تقوم الحياة على التوازن بين البيئة الخارجية والتركيب الداخلي للشخص ، واي خلل ينتاب هذا التوازن يحدث خللا في صحة الشخص ، هذه العلاقة القائمة بين الشخص وما حوله ينظمها جهاز مختص هو الجهاز العصبي ، يتولى امر نقل الرسائل المختلفة بين الطرفين ، بما يعرف بالاحساس والاشارات العصبية ، و يقف على قمة الهرم العصبي في موقع القيادة منه جهاز عصبي مركزي هو المخ والنخاع الشوكي يتخذان من الاعصاب جهاز للاستقبال والارسال فإذا فشل الجهاز العصبي في هذه المهمة الحيوية الحياتية اصيب الكائن الحي بالعزلة وهذا ما يعرف باسم فقدان الوعي والادراك .
نظرة على الجهاز العصبي
من المعلوم ان جهاز الانسان العصبي يتكون من مليارات الوحدات العصبية ، وقد يتجاوز تعددادها عشرة مليارات تتركز في الجهاز العصبي المركزي داخل الجمجمة والعمود الفقري ، وقد تعجز هذه الوحدات العصبية عن اداء واجبها بسبب تلف او عطب يصيبها ، او خلل يعتري وظيفتها لشح يطرأ على ترويتها الدموية ، او اختلال ينال من تركيب الدم و محتواه ، او الاضطراب في ردود الفعل العصبية ، وهي منهج عمل المخ والجهاز العصبي ، فيصاب بشكل او بآخر بعطل من الاعطال التي تعرف بفقدان الوعي .
اخطر انواع الاغماء
ويعرف بالغيبوبة Coma ، وهذا الفقدان للوعي ربما يكون اخطر الحالات ، لانه يعبر عن تلف عضوي للجهاز العصبي او عطل وظيفي فيه ، وهذان امران لا بد فيهما من استشارة طبية ، و اشراف طبي ومباشر ، وربما احتاج الامران الى الرعاية داخل المستشفى و المصحة .
فقدان الوعي الجزئي
و هو صورة من صور الضعف في الاستجابة العصبية والاحاسيس ، مما يحتاج الى رفع درجة التنبيه ، حتى تكتمل الدائرة العصبية ، و يتولد رد الفعل لدى المصاب الذي يكون في درجة من الوعي والادراك والاحساس ادنى بكثير من المستوى المادي للانسان الطبيعي .
الاغماء المؤقت
هو اخف درجات فقدان الوعي ، ويكون قصير المدى ، وتسببه احد العوامل الثلاثة :
1. شح التروية الدموية للجهاز العصبي
2. اضرابات في تركيب الدم الكيماوية الحيوية
3. خلل ينتاب الجهاز العصبي
ولعل اول سبب هو الاهم والاكثر شيوعا في تفسير الية الاغماء ، حيث ان الانسجة العصبية تتميز بنهم كبير الى الاوكسجين ، واي شح فيها يصيبها بعطل مؤقت ، فربما اذا طال هذا النقص ادى الى عطب يفضي الى الموت .
1. الاغماء الشائع
يحمل لصاحبه مخاطر ضئيلة ، وسببه رد فعل عصبي يؤدي الى توسع في اوعية الدم الطرفية ، مما يدفع الى تجمع قدر كبير من الدم في الاطراف على حساب رصيد المخ ، ومن ثم الى عجز عن تلبية حاجة النسيج العصبي الى الاوكسجين ، و لهذا لا غرابة ان نعلم انه غالبا ما يحدث و المصاب قائم على قدميه ، وقلما او ربما يستحيل حدوثه والمصاب مستلق على ظهره .
ان هذا الشكل من الاغماء يكون نتيجة سماع اخبار السيئة ، او رؤية مناظر ذات انطباع كريه مؤلم لدى المصاب ، ترتبط بتجاربه و تربيته و ثقافته و عاداته ، كما يحدث عند رؤية الدم مثلا او رؤية قتيل او مصاب او عملية جراحة او مجرد رؤية منظر او وخز ابرة .
و احيانا يكون الجو الحار الذي يسبب توسع البساط الدموي في الاطراف ، فيتدفق الدم الى جلد الساقين والذراعين و البدن ، فيما يقل في الرأ س و غيرها .
عند ذلك يشعر المصاب بالغثيان و الدوار ، و يتصبب منه العرق البارد ، و يحس بضعف عام ، و ربما اصيب بالقيء او بالرغبة فيه على الاقل .
و الناظر الى المصاب يراه شاحب الوجه ، مصفر الجلد ، وقد تصبب منه العرق ، و تصدر عنه حركات لا ارادية ، و تتسع حدقة عينيه و يصبح نبضه سريعا ضعيفا .
بعدها ينتهي الامر بسقوط المصاب على الارض فاقدا للوعي ، وقد يثير السقوط شعورا انفعاليا لكنه في الواقع يصبح هو العلاج التلقائي للاغماء الشائع ، لان الدم يعود للتدفق بوفرة في انسجة المخ ، فيصحو المصاب و يفيق بعد فترة وجيزة على الرغم من ان الاغماء الشائع لا يحدث للانسان وهو مستلق على ظهره ، الا ان هناك حالات مستثناة قد يكون الامر فيها على عكس هذه الصورة ، وهذا ما يحدث مع المرأة الحامل التي قد تغيب عن الوعي وهي مستلقية بينما تفيق وهي واقفة ، وكذلك شأن المتبرع بالدم الذي يشعر احيانا بالدوار و الاغماء وهو مستلق على ظهره عند التبرع ، غير ان هذا يعود الى رد فعل نفسي ، وليس الى خلل وظيفي ، لان الاغماء يداهم المتبرع قبل ان يستنزف منه دمه او ربما قبل ان تغرز الابرة في وريده اصلا .
ان اسعاف المصاب في مثل هذا الاغماء لا يعدوا ان يكون مجرد رقاده على ظهره و خفض الرأس عن مستوى القدمين مع بضع كلمات من التشجيع فقط .
2. اغماء الجيب السباتي
في الشريان السباتي الذي يعبر الرقبة ليغذى الرأس يقع جيب يسمى "الجيب السباتي" في موضع قبل تفرغه الى الشريان السباتي الخارجي و الشريان السباتي الداخلي .
هذا الجيب مزود بمستقبلات عصبية في جداره ، حساسه لضغط الدم داخل الشريان ، فإذا ما زادت حساسية المستقبلات العصبية او اذا ما داهم تصلب الشرايين جدار الشريان والجيب فإن اي مساس بهذا الجيب يولد ردة فعل عصبية تؤدي الى الاغماء بسبب هبوط مفاجىء في ضغط الدم .
ان هذا الامر قد يحدث مع حركة تدليك خفيفة (مساج) لدى بعضهم او قد تحدث لكبار السن الذين يرتدون القمصان ذات الياقات الضيقة اذا ما ارادوا رؤوسهم عند التفاتة مفاجئة .
3. اغماء الوقوف المفاجىء
من المألوف ان يشكو بعض الناس من الدوار عند النهوض من السرير ، بل ربما يصل الى حد الاغماء ، وهذا امر يتكرر حدوثه مع اللذين يتعاطون عقاقير علاج ضغط الدم المرتفع ، و مع مرضى فقر الدم ، او مرضى القلب اذ تظهر عليهم اعراض مماثلة لاعراض الاغماء الشائع .
4. اغماء مرضى القلب
مرضى القلب معرضون للاغماء لأسباب شتى ، سواء خثرة في صمامات القلب او بسبب ثقب في حاجز القلب .
5. اغماء مرضى الصدر
مرضى الصدر عرضة لاغماء ايضا ، وذلك لاحتمال عجز الدم عن تروية المخ وتزويده بالقدر الكافي من الاوكسجين .
6. اغماء التفريغ
قد يصاب به شخص عقب التبول او بعد افراغ سائل من صدره او بطنه وسببه ردة فعل عصبية عقب التفريغ
بعض التدابير الوقائية للاغماء:
العناية الذاتية :
- إن شعرت بإظلام في الرؤية أو بأنك على وشك الإغماء ، أخفض رأسك . تمدد وارفع ساقيك لإعادة الدم إلى الرأس . وإن لم يسعك التمدد ، انحن ِ إلى الامام وضع رأسك بين ركبيتك
تدابير وقائية :
- قف وغيّر وضعياتك ببطء ، خاصة عند الالتفاف من جهة إلى أخرى أو عند الإنتقال من وضعية التمدد إلى وضعية الوقوف . وقبل أن تنهض في الصباح ، اجلس على طرف السرير لبضع دقائق
- لا ترهق نفسك . خذ فترات من الراحة إن كنت تعمل في جو حار ورطب . وارتد ِ ملابس مناسبة للظروف المناخية التي تعمل فيها لتجنب فرط الشعور بالحر
- تناول ما يكفي من السوائل لتجنب التجفاف وتنشيط الدورة الدموية
- تجنب التدخين وامتنع عن تناول الكحول
- لا تقد سيارتك أو تعمل بمعدات خطرة إن شعرت بالدوار
- لا تصعد و أو تنزل السلالم
- تحقق من الادوية التي تتناولها ، واطلب بعض التعديلات من الطبيب عند الحاجة
العون الطبي :
من شأن الاعراض الطفيفة التي تدوم لأسابيع أو شهور أن تكون ناتجة عن مرض خطير في الجهاز العصبي . وبما أن مشاكل الدوار والتوازن قد تُعزى إلى أسباب عديدة ومتنوعة ، يستلزم التشخيص عادة تقريراً كاملاً عن التاريخ الطبي للمريض إضافة إلى عدة إختبارات .
ويشتمل علاج الدوخة المفاجئة على تلافي الوضعيات أو الحركات التي تسبب الدوخة ، إضافة إلى عقاقير مسكنة ومضادة للغثيان وعلاج وضعي قد يقترحة الطبيب .
إتصل بمرشدك الصحي :
- في الحالات الحادة أو المتواصلة ( لأكثر من عدة أيام أو أسبوع ) أو المتكررة
- إن كنت تتناول أدوية لإرتفاع ضغط الدم
- إن كان برازك أسوداً أو مصحوباً بالدم أو عند ملاحظة أي علامات لفقدان الدم
اطلب المساعدة الطبية الطارئة إذا :
- شعرت بالإغماء وأنت تدير رأسك أو تمدّ عنقك ، أو ترافق الاغماء بأعراض أخرى كألم في الصدر أو الرأس ، اضطراب في التنفس ، خدر أو ضعف مستمر ، عدم انتظام ضربات القلب ، غشاوة في الرؤية ، ارتباك ، أو اضطراب اثناء التكلم
- حدثت الاعراض المذكورة عند الاستيقاظ
- حدوث الاغماء بدون مقدمات
- كانت تلك نوبة الاغماء الاولى من دون سبب واضح
- تعرضت الضحيّة لإصابة أثناء الإغماء
بإنتظار وصول العون الطبي ، قم بالتدابير التالية :
إن كانت الضحية مستلقية ، مددها على ظهرها ، ثم راقب ممرها الهوائي ، فغالباً ما يتقيأ المرء بعد إصابته بالإغماء . وإن بدت الضحية على وشك التقيؤ ، اقلبها على جنبها . إستمع إلى صوت النفس وتحقق من النبض . وفي حالة غيابهما ، تعتبر المشكلة أكثر خطورة من مجرد إغماء ، مما يستوجب " الانعاش القلب الرئوي ". إرفع ساقيّ الضحية أعلى من مستوى رأسها ، وإن أغمي عليها وبقيت جالسة ، مددها بسرعة وأرخ ِ الملابس المشدودة
منقوووووووووووووووووووووووووووول