حظى السيئ هو الذى قادنى إلى ميدان التحرير».. هكذا بدأ ضابط
حراسة المنشآت السابق حديثه من داخل غرفة العناية المركزة بمستشفى الشرطة
بالعجوزة. أقسم أنه كان متجها إلى ميدان عبدالمنعم رياض لاستقلال ميكروباص
إلى الشيخ زايد للاطمئنان على ابنه بعد تعرض شقته للاحتراق، وأكد أنه خرج
على المعاش منذ شهر ديسمبر 2010، ولم يعمل يوما فى أمن الدولة. بكى بشدة
عندما تذكر ما حدث له فى ميدان التحرير. قال «لم أعرف من أين كانت تأتى
اللكمات والركل بالقدم.. وكأننى حرامى.. ضربونى حتى فقدت الوعى. ولا أعرف
كيف نجوت من هناك ومن أتى بى إلى المستشفى».
تفاصيل قصة الضابط السابق «عبدالمنعم عبدالحافظ» كما يرويها
لـ«المصرى اليوم» أنه خرج بعد عصرالثلاثاء للذهاب إلى مدينة الشيخ زايد
للاطمئنان على ابنه الأكبر «وائل» الذى تعرضت شقته للاحتراق. توجه إلى
ميدان عبدالمنعم رياض لاستقلال ميكروباص. لم يفكر للحظة واحدة فيما يحدث فى
الميدان. فهموم الدنيا ملأت رأسه بعد تعرضه وأسرته لحوادث متتالية خلال
الشهرين الماضيين. بدأت بوفاة الزوجة ومرت بإنجاب ابنه طفلاً مريضاً.
وانتهت باحتراق شقة ابنه. وكل هذا ما جعله – على حد قوله – غير مهتم بما
يحدث فى الميدان. قال: «أنا لم أكن أعلم من اللى بيدير البلد ومش عاوز
أعرف.. اللى حصل لى فى الأيام الأخيرة يهدم جبال».
وأضاف الضابط السابق: «فوجئت عصر الثلاثاء بعدد من الشباب
يستوقفوننى ويطلبون هويتى. أبلغتهم - وأنا غير مدرك لما يحدث- بأننى لا
أحمل غير كارنيه الشرطة. وبمجرد أن قلت تلك الكلمة. فوجئت بمن يصرخ: إلحقوا
مسكنا ضابط شرطة مندس بينا - قلت له: أنا لم أعد ضابط شرطة أنا بالمعاش
منذ عام تقريبا. ولكن لم يسمع لى أحد. طرحونى أرضا. وفتشوا ملابسى وأخذوا
الكارنيه وطبنجة مرخصة خاصة بى. اعتدت حملها. وفوجئت بهم يستدعون المزيد من
الشباب. وأخذ أحدهم سلاحى، وقال إنه كاتم للصوت. والصحيح أننى كنت أضع فى
فوهته قماشة حتى لا يدخلها التراب. لحظات وفوجئت بسيل من اللكمات والركل
بالقدم. سقطت على الأرض. وتأكدت أن تلك اللحظة هى الأخيرة لى فى الدنيا،
شاهدت آلاف الشباب وبينهم سيدات يعتدون على. وشاهدت رجلا كبيرا لا أعرفه
يحتضننى ويطلب من الشباب التوقف عن ضربى، ونقلى إلى المستشفى الميدانى».
وأشار: «نقلونى إلى مكان عرفت أنه المستشفى الميدانى. وأثناء
علاجى فوجئت بآخرين يهجمون على ويضربوننى بوحشية. وسمعت الأطباء يقولون لهم
- حرام عليكم - هيموت. وبعد ساعة تقريبا تم نقلى إلى مستشفى الشرطة. هكذا
حكوا لى لأننى لم أكن أدرك ما الذى يحدث لى». وعلى باب غرفة المستشفى كان
ابنه «وائل» الذى احترقت شقته وماتت والدته لا يتوقف عن البكاء. قال بمجرد
أن عرف أننا صحفيون «حرام اللى حصل فى والدى.. قالوا عنه إنه أمن دولة
وقالوا إن معاه شيك بـ(30) ألف جنيه. وقالوا إنه مريض نفسى.. وكل هذا كذب
ولا أساس له من الصحة. والدى كاد أن يموت وجاء الإعلام يزيد من أوجاعه. كل
ما أطلبه أن تصححوا ما تناقلته مواقع الإنترنت». وتوجه «وائل» إلى غرفة
العلاقات بالمستشفى وحرر محضرا بما حدث لوالده رغم علمه بأن المحضر لن يفيد
بشىء. وأعرب عن استيائه من قيام وزارة الداخلية بإصدار بيان تتبرأ فيه من
والده الذى خدم فيها حتى سن المعاش. فيما أكد الأطباءأن حالته سيئة. ومصاب
بكسور فى أماكن متفرقة بالصدر والقدمين. وتم إيداعه غرفة العناية المركزة.