قال له السادات: قد تعلق جثتك في ميدان التحرير لو لم تكسب المعركة.. فأجابه: أنا قابل يا سيادة الرئيس.. من أجل مصر!
المشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية والقائد العام للقوات
المسلحة أثناء حرب أكتوبر 1973، بدأت موهبته تتألق فى الحرب العالمية
الثانية التى اشترك فيها كضابط مخابرات فى الصحراء الغربية، وفى حرب فلسطين
حيث كان قائداً لسرية مشاه فى رفح وغزة ، وتلك الخبرة أهلته ليكون أول من
قام بإنشاء نواة قوات الصاعقة كذلك العدوان الثلاثي.
في البداية رفضت الكلية الحربية إلتحاقه بها، وكذلك الأمر
بالنسبة لأنور السادات ..بدعوى أنهما من عامة الشعب، ولكنه لم ييأس وحاول
ثلاث مرات حتى تم قبوله.
وقد كتب الفريق أول (أحمد إسماعيل) ظروف تعيينه وزيراً
للحربية وقائداً عاماً للقوات المسلحة بقلمه حيث قال : ( كان هذا النهار
أحد الأيام الهامة والحاسمة فى حياتى كلها، بل لعله أهمها على الإطلاق ..
التاريخ 26 أكتوبر1972- 19 رمضان 1392هـ حوالى الساعة الثالثة بعد الظهر،
والمكان .. منزل الرئيس السادات بالجيزة .. كنا – سيادته وأنا – نسير فى
حديقة المنزل .. لم أكن أدرى سبب استدعائى، ولكنى توقعت أن
يكون الأمر هام وخطير، وبعد حديث قصير عن الموقف حدث ما
توقعته حيث أبلغنى سيادته بقرار تعيينى وزيرا للحربية اعتبارا من ذلك اليوم
، وفى نفس الوقت كلفنى بإعداد القوات المسلحة للقتال بخطة مصرية خالصة
تنفذها القوات المسلحة المصرية ليتخلص بها الوطن من الاحتلال الصهيونى (1) ،
كان لقاؤه لى ودوداً إلى أقصى حد ، وكان حديثه معى صريحاً إلى كل حد ،
وعندما أنتهى اللقاء ركبت السيارة لتنطلق فى شوارع القاهرة وشريط من
الذكريات والأحداث والظروف تمر فى ذهنى وأمام عينى .. هآنذا أعود مرة أخرى
لأرتدى الملابس العسكرية حيث كانت آخر مرة خلعتها يوم 12 سبتمبر 1969م
عندما أبلغنى الفريق محمد فوزى وزير الحربية قرار إعفائى من منصبى كرئيس
للأركان ، وأذكر وقتها أننى قلت لوزير الحربية : ( كل ما أرجوه أن أتمكن من
الاشتراك فى القتال عندما يتقرر قيام القوات المسلحة بحرب شاملة ضد
إسرائيل ، وفى هذه الحالة أرجو أن أعود إلى الخدمة ، ولو كقائد فصيلة أو
جندى ).
أشرف البطل (أحمد إسماعيل) بنفسه على تدريبات القوات المسلحة و
فى لقاء مع الرئيس السادات سأله عن إمكانية دخول معركة عسكرية ناجحة ؟
فقال : قواتنا قادرة على ذلك ولكن بالتخطيط والإعداد السليم ، وتمكن فى
شهور من التغلب على مشاكل رئيسية كانت تقف عقبة أمام العبور .
فى
الثامن والعشرين من يناير عام 1973م قامت هيئة مجلس الدفاع العربى بتعيينه
قائداً عاماً للجبهات الثلاث .. المصرية والسورية والأردنية .
وقبل أن
تبدأ المعارك يوم السادس من أكتوبر 1973م كان أحد أربعة يعلمون موعد ساعة
الصفر وهم : الرئيس محمد أنور السادات ، والرئيس السورى حافظ الأسد ، ومحمد
عبد الغنى الجمسى ، وأحمد إسماعيل على.
وفى يوم الثلاثاء السابق ليوم السبت السادس من أكتوبر 1973م
استدعاه الرئيس (محمد أنور السادات) وقال له: ( اليوم الثلاثاء وسوف نحارب
يوم السبت القادم ، ويوم الثلاثاء قد تكون جثتك معلقة فى ميدان التحرير لو
لم تكسب المعركة فهل أنت قابل ؟ فرد.. نعم أنا قابل يا سيادة الرئيس من أجل
مصر ) وفى السادس من أكتوبر قاد قوات الجبهتين الشمالية والجنوبية فى حرب
التحرير .
وعرف عنه إنه ( رجل المهام الصعبة ) وفى تواضع شديد قال : (
لست إلا رجلا من بين هؤلاء الرجال أتاحت الظروف أن أكون فى موقع القيادة
فوفقنى الله بهم ، ووفقنا جميعا إلى تحقيق أمل أمتنا فيها ، وتحقق نصر
أكتوبر المجيدة ).
فى أعقاب حرب أكتوبر أصدر الرئيس ( السادات ) قراراً بترقية الفريق أول ( أحمد إسماعيل ) إلى رتبة ( المشير ) أرفع الرتب العسكرية .
وقد قال عنه الرئيس ( جمال عبد الناصر ) بعد تعيينه قائداً
للجيش فى الجبهة عقب نكسة 1967م : ( إنه يستحق عن جدارة هذا المنصب وقادر
على تبعاته وتحقيق نتائج مبهرة ).
وقال عنه الفريق أول عبد المنعم رياض : ( إنه لا يسمح لأحد سواه فى القوات المسلحة أن يناقشه فى الأمور العسكرية ).
وقال عنه الرئيس محمد أنور السادات : ( إن الأمة العربية لم
تنجب مثله لا فى المعلومات العسكرية ولا فى رباطة الجأش أثناء إدارة
المعركة ).
وقال عنه الرئيس محمد حسنى مبارك : ( إنه نوع فذ من القادة العظام ).
وقال مؤلفو كتاب - حرب كيبور - : ( لم تكن المفاجأة فى
الاستيلاء على نقاط خط بارليف الحصينة وحدها ، كانت المفاجأة هى وجود قائد
مصرى يستطيع أن يحارب بهذه الكفاءة ) .. وكان المقصود بالمفاجأة الأخيرة هو
البطل المشير ( أحمد إسماعيل).
ونشرت مجلة التايمز البريطانية : ( أحمد إسماعيل هو الرجل
الذى خطط لعبور الجيش المصرى فى سرية تامة وتصيد إسرائيل بصورة مفاجأة ،
وإنه يتمتع بشخصية أبوية بالإضافة لقيادته العسكرية ).
وفى الثانى من شهر ديسمبر عام 1974م وقبل وفاته بأيام نشرت
مجلة ( الجيش ) الأمريكية صورة البطل المشير ( أحمد إسماعيل على ) ضمن 50
شخصية عسكرية معاصرة أضافت للحرب تكتيكاً جديداً وقالت : ( أنه القائد
المصرى الذى يتمتع بقدرة هائلة على الصبر وتحمل المفاجآت ولديه ابتسامة
عريضة لا تمكن الصحفيين من التقاط أى معلومة لا يريد أن ينطق بها ).