حين يتوهم أهل الدنيا أن اللذة والنعيم في الأموال والنساء وفي البيت
الجميل والفراش الوثير، فإن جنة المؤمن في محرابه، ولذته في مناجاته لربه
سبحانه وتعالى حين يقوم فيترك فراشًا وثيرًا وزوجة حسناء.
ويلقي عن نفسه
التعب والكسل ليجيب نداء ربه وهو يدعوه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ *
قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً}...
سورة المزمل الآيات (1 : 3).
يا أيها الملتف في ثيابه المستدفئ في
فراشه: قم فإنك على موعد مع ربك وخالقك، وهو ينادي على محبيه: من يدعوني
فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له.هؤلاء هم أهل الله
المحبون له على الحقيقة.
قيام الليل .. وما أدراك ما قيام الليل ؟
سنة عظيمة أضعناها، ولذة عجيبة ولكننا ما تذوقناها، وجنة للمؤمنين في هذه الحياة ولكننا ما دخلناها ولا رأيناها .
لله قوم أخلصوا في حبه فأحبهم واختارهم خداما
قوم إذا جن الظلام عليهم قاموا هنالك سجدا وقياما
يتلذذون بذكره في ليلهم ونهارهم لا يبرحون صياما
قيام الليل مدرسة تتربى فيها النفوس، وتهذب فيها الأخلاق، وتزكى فيها القلوب.
قيام
الليل عمل شاق وجهاد عظيم لا يستطيعه من الرجال إلا الأبطال الأطهار، ولا
من النساء إلا القانتات الأبرار.. {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ
وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} (آل
عمران:17) .
قيام الليل دأب الصالحين قبلنا، ومكفرة لسيئاتنا، وقربة لنا إلى ربنا، ومطردة للداء عن أجسادنا