محمد (25 عامًا) الذى ترك القهوة التى كان يعمل بها، واتجه لميدان
التحرير لبيع الشاى فى محاولة منه لتحسين دخله.. مساعدة أحمد للمتظاهرين لا
تقتصر على تقديم مشروبات، ولكنه يحاول أيضا مساعدتهم فى مقاومة رجال
الشرطة، بترك زوجته والاتجاه لمساندتهم بشارع محمد محمود.
أحمد لا يتخوف من الخطر الموجود بالميدان، ويؤكد "حتى لو مت هكون شهيد، أنا بحاول أجيب حقى وحق ابنى اللى جاى".
أشرف أحمد محمد، الذى أتم عامه الستين مع اندلاع ثورة 25 يناير، أحد هؤلاء
الباعة الذين اضطرتهم الظروف للتواجد فى الميدان وبيع السجائر للمتظاهرين،
التعامل مع الخطر الموجود فى الميدان لا يمثل له صعوبة، حيث يأتى دومًا
باصطحاب كمامته وعصا فى يده، يقول أشرف: "ده مكان أكل عيشى وما قدرش أسيبه،
أنا مُقدم على كشك من عشر سنين لم أحصل عليه حتى الآن".
وعن الفرق بين تعامل الشرطة مع المتظاهرين الآن وماسبقه فى يناير، يضيف:
"الشرطة أصبحت أكثر شراسة وتقوم بأى شىء لمنع المتظاهرين من الاقتراب
للداخلية".. أمنية أشرف الوحيدة هى الحصول على شقة وكشك جديد، وأن يلتفت
المجلس العسكرى لمطالب المتظاهرين.
أمّا حسين على (35 عامًا) فقرر أن يترك محل الفول الذى يعمل به بشارع محمد
محمود ويقف بعربة فول وسط الميدان، ويؤكد حسين "الرزق هنا كتير قوى وربنا
كرمنا بس لو الشرطة تبطل ضرب فينا"، يتواجد حسين فى الميدان حوالى 5 ساعات
صباحا، ثم يتجه بعدها للوقوف مع المتظاهرين بشارع محمد محمود، ويقول:
"الناس اللى بتموت فى الشارع مش بلطجية دول شباب زى الورد عايزين ياخدوا
حقوقنا".
أما على حامد (32 عامًا) فقرر أن يصطحب زملائة وعربة الزبادى إلى ميدان
التحرير، بعد أن فشل فى توزيع كميات مناسبة فى الأسواق، كانت أول محطات على
فى الميدان وقبل البدء فى البيع هو شارع محمد محمود، حيث كان يريد أن
يشاهد ما يقال على شاشات التليفزيون، ووجود بلطجية فى الميدان، تريد أن
تحطم وزارة الداخلية، ثم اتجه بعدها مباشرة لوسط الميدان لبدء عملية البيع.
ويقول: "الميدان مليان ناس كتير فيهم شباب تطالب بحقوقنا وفيهم بلطجية، وده
طبيعى أن الميدان صورة مصغرة من مصر"، ويطالب على بضرورة وجود رقابة على
كافه المؤسسات حتى لا يعود الفساد معها مرة أخرى.